المغرب يهيئ لمرحلة جديدة
بقلم د. محمد بالدوان
bouddiouan76@gmail.com
بعد انتخاب المالكي رئيسا لمجلس النواب، علق أحدهم وهو يريد إعادة أمجاد اليسار والاتحاد الاشتراكي: « المخزن واعر » ! قلت فعلا هو « ما شي ساهل »! خاصة حين ترتمي بعض قوى اليسار في أحضان التحكم والسلطوية.
وقال آخر وهو يطمح إلى إقامة الجماعة خلافة على منهاج النبوة: « لو لم يتدخل بنكيران بين المخزن والشعب!!! آآآه لو تركوا الشعب أمام المخزن وجها لوجه!!!
قلت والله من يرى بأن قوة بنكيران قادرة على حماية المخزن، أو إعاقة قوى القومة، ليست له القدرة بأن يدير بلدية بكفاءة و نزاهة، فما بالك بأن يقود خلافة على منهج النبوة!!!
لا مفر من النزاهة الفكرية والصرامة المنهجية حين نهم بمقاربة قضايا سياسية جد معقدة.
يتساءل المرء: لم مُنع البرقع في هذا الوقت بالذات؟ لم أغلقت مدارس فتح الله كولن الاسلامي بالمغرب، فتبع ذلك مناهضة القرار بالاحتجاج؟ ولم اعتقل شباب من العدالة والتنمية على خلفية تدوينات فيسبوكية وحوكموا بقانون الارهاب؟ وكيف سارع الرميد إلى إمضاء بلاغ مع حصاد لادانة المدونين؟
إن ما يجري تهييء لمرحلة جديدة تتجاوز عناوينها قوى التحكم، بل إن المتحكمين يراقبون التحولات الراهنة، ويعملون على حسن التموقع للاستفادة من مخرجات المرحلة، لا بل يبدو أنهم يعملون على خلط الاوراق لتصويب ضربة قاسية إلى القوى الديمقراطية في البلاد.
ليس عبثا أن يصرح أخنوش من آكادير بأنه لن يدع المغرب يسقط بين يدي الظلامية، خطابه كان موجها إلى الخارج بالاساس، قبل أن يكون معروضا للاستهلاك الوطني.
تبعا لذلك وأمام جلال اللحظة ودقة المرحلة، من عظيم الخطأ أن تنساق قوى الاصلاح وراء الخطابات الراديكالية، والانجذاب إلى تعبيرات عاطفية تجاه المشكلات الدينية أو السياسية، وإن كل سلوك ينحو بهذا الاتجاه سيضعف رجالات الاصلاح وسيزيد من الاجهاز على مكتسبات القوى الديمقراطية، فأجمل هدية يمكن أن تقدمها قوى الاصلاح لخصومها هي أن تكرس صورة نمطية تظهرها ضد الحداثة أو ضد المصالح العليا للوطن.
لذلك ينبغي الاسراع بمغادرة النقاش التقني عن جدوى صناديق الاقتراع؟ ومن حصد أكبر المقاعد؟ فذاك نقاش سطحي حقيقة، إن عمق النقاش اليوم عند قوى الاصلاح ليس في من اعتلى رئاسة النواب؟ أو من له القدرة على فرض شروطه؟ بل إن السؤال العملي الثائر هو كالآتي: ما الانفع للوطن ولقوى الاصلاح؛ المشاركة في التسيير الحكومي مع صد ما يمكن صده من تراجعات في زمن الجزر؟ أو التخلي عن تشكيل الحكومة والاستعداد إلى معارضة بناءة بعد اعادة الانتخابات؟ والقوي هو من له القدرة على حساب الفرص والمخاطر بدقة في كلا الاحتمالين.
ولكن دعوني أجزم في كل الاحوال بأن قوى الاصلاح لا يمكن أن تغامر بأي سلوك سياسي غير مأمون العواقب على وطنها أو ذاتها، فهي طالما رددت بأنها ترفض الكرسي الفارغ، كما أن سر قوتها يكمن في إحسانها لعبة تنزيل الاصلاح على قدر الطاقة والاستطاعة. ولكن بنفس القدر أجزم بأنها مستعدة للتنازل عن الرئاسة وقت ما تأكد عندها بأن الانسحاب يجلب مصلحة راحجة إلى الوطن.
Aucun commentaire