ما الذي ينقص المدرسة العمومية ؟ 2
مازالت بعض العقليات لم تتخلص من حب النفس والعزف على وترة البراكماتية ( النفعية ) حتى أنك تحس أننا لا نضع الرجل المناسب في المكان المناسب في وقت يعرف فيه العالم سباقا نحو تقديم تعليمه على طابق من ذهب ، لازال بيننا من يتعامل بمنطق فوقي يسعى إلى التنظير من برج عاجي دون أن يجلس ليتعرف على الواقع ليقدم نفسه كباحث يتعايش مع الواقع المزري ليجد حلولا نافعة ، حبذا لو تتحسن العقليات وتحسن نياتها وتدرك أنه لايصح إلا الصحيح والباطل بطلانا ، في الأيام الماضية طالعتنا جرائد أمريكية تتحدث عن إعفاء مسؤولين تربويين من مهامهم لأنهم لم يقدموا جديدا في المجال التربوي منذ ثلاثة أعوام ، أما نحن فلم يقدم أحدنا منذ سنين عددا شيئا سوى حب المنصب والسعي للترقي ، والكلام المتعجرف الذي لا يليق بأهل التربية والتكوين ، وانتقاء العبارات والشعارات البراقة التي سبق و أن ذكرنا أنها لاتواتي قدنا ولسنا أهلا لأن نوفر لها الواقع الذي يوازي قدها ، لو يتتبع أحدنا تاريخ إصلاحات منظومتنا التربوية يجد أنها على الورق محكمة متقدمة وهادفة ولكنها ليست لواقع مثل واقعنا ، لو كنا عالجنا مشاكلنا ببعض إنتاجنا النابع من ذواتنا لكان حال تعليمنا أفضل بكثير وربما بكلفة أقل بكثير لكننا ومع الأسف دائما عندنا فوق الجراح جراح ، بسبب اعتمادنا في كثيرمن إصلاحاتنا على غيرنا والجميع يدرك أن الخياط لا يليق به أن يفصل لباسا يرتديه كل إنسان لأن صنعته تفرض عليه أن الناس يختلفون في الطول والقصر والسمنة والنحافة ناهيك عن الذوق والميول والاختيار ، مدارسنا في العديد من قرانا وحتى في شبه المدن وحتى في المدن أحيانا يحج إليها أطفال لم يعرفوا يوما كيف يكون الجلوس على كرسي الدرس ومعظم البيوت لايدخل إليها الكتاب إلا في محافظ التلاميذ وقد لاتهتم الأسر بالتعلم بل الذي عليه أن ينقذ الموقف هو الأستاذ هذا الرجل الكريم وهذه المرأة الكريمة فينبغي أن يعلم من وكلت إليهم رسالة الأنبياء أن الله لايضيع أجرهم كلما تضاعفت جهودهم وأن لايهتموا بمن لايسعى لتسهيل الطريق أمامهم و أن يكون خوفهم دائما من الله عز وجل لا من زيد ولامن عمر ما كان همهم تنوير العقول الصغيرة البريئة وأن الأستاذ هم من يستطيع وضع الأصبع على الداء وهو من يستطيع تقديم وصفة العلاج وعلى من يحيطون به من أمهات و آباء ومجتمع مدني وإدارة وهيئة تأطير تربوي و سلطات أن يقدموا الدعم الازم المادي والمعنوي كل حسب اختصاصاته ومهامه بثقة متبادلة وحسن نية وتواضع و خلق حسن لايريد أحد من وراء ذلك إلا خدمة الصغار دون عجب أو كبرياء والله من وراء القصد ، وكلنا يحفظ حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام : ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) وقد ذهب شراح هذا الحديث إلى أن النبي كرر اللفظ -فهجرته إلى الله ورسوله- لنبل وصلاح الهجرة الأولى ولم يكرر اللفظ في الهجرة الثانية الاستصغار هذا العمل فاللهم اجعلنا من الذين يحسنون العمل طلبا لرضاك في الدنيا والآخرة ، وصدق من قال : من أراد الدنيا عليه بالعلم ومن أراد الآخرة عليه بالعلم ومن أرادهما معا عليه بالعلم . لا ليرتقي سلاليم الدنيا على أنقاض الآخرين ولكن ليرتقي بالدنيا إلى الآخرة ، فإن الدنيا دار من لادار له
Aucun commentaire