البارحة كان تصريح لمنظمة الصحة الدولية شد انتباهي حيث كان نصه كالتالي (أزمات مثل تفشي فيروس كورونا من شأنها إظهار أفضل أو أسوأ ما في السلوك البشري) ولاحظنا كلنا كيف كانت ردة الفعل التي اتسمت بالهلع والخوف بل وتجاوزتها إلى أنانية مقيتة ظهرت في سعار الشراء الذي أصاب الناس كأنهم قيل لهم غدا تقوم قيامتهم بدون أدنى تفكير لغيرهم. تلك الصور أحسست بالعار والخجل وأنا أتصفحها، ومنها ما رأيتها بعيني من تصرفات أشخاص يحسبون على * النخبة المثقفة الواعية* لكن في الأزمات تظهر معادن البشر.
ولكي نكون منصفين هنالك الجانب المشرق الذي يثلج الصدر حيث انطلقت عدة مبادرات ترفع لها القبعة، تظهر الجانب الآخر الذي لديه وعي بحجم المشكلة، التي هي تمس الجميع وتستلزم تظافر كل الجهود من مواطنين وسلطة وانضباط تام للتوصيات الرسمية والكلام عن التوصيات يجرنا للشق الثاني لتصريح منظمة الصحة العالمية حيث قالت (استراتيجية العزل أظهرت فعالية في الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة) لاحظوا معي كيف أن المنظمة نوهت وأثنت على هذه الاستراتيجية التي جنبت تلك البلدان الكارثة. ولا يستدعي المقال أن أذكركم كيف أن الاستهتار بمسألة العزل والحجر فأصبح الوضع كارثي في إيطاليا. بل سأتكلم عن المريضة رقم 31 (Patient 31) في كوريا الجنوبية وكيف أن الوضع في هذا البلد كان تحت السيطرة حيث سجلت هذه الدولة 30 إصابة كانت كلها تحت الحجر الصحي وهده السيدة تقدمت للمستشفى في 8 فبراير بسبب إحساس بالتعب وكحة ولكنها رفضت إجراء الفحص وغادرت المستشفى ثم قامت بالتنقل في الكنيسة والفندق وعدة مرافق عامة ثم لتعود للمستشفى بعد تدهور حالتها بتاريخ 18 فبراير ليتم تشخيصها أنها مصابة بالفيروس. حسب الاحصائيات هذه السيدة لوحدها كانت السبب لنقل الفيروس ل ما يقارب 1250 تخيلوا معي الوضع في 7 فبراير كانت 30 حالة حاليا بتاريخ 17 مارس عدد الحالات تجاوز 8000 مع العلم أن كوريا بعد اكتشاف الحالة 31 التي رفضت الحجر في الأول قامت بفرض الحجر على مدينة « دايغو » التي تضم أكثر من مليونين ونصف من البشر بسبب استهتار سيدة واحدة……
هذا الوباء عام لن يستثني أحد ولن ينتقي ضحاياه لا على أساس العرق واللون ولا الدين ولا المكانة الاجتماعية، إما أن نتضامن وننجو معا وإما أن تغرق بنا السفينة كلنا الخيار بين أيدينا لأن أكبر عدو لنا حاليا قبل الفيروس هو الانانية الهلع والاستهتار. نلتزم بالحذر والاحتياط نقمع الشائعات وننتقي ما ننقل وننشر الوعي والأهم نلتزم بيوتنا إلا للضرورة فلنكن واقعيين نظامنا الصحي هش ولن يستطيع مجابهة تفشي الوباء على نطاق واسع. أرفع القبعة للسلطات المغربية التي تتخذ إجراءات يجب احترامها و الإلتزام بها، هل هي في وقتها أم متأخرة لا يهم المهم نلتزم بها ونكون مثالا يحتذى لننقذ وطننا.