هل يتعلق الأمر بفشل بنكيران أم بإفشال التجربة الديمقراطية ؟
هل يتعلق الأمر بفشل بنكيران أم بإفشال التجربة الديمقراطية ؟
محمد شركي
يتحدث معظم من يخوض إعلاميا في موضوع تشكيل الحكومة الثانية بعد دستور 2011 عن فشل الأمين العام لحزب المصباح المكلف بتشكيل الحكومة في مهمته . ومعلوم أنه من دلالات فعل فشل في اللسان العربي أنه يعني : ضعف ، وتراخى ، وكسل ،وخاب ، ولم يحقق ماكان يأمله، وجبن ، وفزع ، وذهبت قوته ، وأخفق ، وهم بالأمر ثم نكل عنه ، وخسر ، وعجز ، وأفلس، وذهبت ريحه أي قوته كما يقول الله عز وجل في الذكر الحكيم : (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )). فأية دلالة من هذه الدلالات يقصد الذين يصفون رئيس الحكومة بالفشل في تشكيل الحكومة ؟ فهل تراخى وكسل ؟ أم لم يحقق ما كان يأمله ؟ أم جبن وفزع ؟ أم خاب وخسر ؟ أم عجز ؟ أم هم بالأمر ثم نكل عنه ؟ أم أفلس ؟ أم ذهبت ريحه ؟ أم جميع ذلك ؟ فمن المعلوم أن تشكيل الحكومة على ضوء نتائج انتخابات السابع من أكتوبر الماضي صار رهينا بهذه النتائج التي لا يستبعد تدخل أياد خفية فيها إذا ما وضعنا في الاعتبار الأحداث التي سبقتها كمسيرة الدار البيضاء التي تنكر لها من نسبت إليهم وحسبت عليهم ، وما راج حول ظروف التصويت من تدخل من لا يحق لهم التدخل فيه بموجب قواعد اللعبة الديمقراطية ، وما كان من عزوف شريحة عريضة من المواطنين الفاقدين للثقة في الانتخابات عن التصويت . وفي مثل هذه الظروف تقلصت فرص تشكيل الحكومة بشكل مرن وسلس، خصوصا بعدما عمدت بعض الأحزاب التي قل رصيدها من المقاعد في البرلمان أمام رصيد حزب المصباح وحزب الجرار إلى التكتل من أجل فرض وجودها في عملية تشكيل الحكومة بشروط تمليها وتفرضها على حزب المصباح ، فكان ما يسمى » بلوكاج » الذي يعني شل القدرة على الفعل . والسؤال المطروح ممن وقع البلوكاج ، وعلى من وقع ؟ فهل الأحزاب التي اجتمعت وانضمت إلى بعضها هي من تسببت في شل القدرة على تشكيل الحكومة أم أن المكلف بالتشكيل هو من فعل ذلك أم هما معا ؟ ومن هو الطرف الفاشل بإحدى الدلالات التي سردت أعلاه لفعل فشل أو بها جميعا ؟ ويبدو أن القضية لا تتعلق بفشل بقدر ما تتعلق بعملية إفشال للتجربة الديمقراطية لأنها أفرزت ما لم تكن ترغب فيه جهة ما لا تريد لعبة ديمقراطية جدية في البلاد بل تريد لعبة ديمقراطية صورية تكون تضليلا وذرا للرماد في العيون. ولقد صارت عملية تشكيل الحكومة بفعل فاعلين متوارين عن الأنظار أو في الظل كما يقال عبارة عن مساومات يحكمها منطق : » ماذا أكسب من المشاركة في الحكومة؟ » حيث يكون المكسب شرطا في المشاركة . ولقد كشف تنصيب حزب الوردة على رأس البرلمان عن سيادة منطق المساومة في قضية تشكيل الحكومة . ولقد أثار هذا التنصيب استغراب المتخصصين في المجال القانوني . ولا شك أن ما سيلي عملية توزيع اللجان البرلمانية سيؤكد حقيقة ليست خافية ، وهي أن ما حدث هو إفشال العملية الديمقراطية وإفراغها من دلالاتها ، وأن ما يسمى فشل رئيس الحكومة هو مجرد تمويه على هذا الإفشال، وأن في الأمر تواطؤ بين الفاشل الموصوف بالفشل والمفشل ـ بكسر السين ـ
Aucun commentaire