ما قل ودل من فكر العلامة مصطفى بن حمزة: تغيير الجنس -8-
أعده للنشر: أحمد الجبلي
لقد كثر الحديث عن المقاربات حسب النوع، كما كثر الحديث عن محاولات زواج مثليين في بلادنا، وهذه المحاولات عرفت استنكارا شعبيا كبيرا، ولقد يستسغ المجتمع أن يرى رجالا من حين لآخر يخرجون إلى الشوارع متبرجين ويتسربلون بأزياء نسوية مما جعل هؤلاء يتعرضون للضرب والشتم على اعتبار أنهم يمرقون عن الفطرة وأن المجتمع المغربي مجتمع سليم ولا يحق أن يرى فيه مثل هذه الظواهر، كل هذا أدى إلى طرح أسئلة جديدة تدور حول تغيير الجنس وهو نفس السؤال الذي طرحته جريدة الجريدة الأخرى في عددها ليوم 6 مارس 2006، فتصدى علامتنا الدكتور مصطفى بن حمزة للسؤال مجيبا بقوله:
إن من الخطأ اختزال جنس الرجل أو المرأة في وجود عضو تناسلي، وهو يوهم بإمكان الارتحال الطبيعي من جنس إلى آخر بمجرد تغيير العضو التناسلي. والواقع أن جنس الفرد تشكله مقومات عديدة ليست التركيبة الفزيولوجية، وخلايا الذكورة والأنوثة إلا واحدة منها. ولا أنكر في هذا السياق أن هناك من يرى رأي سيمون دي بوفوار التي كانت ترى أن المرأة أراد لها المجتمع أن تكون امرأة، وأن بإمكانها أن تكون ما تشاء. والواقع أن مثل هذا القول ليس إلا طرحا من الأطاريح التي يتباهى بها دعاة المقاربة بحسب النوع، وهو لا يمثل الحقيقة النهائية في الموضوع. وإلا فما أكثر الدراسات المتخصصة التي تتجاوز قول مفكرة تقول في العلم البيولوجي من منطلق أهليتها وتخصصها في العلوم الإنسانية، فتضايق المتخصصين في مجال تخصصهم، وهم يقررون حقائق تنتمي إلى حقول معرفية هم أدرى بها.
إن من نتائج الانسحاب من الجنس واللجوء إلى غيره أن يؤثر على وضع الأسرة أصالة، وعلى وضع المجتمع بالتبع، ولنا أن نتصور أن أبا اختار التحول إلى جنس امرأة ، هل يصبح داخل الأسرة أبا باعتبار ما سبق؟ أم أن الطفل في هذه الأسرة تصير له أم حقيقية وشخص آخر ليس أما ولم يعد أبا؟ والأمر نفسه يقال عن الأخ الذي يتحول إلى أخت، والأخت التي تتحول إلى أخ، هذا مع استحضار كثير من الانعكاسات والآثار الفقهية والقانونية التي قد تقع على باقي أفراد الأسرة جراء هذا الارحتال ومن ذلك مثلا أن أثر وجود البنت على الورثة هو غير وجود الابن الذي يمنع الأب من التعصيب، ويمنع باقي العصبة من الإرث، إلخ.
وبكيفية إجمالية فإن ارتباطات وعلاقات أسرية تهتز اهتزازا واضحا حينما يغير الفرد جنسه خصوصا وأن أسرنا الإسلامية لازالت في الغالب أسرا ممتدة ومترابطة العلاقات.
إن من آثار تغيير الجنس أن تؤثر على الأحكام الشرعية تأثيرا واضحا فلا يدرى هل يتحول الأب الذي غير جنسه إلى ميراث أم وهو ليس أما كما أنه لم يعد أبا، وهذا لايفضي إلى خلل كبير في شبكة الإرث.
إن مشيئة الله اقتضت أن تعمر هذه الأرض بجنس الذكور والإناث، ليستمر النوع على نحو متوازن، وحين يعم الانسحاب من جنس ما، يقع الاختلال طبعا.
لقد أفضت عمليات الاختلال بالطبيعة إلى أخطار أصبحت تهدد وجود الإنسان، وقد عرف الإنسان بعض آثار هذا التدخل في مسار الطبيعة حينما حول الإنسان الحيوانات العاشبة إلى حيوانات لاحمة، فكان جنون البقر، والأمراض الناتجة عن التغذية الهرمونية نذرا لإنسان، وهي تدعوه إلى الكف عن هذا العبث المدمر. إن عملية تغيير الجنس تتوسل إلى غايات بالتدخل في الهرمونات محاولة إبراز خصائص منعدمة في الجسد، وهو ما يؤدي حتما إلى إلحاق الضرر بالجسد.
Aucun commentaire