يروي المؤرخون أن معاوية كان يتأذى من نواقيس كنائس الروم عندما شاخ ،فلا يستطيع النوم،ولما نفذ صبره،جمع حوله الناس وقال:من منكم ينفذ ما امره فأعطيه دية اعجلها له،وديتين اذا رجع؟
استجاب رجل ،وكان عليه أن يذهب الى قصر قيصر،فاذا صار بحضرته،أذن !
عندما شرع الرسول في الاذان،هم البطارقة بضرب عنقه،لكن قيصر منعهم قائلا: الا تعلمون ان معاوية قد شاخ ،وان نواقيسنا تؤذيه فاراد ان نقتل هذا على الاذان،ولكن والله ليعودن اليه سالما!
عاد الرجل سالما مما جعل معاوية يتعجب،لانه تلقى رسالة من حاكم لا يقل عنه دهاء بدل مقتل مبعوثه كما كان يتوقع !
كان هذا المدخل الموجز ضروريا لنبحر نحو اقصى المشرق العربي،حيث يسير ،،الامة،،هناك حاكم يعتز بلقب السلطان العريق:انه جلالة السلطان قابوس بن سعيد حاكم سلطنة عمان ذات التاريخ الحافل بالاحداث،ولكن هل يملك شيئا من حنكة معاوية؟
ان لهذه السلطنة تراثا بحريا غنيا ،ذلك ان اهل البلد قد عرفوا ببراعتهم في الغوص واستخراج اللالىء ،بل انهم يصنعون سفنهم التقليدية بايديهم،ويعيشون في شبه بحبوحة بعدما تجنبوا الصراعات التي انهكت اخوانهم بباقي الاقطار.
والى جانب الوضع شبه المتميز لهذا البلد،فانه يختزن جزءا من مكر التاريخ،ذلك ان الطوفان الذي استجاب فيه رب العزة للنبي نوح ليس ببعيد عنه ،ناهيك عن شذوذ قوم لوط عليه السلام،حيث ان الاعاصير المتكررة هناك ربما لا تخلو من رسائل !
أمس،تجشم الوزير الاول الاسرائيلي عناء رحلة شاقة نحو هذا البلد للقاء السلطان قابوس مضمرا أهدافا بعضها معلن،وبعضها الاخر لا يعلمه الا بنو اسرائيل الذين يأخذون أكثر مما يقدمون!
ولعل مظاهر استقبال الزعيم الاسرائيلي جديرة باهتمام الفضوليين السذج مثلي.
وهكذا،وفي الوقت الذي كان الضيف الاسرائيلي يلبس لباسا عصريا متسلحا بابتسامة زوجته،،سارة،،عالمة النفس(خاصة النفس العربية)،فان المضيف كان يقف بزيه التقليدي الذي ينتهي بنعل من صنع محلي بسبب عجز الاحذية المعاصرة -ربما- عن احتواء قدميه !
غير أن ما يثير اكثر،هو هذه الخناجر الثقيلة والتي لا تصلح لشيء،عدا انها تنتصب امام بطون حامليها معلنة استعدادها للارتداد نحو الخلف اسوة بكل الاسلحة العربية!
لقد حظي نتانياهو بما يليق من الحفاوة في جنبات القصر المنيف ،وقدمت له البيانات حول تاريخ الاوهام التي تمت في الازمنة الغابرة على ايدي ملك الجن وتابط شرا،ثم عنترة والمخاريق،،راس الغول،،!
لقد قدرت موقف الزعيم العربي ومشاعره وهو يتلقى نظرات العينين العبرانيين للماكرة،،سارة،،التي لم يكن حضورها بروتوكوليا فقط،فطالما تمكنت حسناوات اسرائيل من أسر وتفكيك قلوب المسؤولين العرب وضباطهم كما انكشف بعد هزيمة حزيران!
ولا زال الاسرائيليون يوظفون المراة من أجل عزة،،وطنهم القومي،،حتى ان الوزيرة الحسناء،،تسيبي ليفني،،قد اعترفت بمغامراتها مع مسؤولين عرب من اجل انتزاع اسرار ومكاسب تحت تأثير الحميمية!
معاذ الله ان الوم السلطان قابوس ان هو استسلم لنظرات ،،سارة،،فالعربي حيثما ولد،مجبول على الانهيار اذا وجد نفسه وجها لوجه مع احدى فتن بنات حواء!
هل نسيتم ،،مادلين اولبرايت،،وزيرة خارجية امريكا العانس وذات الاصول الاسرائيلية؟
لقد كانت هذه المراة المكتنزة تجلس أمام مخاطبيها من العرب ورجلاها منفرجتان نحو المجهول الذي ينشغل به الناظر حتى ينسى ماسي امته ويلعن فلسطين التي تظل حاجزا امام تواصل اكثر نفعا من الجدل العقيم!
يقولون بان زيارة نتانياهو جاءت بعد زيارة عباس استكمالا لمشروع تفاهمات يحرص جلالة السلطان قابوس على رعايتها: لا يسعنا الا ان ندعو له بالتوفيق فيما عجز عنه كل الاخرين،اما ،،سارة،،فهي اول الرابحين من هذه الرحلة بما سيتقاطر عليها من هدايا من صنف هدايا بلقيس لسليمان الذي رفضها،بينما لن تستطيع سارة رفض الكرم العربي خاصة اذا كان المقصود امراة،،برانية،،وحسناء،،(الله يهديكم)!
قبح الله ،،اولبرايت،،فلطالما نقضت وضوء الراحل عرفات ،فلا هو قضى منها وطرا،ولا هو حقق السلام لشعبه،اما السلطان قابوس،فليس من حقه أن يستعجل بني اسرائيل الذين لا يقدمون من البعير الا اذنه!