من جراح المرأة البدوية
لم يكن الزواج رغبة حالمة لكل الفتيات في البادية،لأن هذا الحدث البارز في حياة الجنسين غالبا ما كان ينقل العروس إلى أجواء تشعرها بالندم والحسرة بسبب ما ينتظرها من أعباء تحولها إلى مجرد أداة انتاج!
وهكذا،وعلى خلاف ما يحدث اليوم،حيث تنتظر الفتاة موعد الزفاف بشوق،فإن نظيرتها في الماضي كانت تذرف الدموع وهي تخرج من بيت الأهل مكرهة في غالب الأحيان لتقتسم الحياة مع شخص ،،كالمعيذي،،ربما أن تسمع به خير من أن تراه!
لقد ارتبطت جل النساء بأشخاص لا يعرفن شيئا عنهم عدا أنهم ،،سوذراع انسن،،بمعنى أنهم قادرون على القيام بالأعباء التي لا تخرج عن الرعي ثم الفلاحة وما يرتبط بها.
صحيح أن الزواج كان،،ناجحا،،لأنه كان قدرا تنصاع له الأنثى فتقبل الحياة الجديدة رغم أن شريكها قد يقضي بعد عمر مديد دون أن يعرف ميول زوجته ورغباتها التي تنتقل معها الى قبرها!
إنها سياسة الأمر الواقع التي خضعت لها جل أمهاتنا قبل أن تفرضها الدول القوية في مجال العلاقات الدولية.
إن من يقلب صفحات الماضي ببلدتنا،لا بد أن ينتابه الألم وهو يتذكر كيف كان الرجل يفرض على المرأة مساواة قسرية:فهو يشركها في كل الأعمال الشاقة التي سادت يومئذ من قبيل نتر الحلفاء والحصاد والعناية بالقطيع…
لقد كان مألوفا أن تجد المرأة الى جانب الرجل حيثما كان لتقاسمه الأعباء لتتخلى عن أنوثتها وتتحول الى كائن خشن اليدين والرجلين عليها أثواب وضيعة مما يجعلها تتجرع الغصص بمجرد أن يقع بصرها على امرأة قادمة من المدينة وهي تحتفظ بكامل أنوثتها وتتبختر في ثيابها الأنيقة!
لم يكن من الوارد أن يكون للمرأة دفتر مطالب،فهي تعيش تحت رحمة زوج فظ أو حماة تتحكم في كل شيء وتوزع فتات الحقوق مقرونة بكثير من اللوم والتنقيص من القدر حتى تلجم الألسن فلا تتجرأ على الشكوى!
وبما أن الفصل فصل الحصاد والمتاعب بالبادية لا سيما في الماضي،فلا بأس من تخليد ذكرى المرأة هناك من خلال حادث يلخص مكانة الأنثى لدى بعض الناس على سبيل المثال.
كانت إحدى قريباتي متزوجة بشخص معروف بقدرته على التحمل في مزاولة كل الأعمال الشاقة،وشاءت الصدف أن يقترن موعد وضع حملها مع فصل الصيف،إذ لم يعد يفصلها عن الوضع إلا أيام معدودة.
ورغم أن الحمل كان باديا للعيان،فإن ذلك لم يشفع لها لدى الزوج لترتاح،بل إن صاحبنا كان يوقظها في الصباح الباكر جريا على العادة من أجل الحصاد الذي كان له فيه باع طويل ويريد من الزوجة الحامل أن تسايره فيه!
عندما لاحظ الزوج الفظ بأن شريكته لا تسايره،نبهها لبذل مزيد من الجهود،فلما تكررت ملاحظاته،أفهمته بأن وضعها الصحي لا يسمح لها بأكثر مما تفعل،فغضب صاحبنا وألقى بمنجله جانبا ثم اختفى مزمجرا.
أسقط في يد المسكينة،وارتعدت فرائصها وهي التي تعرف صولاته حين يغضب فراحت تتوسل الى الله أن تسلم الجرة.
حمل الغضب الزوج الهادر الى واد مجاور فاختار من حجارته واحدة بمواصفات محددة:مستديرة وبحجم عدة كلغرامات ،ثم ربطها الى بطنه وعاد الى،،ساحة الوغى،،وقد أصبحت بطنه ناتئة فجأة.
تقدم نحو الزوجة ،،الفنيانة،،في نظره ثم خاطبها:
)أذييلي أوسيمي يذقل بحال تو ؟)
-أيكون جنينك بحجم هذا الحجر؟
-(والله أورث اسرسغ ألغا ثمدل ثالسث)
والله لن أضعه حتى يحل الظلام!
استأنف الرجل عملية الحصاد بعدما فرض على نفسه حملا اصطناعيا،بينما اكتفت الزوجة المسكينة بمواصلة العمل وقد فوضت أمرها الى الله،ولن يوقفها عن ذلك إلا خروج الجنين إلى الحياة ليفتح عينيه على أم أريد لها أن تكون بمواصفات رجل كذلك!
ليتنا فتحنا سجلات أمهاتنا في القديم لنطلع على هول المعاناة التي وقف الإباء دون كشفها!
Aucun commentaire