المحامية الأستاذة سليمة فراجي ترد على رسالة الاستاذ خالد الجامعي : بدل محاسبة النيابة العامة على تطبيق القانون نطالب المشرع بتغيير القانون
اذا كان من الثابت ان النيابة العامة هي جزء من السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية طبقا للفصل 107 من الدستور ، يرفع رئيسها تقريرا الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية ويتم عرضه ومناقشته امام لجنتي العدل والتشريع بالبرلمان ، وكان المجلس الدستوري ، المحكمة الدستورية حاليا ،صرح بقتضى القرار 991-16الصادر بتاريخ 15مارس 2016المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 31مارس 2016ص 2879 ، انه من حق البرلمان مناقشة تقرير رئيس النيابة العامة باعتباره تقريرا يهم الشأن القضائي ،يسوغ للبرلمان تدارسه والأخذ بما فيه من توصيات مع مراعاة مبدأ فصل السلطات ،كما اعتبر القرار ان المشرع باعتباره المختص بوضع السياسة الجنائية يحق له تتبع كيفيات تنفيذ هذه السياسة قصد تعديل المقتضيات المتعلقة بها وتطويرهااذا اقتضى الحال ،لذلك فان المؤاخذات وتوجيه اللوم الى النيابة العامة واعتبارها مستغلة للنفوذ ومتعسفة في استعمال السلطة وسلطة قاهرة لا يقف احد في وجهها تدوس بقدمها على القانون الجنائي والدستور على حد تعبير الاستاذ خالد الجامعي في رسالته المفتوحة الى جلالة الملك ، تتناقض مع كون النيابة العامة مطالبة بتطبيق القانون الجاري به العمل ، ولا يمكنها التغاضي وغض الطرف عن افعال يعتبرها القانون الجنائي جرائم معاقب عليها ،واذا كانت هناك مقتضيات تمس بالحقوق والحريات تقتضي المراجعة او التتميم او التجويد، فان المشرع باعتباره المختص بوضع السياسة الجنائية يحق له تتبع كيفيات تنفيذ هده السياسة قصدتعديل المقتضيات المتعلقةوتطويرها اذا اقتضى الحال ، لذلك فان ما ينبغي ان نناضل من اجله هو تغيير بعض نصوص القانون الجنائي المجرمة لبعض الافعال الماسة بالحريات الفردية انسجاما مع دستور 2011 , علما ان القانون الجنائي الحالي يرجع تاريخه الى 1962 كان يتناغم مع دستور 1962 ، اما حاليا وبالنظر الى التزامات المغرب الدولية والى المرجعية الدستورية التي رفعت سقف الحقوق والحريات يتعين ان تطرح للنقاش بعض النصوص التي يعتبرها الحقوقيون متجاوزة ، ماضوية ،ووصمة عار على جبين مجتمع حداثي ، ولعل النقاش العمومي الدائر سيجبر لا محالة المشرع على اعادة النظر في بعض المواقف المتشددة ،لان القاعدة القانونية مستقاة من نبض المجتمع وان اي تشريع يشيع الظلم اكثر مما يحدثه من عدل يكون مصيره التجاهل او التحايل ، تماما كما يقع بالنسبة للإجهاض ، او العلاقة الجنسية الرضائية بين راشدين المجسدة لسكيزوفرينيا مجتمعية أصبحت موضوعا للنقاش العمومي ، من منا لا يتذكر واقعة المرحومة آمنة الفيلالي ، لما انتحرت المرحومة بناء على زواجها من المغرر بها ، وقعت هبّة شعبية تطالب بإلغاء وحذف مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 475 ، كنت انذاك عضوة لجنة العدل والتشريع ، فأرغمنا على ترك بعض مشاريع ومقترحات القوانين جانبا للانكباب على دراسة ومناقشة والاستماع الى مختلف الاّراء ومقترحات الجمعيات الحقوقية والمؤسسات الدستورية من اجل الحسم في الموضوع و حذف الفقرة الثانية التي كانت تعفي من العقاب المغرر بالقاصر في حالة الزواج بها ، لذلك ما دامت نصوص القانون الجنائي تجرم بعض الافعال فان النيابة العامة ستحرك المتابعة ضد اي مرتكب لفعل يعتبره القانون الجنائي جناية او جنحة او مخالفة ، لاننا في دولة الحق والقانون والدستور المغربي ينص على التقيد بالقانون ، لكن اذا تم تغيير القانون او تعديله او تتميمه، فان الأمور ستختلف ، بتغيير السياسة الجنائية و سن قوانين تتلاءم مع أسمى قانون في الأمة الذي هو الدستور والذي نص في تصديره الذي يعتبر جزء منه ان المغرب يلائم تشريعاته الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها ، وفي بابه الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الاساسية خصوصا الفصول 21 و22 و23و24 المتعلقة بسلامة الاشخاص وأقربائهم وممتلكاتهم ، وعدم جواز المعاملة القاسية المهينة ، وممارسة التعذيب ، وشروط إلقاء القبض والاعتقال التعسفي ،وحماية الحياة الخاصة ،وانتهاك الحرمات.
ومادام مشروع قانون رقم 16-10 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي في طور تقديم التعديلات وتجويد النصوص من طرف النواب وانه سيعرض للتصويت في دورة اكتوبر المقبل فانه من الأهمية ، بدل المحاسبة واللوم وموجة الفوران من مختلف المنابر احتجاجا على النيابة العامة التي ينحصر دورها في حسن تطبيق القانون وسلامة الاجراءات والتصدي لكل مظاهر الإخلال والانحراف وحماية الامن والنظام العام ورعاية الحقوق والواجبات مع الحرص على التوازن بينهما بما يخدم الحق العام وصالح الوطن ، ان يتم تسليط الضوء وتكثيف النقاش من طرف المختصين في المادة الجنائية من اجل اغناء النقاش البرلماني وذلك بانخراط كليات الحقوق ومختلف الخبراء والباحثين وجمعيات المجتمع المدني في اطار الانفتاح والتفاعل من اجل التدقيق وإبداء وجهات نظر تعبر عن رغبة الأمة في تغيير النصوص ، كما وقع إبان تعديل مدونة الاحوال الشخصية قبل ان تصبح مدونة الاسرة ، اوالاجراءات المتخذة قبل تعديل المشروع المعروض للنقاش للفصل 1-453 اذ تم رفع التجريم عن حالات الإجهاض اذا نتج الحمل عن اغتصاب او زنا المحارم او كانت الحامل مختلة عقليا ، او إصابة الجنين بامراض جينية او تشوهات خلقية خطيرة .
سليمة فراجي
Aucun commentaire