تأملات في إصلاحات المنظومة التربوية
وأنا أتأمل ذات مرة بالقرب من باب إحدى المدارس الابتدائية توافد المتعلمين الصغار على اختلاف أعمارهم ، منهم من يأتي راجلا ومنهم من أخذت أمه أو أبوه بيده حتى أوصلوه إلى باب المدرسة ، ومنهم من يأتون به على متن سيارة ، كان استقبالهم في المستوى المطلوب وكان يبدو أن العمل في صالح الصغار جار على قدم وساق ولعل هذا كما نحسبه ينسحب على كل المؤسسات ، إلا أن الذي أثار انتباهي كل شرائح المجتمع تتفق أن مستوى التحصيل بات ضعيفا في الأعم الغالب وأننا كنا في الماضي أحسن حالا مما نحن عليه الآن على الرغم من التطور الحاصل في الثورة العلمية وتعدد الطرائق وكثرة الوسائل … فأين يكمن الخلل ؟ هؤلاء الأطفال الذين أثقلت كواهلهم بمحافظ مكتظة الحمولة ووراءهم الأمهات والآباء والأولياء ، يدعو التأمل في حالهم إلى الشعور بالحسرة والأسف ، حتى الذين يتفوقون ويحصلون على شواهد يصطدمون بتعاقب الحكومات التي تجعل منهم طوابير من العاطلين يتناوبون على مراكز مختلفة يحوزون دبلومات متنوعة أمام ركود شبه تام في سوق الشغل وإذا حاولوا الاحتجاج السلمي دفاعا عن حقوقهم قد يتعرضون للقمع
إن الأمة إذا عزمت بحق على إصلاح منظومتها التربوية ، وهي بذلك تستثمر في العنصر البشري أساس كل نهضة حقيقية عليها أن تنظر بمنظور شمولي إلى تحقيق ثورة على جميع الأصعدة ، متخذة بعين الاعتبار مقومات المجتمع والتخطيط الشمولي البعيد المدى ويضمن المساوات وتكافؤ الفرص ، الذي لا يتعرض فيه المواطن للإهانة وسلب الكرامة كيفما كان مستواه المعرفي والثقافي
الإصلاح ليس معناه اعتماد تجارب خارجية وليس معناه كثرة وكثافة المعرفة ولاضخ الأموال في كل الاتجاهات ولكنه وضع الأصبع على الداء الذي قد يكون يعرفه القاصي والداني ويتغافله الإصلاح ويصدق المثل ( لايطاع لقصير أمر ) ومهما يكن فإن الطبيب يقول : وجبة من العدس كافية لسد الرمق
وقد نقول هذا الكلام لغيرتنا على هذا الوطن الحبيب وما يزخر به من مقومات يمكنها ان تجعله في مرتبة غير التي هو مصنف فيها الآن سواء تعلق الأمر بالتعليم أو بالصحة أو غيرهما طبعا إذا توفرت الإرادة الصادقة عند الجميع
الذين يطاردون المناصب لايصلحون ولايصلحون ولكن الذين يصلحون وتبعث بهم الأمة هم الذين يخافون من الله حقا ويخافون من ظلمهم للعباد ويسعون إلى إحقاق الحق و إبطال الباطل
وقد ورد في إحدى الحكم أن رجلا كان يظلم رجلا آخر ، فقال المظلوم : لقد تعايشت مع ظلمك ! فقال الظالم : ولم ؟ قال المظلوم : لأن الموت مصيري وإياك والقبر يضمني ويضمك والحساب يجمعني وإياك والديان يحكم بيني وبينك ، فانظر ما أنت فاعل
فاللهم حقق في الدنيا رجاءنا واجعل بلدنا آمنا سخاء رخاء إنك ولي ذلك والقادر عليه
2 Comments
تحية تربوية أخي العام كوطاي
تحية تربوية أخي العام كوطاي