نموذج في الوفاء !
إننا في هذه الحياة الدنيا نعيش في سوق كبير ..التجارة فيه إما مع الله أو مع الشيطان… السلع معروضة … ولكل قادم على السوق ما يشاء وما يختار … والرابح في هذه السوق هو الصادق- الوفي في تجارته مع الله : التجارة التي لا تبور .<<يآ أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين >> ويخبرنا رسول الله <صلى الله عليه وسلم >يقينا بأن الصدق يهدي إلى البر ،والبر يهدي إلى الجنة… ثم يؤكد أن العبد لا يزال يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا … وإن الصادق- الوفي ؛ هو الإنسان السوي والذي لا يهمه من دنياه إلا رضى : رب سميع مجيب رقيب ، حين أصبح الصدق والوفاء في زماننا بضاعة نادرة في مجال المعاملات ، وقد يبلغ الصادقيبلغ بصدقه ما لا يبلغه الكاذب باحتياله ….
قال عليه الصلاة والسلام :اضمنوا لي ستا من أنفسكم، أضمن لكم الجنة :< أصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا أئتمنتم ،واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ،ووكفوا أيديكم >[ما أجمل ـ الوفاء ـ عندما يعيشه الناس في واقعهم ، وما أحسنه حينما يكون مقرونا بالصدق .. هذا ما تربى عليه جيل القرآن في مدرسة النبي العدنان ///
{نموذج في الصدق والوفاء }
أتى شابّان إلى عمر وكان في المجلس، وهما يقودان رجلاً من
البادية فأوقفوه أمام عمر بن الخطاب قال عمر: ما هذا، قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا، قال: أقتلت أباهم؟ قال: نعم قتلته، قال كيف قتلتَه؟
قال دخل بجمله في أرضي، فزجرته، فلم ينزجر، فارسلت عليه حجراً، وقع على رأسه فمات.
قال عمر: القصاص.. الإعدام.. قرار لم يكتب. وحكم سديد لا يحتاج مناقشة، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل، هل هو من قبيلة شريفة؟ هل هو من أسرة قوية؟ ما مركزه في المجتمع؟ كل هذا لا يهم عمر لأنه لا يحابي أحداً في دين الله، ولا يجامل أحداً على حساب شرع الله، ولو كان ابنه القاتل، لاقتص منه، وقد جلد ابناً له في بعض الأمور.
قال الرجل: يا أمير المؤمنين: أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض، أن تتركني ليلة؛ لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فأُخبِرُهم بأنك سوف تقتلني، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا، قال عمر: من يكفلك أن تذهب إلى البادية، ثم تعود إليَّ، فسكت الناس جميعاً، إنهم لا يعرفون اسمه، ولا خيمته، ولا داره، ولا قبيلته، ولا منزله، فكيف يكفلونه، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على أرض، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف.
وقع عمر في حيرة، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل، وأطفاله يموتون جوعاً هناك، أو يتركه فيذهب بلا كفالة، فيضيع دم المقتول ، ثم التفت إلى الشابين، أتعفوان عنه؟ قالا: لا، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين، قال عمر: من يكفل هذا أيها الناس، فقال أبو ذر الغفاريّ: يا أمير المؤمنين، أنا أكفله، قال عمر: هو قَتْل، قال: ولو كان قاتلاً، قال: أتعرفه؟ قال: ما أعرفه، قال: كيف تكفله؟ قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين، فعلمت أنه لم يكذب، وسيأتي إن شاء الله، قال عمر: يا أبا ذرّ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك ! قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين، فذهب الرجل، وأعطاه عمر ثلاث ليالٍ؛ يُهيئ فيها نفسه، ويُودع أطفاله وأهله.
وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد، يَعُدّ الأيام عداً، وفي العصر نادى في المدينة: الصلاة جامعة، فجاء الشابان، واجتمع الناس، وأتى أبو ذر، وجلس أمام عمر، قال عمر: أين الرجل؟ قال: ما أدري يا أمير المؤمنين، وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وسكت الصحابة واجمين، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله.
صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد، لكن هذه شريعة، لكن هذا منهج، لكن هذه أحكام ربانية، لا يلعب بها اللاعبون،.
وقبل الغروب بلحظات، وإذا بالرجل يأتي، فكبّر عمر، وكبّر المسلمون معه، فقال عمر: أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك، ما شعرنا بك، وما عرفنا مكانك، قال يا أمير المؤمنين، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى
3 Comments
ما حقيقة و خلفية خلاف ابو ذر مع عثمان و معاوية .
هل كان ابو ذر رافضيا. لماذا لا يجيب علماء مدينة 200 مسجد.
السلام عليكم ورحمة الله /ما أكثر ما اتفق عليه الجيل الذي وصفه القرآن […أشداء على الكفار رحماء بينهم ..] [ ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ] [ … يحبون من هاجر إليهم … ] لكن البعض يقتفي أثر بعض المستشرقين في التنقيب عن مواطن الخلاف ويسلطون عليها الأضواء …فهلا نظرنا إلى الاجابي ؟؟ وفي قصة عيسى [ع]مع تلاميده الحواريين عبرة أخي السائل :{مر عيسى ـ ع ـ مع الحواريين على كلب ميت ، فقالوا : ما أنتن رائحة هذا الكلب !؟ فقال عيسى ـ ع ـ أنظروا ، ما أروع بياض أسنانه !!! }اللهم اهدنا إلى الرشد والسداد.. وفي خلق الوفاء المذكور أعلاه نموذج لمن أحسن المربي ـ ص ـ تربيتهم !