Home»Correspondants»حكايا استاد متقاعد ـ الحلقة 8 ـ : دراسة السياسة،

حكايا استاد متقاعد ـ الحلقة 8 ـ : دراسة السياسة،

0
Shares
PinterestGoogle+

أشرت في البداية إلى أن بعض الأساتذة قد استطاعوا التحكم في توجيهنا من خلال التحليلات التحريضية التي اختاروا أدواتها من نصوص مختلفة للفلاسفة والشعراء الملتزمين!
لقد حمل هؤلاء المدرسون نصوص السياب أكثر مما تطاق ليستخرجوا منها ما يشير الى رموز القمع والتعذيب وكل ما يعزز كراهية الأنظمة العربية والأوضاع القائمة!
وهكذا، تولد في نفسي شعور باختيار شعبة ترضي فضولي وتسمح لي بفهم أعمق لمظاهر القهر والظلم التي بالغ أساتذتنا في تضخيمها إلى أن نشأ في نفوسنا احساس بتبخيس كل شيء جميل لأن فيه بصمة للدولة!
بهذا الاندفاع الزائد عن حده،اخترت شعبة ،العلوم السياسية،!
دأبت منذ أيام دراستي الأولى على الميل إلى كل ما فيه مسحة إنسانية أو عاطفة جياشة- ربما بسبب يتمي المبكر-
لذلك أغرمت بالأدب بمفهومه الواسع ،نثرا وشعرا،إلى درجة أنني كنت أحفظ شعرا كثيرا وفي مختلف الأغراض،ناهيك عن الذوبان في الأدب المهجري وما كان على شاكلته من الإبداعات العالمية.
لقد كان مكاني الطبيعي في مدرجات الأدب التي كان يؤطرها يومئذ أساتذة مرموقون من المغرب والمشرق،لكن نزق الشباب حال دون التعمق في مروج الأدب!
إن المواد التي يتكون منها مقرر الشعبة التي اخترتها،هي مواد لا أنكر أهميتها التنويرية،فهي مواد أنزلتنا من التصورات الخيالية إلى وقائع لا مكان فيها للعاطفة والأحاسيس.
إن الطالب في هذه الشعبة مدعو للتعامل مع نصوص مجردة أعمل فيها منتجوها العقل بكل ما فيه من إبداع مجرد يجعل القارىء طرفا محايدا لايملك رأيا،ولا ينتظر منه أحد ذلك!
اكتشفت بعد فوات الأوان،بأنني قد ابتعدت عن الطريق التي تسمح لي بمواصلة السير بأقل جهد ،وألقيت بنفسي في أتون المواد التي توهن الذاكرة،ولا تهتم بالجانب المرهف في الإنسان!
لقد كان علينا أن ندرس تاريخ الفكر السياسي،والعلاقات الدولية،ثم أنواعا أخرى من فروع القانون،تسمح مجتمعة بفهم كثير من ألغاز دواليب الدول،تخضع لمقومات لا دخل فيها للشعر والفلاسفة الحالمين!
يمكن إيجاز المسألة ببساطة في نظري:
لقد صنعت بعض الشعوب وقادتها الكبار المسار الذي يسمح لها بالتحكم في ناصية العالم على المدى البعيد،بينما نكتفي نحن في دول الجنوب بقراءة تاريخ ومضامين الاتفاقيات الدولية دون أن تتمكن دولنا من المساهمة في بنودها!
لقد استفاد الغرب من نهضة الشرق ذات زمان،فأصابه الهلع وقد وصل المد الإسلامي إلى خاصرته،فأعد العدة ليحاصرنا،ويفرض شروطه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!ص

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *