الشأن التعاضدي بين مطرقة مدونة التعاضدد وسندان الصيادلة
و أنا أتابع و أتصفح بعض الجرائد الوطنية, انتابني شعور بالدهشة و الاستغراب لما وقع بصري على عنوان بالبند الغليظ في إحدى الجرائد الوطنية يقول : (( الصيادلة يعلنون حالة « تأهب » « للتصدي » لمشروع قانون « يهدد » القطاع)) أي القطاع الصيدلي. و لكن الحقيقة أن ما شدني لقراءة المقالة لصاحبها من فاس هو حشر التعاضديات في هذا الموضوع. وبصفتي فاعلا تعاضديا رأيت أنني ملزم بالرد و توضيح بعض المغالطات الواردة في هذه المقالة.
أنشأت التعاضديات و هي جمعيات تعاونية تهتم بما هو اجتماعي مرتبط بتأمين المنخرطين من أخطار و دوائر الزمن بموجب ظهير شريف رقم 1/57/187 بتاريخ 12 نونبر 1963 و الذي بموجبه تمتلك التعاضديات حق إنشاء مرافق صحية تتيح للمؤمنين المنخرطين الاستفادة من خدمات طبية كعيادات الأسنان و المصحات و مراكز التحليلات و غيرها الفصل 38. منذ هذا التاريخ إلى اليوم لم نسمع أن الصيادلة « تأهبوا » ضد العلاجات التي تقدمها المؤسسات الصحية التعاضدية و هنا يأتي السؤال: لماذا يتم هذا اليوم فقط؟
كلنا يعلم أن الحكومة كانت قد وافقت في وقت سابق على مقترح لوزير الصحة يسمح بموجبه لأصحاب رؤوس الأموال الاستثمار في القطاع الصحي و من المعلوم أن المصحات الخاصة بإمكانها أن تستورد الأدوية من الشركات الموزعة دون المرور عبر الصيادلة, أما التعاضديات عكس المصحات الخاصة تتزود من الصيدليات عبر الطرق المعروفة. (طلبات التزود les demandes d’achat– الفواتير التي تقابل هذه الطلبات – و وصول التسليم ) وإن كانت المقترحات التي تم ادخالها في المدونة تسمح اليوم بذلك.
مشروع مدونة التعاضد الذي يناقش مع الفرق البرلمانية يحتوي على العديد من النصوص و البنود التي من شأنها أن تلحق الضرر الكثير بالعمل التعاضدي الذي يسدي خدمات صحية و خدمات إدارية تتعلق بالتأمين الصحي لما يقارب مليونين من المأمنين من موظفي ومتقاعدي الوظيفة العمومية, ناهيك عن مليونين آخرين من ذوي الحقوق. المسؤولين عن القطاع التعاضدي يجرون لقاءات في البرلمان لشرح موقفهم من هذه البنود والدفع نحو تعديلها بما يخدم مصلحة الوصاية في الرقابة و تحصين العمل التعاضدي و كذلك المحافظة على حق المنخرطين المتعاضدين و من يمثلهم من المنتخبين. أنا هنا أستغرب موقف الصيادلة من خلال فدرالية نقاباتهم التي تقف بهذه الجرعة الزائدة في وجه التعاضديات التي تقدم خدمات صحية محدودة لمنخرطيها فقط، في حين لم أقرأ في المقالة شيء يهم مصحات القطاع الخاص. استغرابي زاد و أنا أطالع جرائد أخرى تتكلم عن لقاء تم بين رئيس إحدى التعاضديات و الهيئة الوطنية للصيادلة و الفدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب تطالب مجلس النواب إلى إجراء تعديلات على مشروع التعاضد بهدف حماية مصالح و أموال المنخرطين و تماشيا مع القانون المنظم لمهنة الصيادلة. هذا الجمع خصص لتدارس مشروع مدونة التعاضد مطالبا أنه لا يمكن المصادقة على بعض بنودها حيث اقترح الطرفان إجراء تعديل على المادة 138 في الفقرة المتعلقة بتوريد الأدوية بطريقة تحفظ مكتسبات المنخرطين التي نص عليها ظهير 1963 و تتماشى مع القانون المؤطر لمهنة الصيادلة. أنا في هذه المقالة لا أستطيع إبداء رأي حول هذا اللقاء على اعتبار أن المادة التي قرأتها تبدو لي غير متناسقة الأفكار و الأهداف و لكن سأعتمد على فهمي, و المسؤولية على عاتق كاتب المقالة حول اللقاء المذكور آنفا و أضع الأسئلة التالية:
– هل تنسق التعاضديات فيما بينها للتحاور والتشاور مع مقدمي العلاجات والصيادلة لتوحيد الرؤية والمطالب والتفاهم حول النقاط التي يقع فيها خلاف؟
– أين هو دور الإتحاد التعاضدي و ما محله مما يجري خاصة إذا علمنا أن التعاضديات ترسل منفردة من يلتقي مع الفرق البرلمانية لشرح مبتغاه و مؤاخذاته على مدونة التعاضد؟
– لماذا توجه البنادق إلى التعاضديات التي تقدم خدمات صحية هي بالأساس اجتماعية تؤمن الحاجيات الصحية لشريحة ذات مدخول محدود و لا يمكن لأغلبية منخرطيها ولوج الخدمات الصحية للقطاع الخاص و بذلك تساهم في استتباب و استقرار عدد كبير من الموظفين و المتقاعدين؟
– لماذا يعترض مقدموا العلاجات والصيادلة من خلال ممثليهم على فصل المهن الذي انخرطت فيه التعاضديات مع الوزارة الوصية استجابة للمادة 144 من قانون 00.65 بمثابة التأمين الإجباري عن المرض؟
– أما آن الأوان للتعاضديات أن تتحد و تحتج بكل الطرق القانونية و تضغط بكل قواها مسنودة بآلاف المنخرطين و ذوي الحقوق التابعين لها لردع محاولة البعض القضاء على الخدمات الاجتماعية التي تقدمها التعاضديات لمنخرطيها و الحيلولة دون رميهم في افواه التماسيح؟
في الأخير أقول أن الدول التي تريد أن ترفع من مؤشر جودة الحياة فيها تهتم بالأساس بالعمل الجمعوي خاصة الذي يخدم المجال الاجتماعي عامة و الميدان الصحي على وجه الخصوص, و ما عدد الجمعيات التي توجد في الدول المتقدمة و التي تحصى بالملايين إلا خير دليل على أن الجمعيات تقدم خدمات كبيرة للمجتمع و تساهم في استقراره و تطوره و تقدمه. نعم صيادلة المغرب من حقهم الدفاع عن مصالحهم, لكن في اعتقادي أنهم مطالبون نظرا لمكانتهم الاعتبارية في المجتمع أن يكونوا أول المدافعين عن العمل الجمعوي التضامني لأن مصلحة الوطن والمجتمع فوق كل اعتبار آخر.
محمد حمو
عضو المجلس الإداري للتعاضدية العامة للتربية الوطنية
– الكاتب العام لتعاضدية الوحدات الصحية و الاجتماعية للتربية و التعليم
– الكاتب الجهوي لممثلية التعاضدية العامة للتربية الوطنية بوجدة
1 Comment
انطلاقا مما جاء على لسان الكاتب الجهوي يرجى من الاخوة المنخرطين والاخوات المنخرطات في التعاضدية العامة للتربية الوطنية الدفاع عن مكتسباتهم والوقوف ضد مايحاك ضدهم واخد الحدر والحيطةوالضرب من حديد على كل من سولت له نفسه التامر ضد مكاسب رجال ونساء التعليم