عشر حكم يمكن ان يستخلصها المسؤولون من الانتصار الافريقي لجلالة الملك
ان الانجاز التاريخي الذي حققه جلالة الملك باسترجاع المغرب لمكانته الافريقية لا يمكن الا ان يكون درسا سياسيا مثاليا حول الحكمة الديبلوماسية والعبقرية السياسية التي يتميز بها المغرب. لذا فان المسؤولين في الحكومة و مراكز القرار ملزمين بأخذ العبرة من هذا الدرس السياسي .ويمكن استخلاص عشرة حكم من هذا الانجاز الملكي:
1- رغم التعب فان الاصرار كان هو السمة البارزة في المبادرة الملكية فزياراته البعيدة في العمق الافريقي دليل على هذا العزم والاصرار. وهاتان السمتان لا تجدها عند اغلب المسؤولين حيث يكتفون بالتسمر في مكاتبهم والتلذذ بإعطاء الاوامر دون القيام بزيارات ميدانية لمحيط عملهم.
2- الملك لا يتخذ قرارات فردية بل لديه طاقم من المستشارين وبعض الوزراء ذوي الخبرة يستشيرهم في القضايا الكبرى مما يدل على النجاح الذي تحققه الديبلوماسية المغربية بقيادته عكس بعض المسؤولين الذي يستفردون بالقرارات ولا يهتمون بالرأي الاخر.
3- الملك نقل الحرب الديبلوماسية الى معاقل الاعداء وهذه استراتيجية ذات بعد سياسي قوي وهي نوع من تطويق المشكل من جذوره . هذه شجاعة سياسية في مواجهة الازمات الشيء الذي يفتقده غالبية المسؤولين الذين يتخبطون في حل مشاكل المواطن التي تتفاقم يوما بعد يوما بدل العمل على تطويقها من جذورها.
4- الملك اعتمد مقاربة تنموية تشاركية لتحقيق الاستدامة للقرار السياسي دون اغفال العمق التاريخي والجغرافي والديني. وهذه المقاربات يغفلها غالبية المسؤولين في بلادنا وهذا ما أدى الى فشل العديد من المشاريع التنموية.
5- الملك اعطى درسا للسفراء والقناصل المغاربة بالبلدان الافريقية ليبين لهم فشلهم في تدبير الامور خاصة وان الاعداء تمكنوا من اختراق عدة حكومات افريقية أمام أعينهم.
6- الملك قدم خطابا متزنا موضوعيا في القمة الافريقية لكنه يحمل في دلالاته استراتيجية سياسية عميقة ترتكز على اخذ المبادرة والتحكم في زمام الامور وتغيير شروط اللعبة السياسية التي فرضها الاعداء على الساحة الافريقية. هذا النوع من الخطاب غير موجود عند المسؤولين بل لا نرى الا تهريحا شعبويا يثير اليأس و الملل.
7- الملك توجه مباشرة بعد نهاية القمة الافريقية الى جنوب السودان وهي الدولة الحديثة الناتجة عن حركة انفصالية وتتعاطف مع البوليزاريو .وهذه اشارة قوية الى ان العمق الافريقي لن يرتبط مستقبلا بمن يؤيد او لا يؤيد اطروحة الاعداء ولكن لمن لديه القدرة على تحقيق التنمية والتعاون الاستراتيجي حتى ان المغرب قرر مساعدة هذا البلد في بناء عاصمته الجديدة مما يعتبر رسالة مشفرة الى الاعداء ومؤشر على نجاح الديبلوماسية المغربية.
8- الملك عند ذهابه الى اديس ابابا عاصمة اثيوبيا قبيل انعقاد القمة الافريقية كان على ثقة تامة بأنه سيدخل القمة من الباب الواسع. وهذا ما يسمى في ادبيات السياسة بالانتصار الديبلوماسي. نعم انها الخطوة السياسية المحسومة النتائج وكذلك الثقة التامة في النفس. وهذه مسألة حيرت اعداء الوطن الذين حاولوا ايقاف هذا الانتصار لكن فشلوا. أين مثل هذا التخطيط وهذه الثقة وهذا الحسم في النتائج عند المسؤولين
9- عندما انهى الملك خطابه في القمة الافريقية وقف بشموخ ولم يتقدم نحو المهنئين بل تقدموا اليه بكل فخر لتحيته في جو مهيب جعل الخصوم مذهولين أمام التواضع الكبير التي تحلى به الملك .رسالة قوية على عودة المغرب ليس كعضو بل كقيادة جديدة في المجتمع الافريقي. هذا التواضع و هذه الثقة في النفس وهذا الشموخ هما ايضا غير موجودين عند العديد من المسؤولين.
10- التخطيط الزمني الذي نهجه الملك لتحقيق الهدف عبر القيام شخصيا بعدة جولات للدول الأفريقية دليل على التدبير الاستراتيجي المدروس بدقة وعناية كما ان التوقيت الزمني لكل زيارة لم يكن اعتباطيا . وهذا درس جيد للذين يسارعون في تحمل المسؤولية وهم غافلون عن أهمية التخطيط الزمني لكل اشكالية وعن الزمن المناسب لاتخاذ القرار.
هذه الحكم او الدروس ليست الا نتاجا لعمل متواصل يعتمد على الرؤية الواضحة وعلى الفطنة السياسية التي يجب ان يتحلى بها كل من يطمح الى ولوج مناصب المسؤولية . لكن في مغرب اليوم لا نرى مثل هذه الامور في الادارة المغربية ولعل ذلك ما يتضح جليا عندما لا ترى النتائج الايجابية على ارض الواقع حتى تحول الكل الى تبني سياسات عشوائية تتشابك خيوطها في الزمان والمكان لتتوقف الة التنمية الى اجل مسمى.
محمد مومني moumni6@hotmail.com
Aucun commentaire