« الدق والسكات  »
عصام معروف
جميعنا نتابع بصمت المسلسل الديبلوماسي للصحراء المغربية وما يقع فيها من أحداث متتابعة منذ إغلاق معبر الكركرات من طرف عصابة البوليساريو وتحريره بفضل قواتنا الباسلة وفق عملية دقيقة وإحترافية نتج عنها بناء حاجز أمني بالمنطقة وتوالي فتح قناصل دول عديدة بها ،إلى حدود الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ،خطوة (الإعتصام )جعلت البوليساريو والنظام العسكري الجزائري يعيشون في دوامة من الندم على ما أقدموا عليه من خطوات إنقلب فيها السحر على الساحر

تأتي من ورائها خطوة عمياء مخبولة تبين فيها للأعمى قبل البصير مدى إرتباكهم وتلفهم وتشتتهم، تمثلت هذه الخطوة في إنتزاع أراضي فلاحين مدنيين عزل بواحة العرجة الفلاحية بفجيج، جاؤوهم بعسكرهم يهددون ويرعبون من أجل خروج الفلاحيين من أراضيهم التي يستغلونها أبا عن جد ظلما وعدوانا وإغتصابا وإستيطانا ،فبعد الإستماع إلى جميع تصريحات النخبة السياسية في الجزائر حول العرجة تراها متناقضة وغير منسجمة أبدا فيما بينها،فالسفير يقول أن الخطوة إحترازية من كوفيد 19 ومقربي النظام الجزائري يقولون أن جماعة بني ونيف أرادت إستكمال ترابها والاستاذة الجامعيون يقولون أن المغرب قد قنن زاعة القنب وهذا فيه حماية للحدود من القنب!! هذا التضارب في المواقف أعطى للعقل الجمعي المغربي من فلاحة فجيج إلى الموظفين والأطباء والجيش والدرك …وللشعب مغربي قاطبة فهما واسعا عن معاناة النظام الجزائري التي يعيشها ،إذ لا يعقل أن الحدود ترسمت منذ 1972 وتأتي في 2021 لتطالب بأرضك ،الظرفية الأنية واللحظة هي من أتبتث أن نظام العسكر يرقص رقصة الذيك المذبوح فينوح هنا وهناك، خصوصا بعد إستعادة الحراك الشعبي الجزائري نشاطه ويقظته ورفعه للشعارات ترفض العسكر وتدعوا لإقامة دولة مدنية ،الكل أصبح يعلم اليوم أكثر من أي وقت مضى ،مغاربة وجزائريين أن هذه الخطوات ماهي إلا تصريف لأزمة بنيوية خانقة تحاصر النظام الجزائري من كل حدب وصوب ،وهذا مافعله جمال عبد الناصر في مصر إبان حكمه ،فكان كلما إحتج عليه أحد يخبره أنه ليس وقت الحقوق بل نحن مع العدو الخارجي (إسرائيل ،والشرق الأوسط ،والنيل يحاصر ….)إتضح أنهم يريدون جر المغرب إلى ساحة النزاع المادي ليتوقف الحراك بالجزائر ليقولوا لشعبهم (المغرب والعدو الصحراء …) فإن كان النظام العسكري بالجزائر عفا عن المعتقلين ،ثم أعاد الإنتخابات وأعطى دستورا جديدا للبلاد فكل هذا لم ينفع مع الحركة الإجتماعية المطالبة بإقالة كل رموز النظام العسكري الجزائري السابق ، خطوة قام بها العسكر لكي يجابه المغرب بالمثل فيرد بالعسكر والسلاح فيتفرق شعبهم لنتطلي عليه حيلة العدو والأسطوانة المشروخة ومع الأسف هذا مايحدث حينما يحكم العسكر وتغيب الديبلوماسية والسياسة فبدل الجلوس مع الشعب لطاولة الحوار دائما يختار الجنرالات المناوشات والصراعات ،ومع كل هذه الحسابات الضيقة فقد تكرر سيناريو الكركرات وهذه المرة بشكل مضاعف ، فصار شعبنا المغربي مدركا وبوعي تام مايقع في الجزائر ومالذي تريد فعله وأصبح يفهم جيدا لعبة العسكر ، ومن هذا المنبر تحية إجلال وإكبار لأهل فجيج صغارا وكبارا نساءا ورجالا على حضاريتهم وسلميتهم في الخروج للشارع والتنديد بما فعله الشنقريحة وأصحابه وبكل صدق نفتخر أن مدينة كفجيج تنتمي لمحيطنا الجغرافي بالإقليم ،إنها حضارة حقا وتستحق الأفضل دائما هي وأبنائها الأجلاء العظماء ليس من باب الرؤية الفوقية وإنما أقولها بكل إنحناء وتواضع إنه نضج منقطع النظير .
من ناحية أخرى نتضامن مع الشعب الجزائري الشقيق في نضاله من أجل دولة مدنية تؤمن بحقوق الإنسان كمرجعية كونية ،كما تجدر الإشارة إلى أننا لا نريد للجزائر شرا أو إراقة الدماء أو دمارها أو خرابها لكننا ننتظر أن ينتصر الحراك السلمي والحضاري.
في الأخير أعتبر أن فهم الشعب المغربي لهذه الخطوة يعتبر إنجازا ومعيارا لتطور الوعي السياسي للشارع المغربي وبالمقابل وكرأي شخصي لي ثقة كاملة في الديبلوماسية المغربية ستنتصر مرة أخرى وبطليعة الحال نحن كمغاربة نحتفظ بحق الرد ،فيبدو هذه المرة أن وزيرنا المحترم السيد « ناصر بوريطة « هو كمبيوتر هادئ يشتغل في بذكاء ودهاء ،صقر من صقور الديبلوماسية يؤمن بمبدأ « #الدق_ والسكات «