ردود على مقال خارج الصواب وتحليل فئوي ضيق الأفاق للدكتور عمر بوكنانة

–         توصلت بمقال لطبيب بالنقابة المستقلة عن طريق البريد الالكتروني، ينتقد فيه موقف النقابات ضد تصرفات الطبيبة بمصلحة الأشعة بوجدة وليس ضدا في الطبيبة في حد ذاتها، و إن كان حق الانتقاد و حرية التعبير مكفول بالدستور المغربي نصا و تطبيقا ينعم به المغاربة ضدا على ما يقع في محيطنا الجغرافي، في عدد من الدول العربية و الإفريقية التي أصبح فيها انتقاد سياسة الحكومة جريمة تؤدي به لا محال إلى السجن بدعوى الإرهاب.

–         إلا أنني أجد عدد من المغالطات اتسم به المقال، و سوف أحاول سردها باختصار:

1.                      القطاع الصحي المغربي الراكد الذي ذكرته في مقالك، هل هو بسبب الميزانية المخولة إلى قطاع الصحة التي لا تتجاوز 6 % من الميزانية العامة، أو بسبب أخر نعرفه جميعا كموظفين بوزارة الصحة و نخشى أن نذكره مخافة من إغضاب بعض الموظفين الذين يتخذون النقابات كذريعة للتستر على  غياباتهم المتكررة و مردودياتهم الضعيفة اتجاه القطاع العام و اشتغالهم بل تفانيهم في عملهم بالقطاع الخاص،كل ذلك ضد الصواب لإرضائهم أسفا بشتى الوسائل و إن كانت غير أخلاقية بهدف الاستقطاب.

2.                      أما عموم الموظفين الذين شاركوا في إضراب 29 أكتوبر حسب زعمك، فأعتبرها من المبالغة بحيث لم يتجاوز عدد المضربين عتبة 20% ، دون الأخذ بالأرقام الرسمية التي هي في حدود %12، ثم كيف يمكنك تبرير دواعي الإضراب الذي دعت إليه النقابات و الأحزاب السياسية المتمخزنة  » نموذج الأصالة و المعاصرة » التي لا تملك، لا شعبية و لا نقابة و جماعة العدل و الإحسان التي هي جماعة دعوية و سياسية و لا علاقة لها بالعمل النقابي بأن تشارك إلى جانب النقابات، و الأدهى من ذلك أن من دواعي الإضراب كان بالضبط مشروع إصلاح التقاعد الذي لا يهم إلا 600 ألف موظف من 3 ملايين و نصف موظف من القطاع العام و الشبه العمومي و الذي هو مجرد مشروع حكومة مازال رهن النقاش و لم يطبق بعد، أكثر من ذلك تم إقحام في الإضراب حتى القطاع الخاص الذي لا يهمه المشروع لا من قريب و لا من بعيد، كيف يمكن إقناع المناضلين الشرفاء في ا.و.ش.م الدخول في هذا الإضراب العام الذي سطر لنفسه أهداف سياسية لإسقاط الحكومة على الطريقة « السيسية و الحفترية و الحوثية ».

3.                      بخصوص الوقفة الاحتجاجية ضد الأطباء فهاته مغالطة أخرى، فالأحرى أن تقول الوقفة الاحتجاجية ضد الفساد و التستر على الإفساد ، فانخراطنا في هذا المسلسل النضالي ما هو إلا عربون مبادئ و منطلقات نقابتنا التي اتخذت شعارا  » الواجبات بالأمانة و الحقوق بالعدالة » ، و إن أخلت الإدارة في حق من حقوقنا لا نفرط في واجباتنا ، كما لا ينتابنا المنطق الطائفي و الفئوي في تعاملنا مع الأحداث سواء تعلق الأمر بممرض أو مهندس أو طبيب أو تقني أو إداري أو غيره من الفئات …..

4.                      أما عن انتقال الممرضة المنتمية إلى ا.و.ش.م -الصحة-إلى مصلحة أخرى بدعوى عدم التخصص/ فالسؤال المطروح لماذا لم ينتبه المسئولين لهذا الأمر منذ أكثر من 10 سنوات قد خلت   ? ? إلا حاجة في نفس يعقوب عليه السلام و إن كان سيدنا يعقوب بريء ما قد يخطر في بال البشر من سوء الظن و القذف و التدليس و ……..، كذلك هو الشأن بأم موسى عليه السلام.

5.                      أما باتهام كل النقابات المنفتحة على كل الفئات باستثناء النقابة المستقلة للأطباء « الفئوية » بالتواطئ مع الحكومة وتوظيف إياها في صراع مع الأطباء فهذا كذلك إجحاف في حق النقابات، لأن كل النقابات تزخر بعدد مقتدر من الأطباء بعضهم تجده حتى على رأس النقابة كمسؤول وطني فكيف سيحدث ذلك ???.

خلاصة يمكن القول أن التحليل خارج عن إطاره الواقعي و غلب عليه البعد الفئوي الضيق و الانحياز الأعمى يذكرنا بالنماذج الحكومية العربية التي تتصدى للثورات باسم التصدي للإرهاب و للديمقراطية باسم  التصدي لهيمنة الإسلاميين على الحكم عند فوزهم والتصدي للحق و محاربة المصلحين باسم حماية الفئوية الضيقة.

خير ما أختم به قولي قوله سبحانه و تعالى « يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ » .

و الله ولي التوفيق
طبيب و مناضل شريف بالجامعة الوطنية لقطاع الصحة تحت لواء ا.و.ش.م