إننا كلما ما حاولنا عبثا أن نبحث للحكومة المنتهية ولايتها عن أي شيء يمكن أن ننسبه إليها .. كلما حاولنا ذلك إلا و كان الفشل و الذهول من نصيبنا ، بل كانت الصدمة أكثر و أكثر ، وخاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يُسَوِّقُهُ دُعاة الكذب والبهتان من أوهام و أحلام لا توجد إلا في أذهان مُرَوِّجيـها و أذهان البعض من مُؤيديهم من مسلوبي الإرادة و مُعَطّلي التفكير.. وعليه فهل يمكن الادعاء بتغير شيء منذ ذلك التاريخ ، و ها هي قد انقضت خمس سنوات عجاف بالتمام والكمال ؟ . بل يُمكننا القول أيضا : إن الوضع قد ازداد تأزما و تفاقما.
ولْيَسْمَح لنا فُرقاء اليوم وشركاء الأمس القريب ،أن نُسيءَ معهم الأدب قليلا و نُزعج راحة جَنابهم الموقر ، ببعض من التساؤلات التي لا تزال معلقة إلى حد كتابة هذه السطور.. وقد عمدنا إلى صياغتها في قالب استنكاري مُبَطّــَن تجنبا للحرج ، مع العلم أننا مُتيقّنون مائة في المائة أن الإجابة عنها بالإيجاب غير موجودة أصلا، و لن توجد في المدى المتوسط على أحسن تقدير .. وبالتالي ، و إلى الذين يَتَوهمون و يريدونَنا أن نَتوهم مَعهم أن الوَضع المغربي  قد تَحسّن أو لِنقل قد تَملمَل نحو الأفضل بمجيئهم .. إلى هؤلاء و هؤلاء نقول ، وبكل حسرة و أسف :
ألا يزال الفقراء يبيعون أعضاءهم ليعيشوا و يطعموا أبناءهم ؟
ألا يزال الفقراء يَمدون أيديهم مُتسَوِّلين ومُتَوَسِّلين المارّة الصدقات ؟
ألا يزال الفقراءُ يُقذفُ بهم خارج المستشفيات بدعوى عدم التوفر على بطاقة « رميد » ، أو بدعوى انتهاء صلاحيتها أو بذرائع أخرى ؟
ألا تزال النساء تَـلدن أمام و على رَدهات المستشفيات إن هن أفلحن في الوصول إليها أصــلا ؟
ألا يزال المتسَوّلون يملؤون الساحات و مداخل الجوامع والبنوك و الإدارات العمومية و الأسواق ، ما يشي إلى الزائر بمدى العناية التي يوليـها أولياء الأمور إلى الفقراء و المحتاجين ؟
ألا يزال اللّصوص يَعيثون هدرا و نهبا في المال العام دون حسيب أو رقيب ؟
ألا يزال أباطرة السوق يمتصون دماء المغاربة بتزكية من الحكومة ؟
ألا يزال كبار العفاريت والتماسيح المستفيد الأول من الصناديق المُعَدّة لدعم الفقراء ، و كذا من برامج التنمية و إعادة الهيكلة التي وضعت أساسا من أجل خدمة الفقراء والمحتاجين ؟
ألا يزال هؤلاء العفاريت ذاتهم،المستفيد الأول من مُدّخرات صندوق المقاصة ، و على الخصوص في ميدان المحروقات ؟
ألا يزال الانتهازيون يصرفون أموال الشعب في مجالات لا تَمُس إلى الشعب بصلة ، من قبيل اقتناء السيارات الفارهة و إقامة الحفلات الباذخة و تنظيم المهرجانات التافهة ؟
ألا يزال أصحاب الثروة يتهربون ،بل يمتنعون عن دفع الضرائب المستحقة عليهم، هذا دون أن نتحدث عن الضريبة عن الثروة التي لطالما تغنى بها رئيس الحكومة الفاشل و جوقته ؟
ألا يزال المتهمون بإهدار وسرقة المال العام ينعمون بالحماية و الرعاية ،بعيدا عن أي مساءلة أو محاسبة ؟
ألا تزال حَفنة من التماسيح و العفاريت تتحكم في رقاب أزيد من 40 مليون مواطن ، بتعطيل تنزيل بنود الدستور المعدل على علاّتــه ؟
ألا يزال القضاء يتلقى تعليماته عبر الهاتف من طرف دوائر القرار والسلطة ؟
ألا يزال اللصوص يُهَرّبون أموال الشعب خارج البلاد و تحت أعين « حراس الوطن » ، الذين يَغُضّون أبصارهم عن ملاييـر الدراهم المُهاجرة إلى خارج الــوطــن ؟
ألا تزداد الهوة اتساعا يوما بعد يوم ،بين الطبقات المجتمعية ، بفعل تفقير طبقات و إغناء أخرى ،ما قد يخلق نوعا من الاختلال في بنية المجتمع ككل ، ويهدد استقراره و وحدته ؟
ألا يزال الكثير من الموظفون « السامون » يتسلمون أجورا تفوق الخيال و ما يعادلها من امتيازات وتعويضات ؟
ألا يزال المواطن يضطر لتقديم الرشوة من أجل قضاء حوائجه اليومية ؟
ألا يزال المواطن يَضطر الى دفع  » القهيوة » إلى الممرضات والممرضين بالمستشفيات العمومية ، لتوفير خدمات لفائدة مرضاهم ..فيما يحرم الآخرون من حقهم في الرعاية و العناية التي يكفلها دستور الدولة ، و يفرضها ميثاق المهنة ؟
ألا يزال المتظاهرون السلميون من مختلف الفئات و الطبقات يتعرضون للتنكيل و الإهانة على مرآى و مسمع من العالم ،و بتجاهل مقصود أحيانا من وسائل الإعلام ، كلما خرجوا ليُسمعوا أصواتهم ضد الحيف والقهر و الشطط ؟
ألا يزال الموظف يُقال من منصبه بحجة الانتماء السياسي أو الاختيار الفكري والأيديولوجي ، بعيدا عن أي مسطرة قانونية تَحفَظ له الحق في الدفاع عن نفسه ،أو حتى عن مجرد استيضاحٍ حَول ما حلّ به ظلما و حَيْفا .
بل ، لا يزال و لا يزال و لا يزال الكثير و الكثير مما قيل وما قد يقال !! و إن لم يجد أصحابنا إياهم ، خَجلا مــن الإجابـة بالنفي والإنكار، فليقولوا ما يشاؤون ، عملا بالأثر المشهور : إذا لم تستحيي فافعل ما شئت وقل ما شئت.
أما نحن ، لا يسعنا إلا أن نصرح في الناس أجمعين ، دون أن يُشَكّل لدينا ذلك أي حرج ، لأن الواقع لا يرتفع، و الحقائق لا تَخجَل ..
الحصيلة الساطعة.. و للحقيقة و للتاريخ نقول : لا الفقرَ حاربتم ولا الفساد ..وإنما الفقراء حاربتم ، وقتلتم فيهم بارقة أمل ، كانت لا تزال تهدي سبيلهم نحو المستقبل ، قد بدأت تتوهج مع النسيمات الأولى للربيع المغربي المجيد ، الذي عملتم بما أوتيتم من بهتان و تمويه على إخماده وإقباره في مهده .