واقع السياحة بالجهة الشرقية وسبل النهوض بالقطاع
مازال القطاع السياحي الذي يعد احد أهم الأنشطة الاقتصادية بالبلاد لم يستثمر بعد في الجهة الشرقية, بل ولا زال لم يرق بعد إلى الأبجديات الأولى للعمل السياحي نظرا للوضعية التي يعيش عليها واقل مايمكن أن يقال عليها أنها دون مستوى التطلعات بالنظر إلى المقومات والمؤهلات الطبيعية المتنوعة التي تزخر بها المنطقة والتي من شانها إن تجعل من المنطقة قطبا سياحيا متميزا نظرا للموقع الاستراتيجي الهام المنفتح مغربيا وأوربيا على اعتبار أن مدينة وجدة حاضرة مغاربية وبوابة اورومتوسطية بامتياز.
إن الرهان السياحي بالجهة الشرقية يخضع للظرفية السياسية مع الجارة الجزائر , فالطلب السياحي على العموم , ضعيف جدا بعد إغلاق الحدود المغربية الجزائرية خلال سنة 1994 إذ لم يتزايد عدد السياح خلال الفترة الممتدة من 1995 إلى 2005 إلا بنسبة 21,12 بالمائة وكذا بالنسبة إلى الليالي السياحية فلم تزد نسبة النمو عن 22,66 بالمائة خلال نفس الفترة فمن الضروري اخذ هذا العنصر المتغير بعين الاعتبار في أية إستراتيجية سياحية تعتمد على السياح المغاربيين .
إن الحديث عن وضعية السياحة بالجهة يحيلنا على الاكراهات التي يتعرض لها مهنيو القطاع في هذا الصدد , فجل الفنادق غير مصنفة وحتى المصنفة منها تعيش على حالة رديئة كما تحتاج إلى التجديد والترميم أما بعضها فيجب إعادة ترتيبه وتأهيله, مثلا حتى الفنادق من سلسلة اكورالمصنفة ثلاث نجمات- هناك فندقين فقط بمدينة وجدة- تلجا فيما يخص التموين والمناولة لتلبية حاجياتها من هته الخدمات إلى خارج الجهة لعدم وجود ممونين ومناولين يعتمدون مسطرة الأثر والمرجعية أو لديهم شهادة مؤهلات في الجهة , إضافة إلى مشكل المحيط والنظافة , فيما يستفسر بعض أرباب الفنادق ويثيرون الرأي العام عن كناش الشرطة الذي لا علاقة له بمصالح البلدية وهو يخص بالدرجة الأولى المصالح الأمنية في حين أن المصالح البلدية تطلب نسخا منه من اجل احتساب مداخلها من بعض الضرائب وهذا مشكل خاص بعمالة وجدة فقط , أضف إلى مشكل النقل خاصة الجوي , فالعديد من الزبناء يشتكون من التوقيت الغير ملائم وقلة الترددات , ومن هنا يتساءل أرباب الفنادق عن ما الذي أعددناه لسياح المستقبل ؟ خصوصا إذا كان الاسبان يقومون بتوسعة مطار مليلية وفتحوا خطوطا في اتجاه العديد من الدول الأوربية كما شرعوا في بنا محطة جديدة للنقل البحري في مليلية , فان لم نتحرك في هذا الصدد فسيضطر السائح الأجنبي إلى اقتناء خط مليلية جوا أو بحرا ليدخل الحدود المغربية في مليلية ليصل إلى السعيدية عبر الطريق الساحلية لتبقى مردوديةمطاري وجدة أنجاد والعروي على الهامش.
كما ثمة نقطة أخرى ذات بال والتي تشكل مشكلا حقيقيا وهي تلك المتعلقة بالتكوين وتكوين المكونين في ميدان الفندقة والتي من شانه المساهمة في تاطير أحسن للمتمرنين, وهو المشكل الذي يعاني منه كذلك أرباب وكالات الأسفار التي تعتبره ضروريا خاصة فيما يتعلق بمهنة المكلف بخلق المنتوج وتسويقه , وهذه المهنة تم إيكالها لشخص واحد في الجهة كلها , عند فتح وكالات الأسفار , كما ينص على ذلك قانون وكالات الأسفار , فلن تكون هناك مساهمة فعالة لوكالات الأسفار في إنعاش القطاع السياحي دون إعداد وتكوين في هذه المهنة , كما أن الفوضى التي تعم هذا المجال المتمثلة في العدد المهم من الوكالات التي تفتح دون مشورة الجمعية الجهوية لوكالات الأسفار وعدم احترام القانون في الترخيص والنقص الكبير في المهنية , فيما يستفسر أرباب وكالات الأسفار عن دور "نقابة المبادرةالسياحيية| التي تتوفر على عقار يدر عليها مايناهز 45 مليون سنتيم سنويا وتستفيد من إعانة الدولة ماديا على مستوى الجهة إلا أن مساهمتها في إنعاش السياحة بالجهة لاتذكر؟..
بينما تبقى مشاكل واكراهات مؤسسات تمويل المشاريع السياحية من ابناك ووكالات كراء السيارات لا حصر لها ولا نهاية .
ونظرا لما يحمله القطاع بالجهة من أهمية وآمال اقتصادية تعود بالنفع على ساكنة الجهة خصوصا مناصب الشغل المباشرة منها وغير المباشرة , فان الجهود مكثفة للمضي قدما في هذا الميدان , من طرف الجميع مهنيين,باحثين , مستثمرين ومنتخبين ,هذا وقد آثرت غرفة التجارة والصناعة والخدمات أن تخصص إحدى أشغال دورتها العادية حول موضوع السياحة بالجهة الشرقية لتشخيص الوضعية الحالية وآفاق تنميتها , مستغلة في ذلك تواجد عدد مهم من المتدخلين والفاعلين في قطاع السياحة بالجهة والاسترشاد باراهم وتدخلاتهم وما ينبثق عنها من قرارات وتوصيات تنعكس إيجابا على مستقبل السياحة بالمنطقة , وفي هذا الصدد تستعد غرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة للإعلان عن انطلاق الدراسة بمعهد تكوين التقنيين المتخصصين في التجارة والتسيير التابع لها وذلك برسم السنة الدراسية 2008- 2009 أي ابتداء من شهر أكتوبر القادم ,وللإشارة فان هته الأخيرة حصلت مؤخرا على المعادلة للشواهد التي سيسلمها المعهد بعدما تمت تسوية وضعيته القانونية , وبهذا تكون غرفة وجدة الأولى على صعيد الغرف الوطنية التي تحصل على الاعتراف بشواهدها , مستوى تقني متخصص , كما تنكب حاليا على إرساء شراكة مع احدىالمدارس العليا الفرنسية لتجارة والتسيير , من اجل منح المتخرجين من المعهد فرصة الحصول على الماستر المتخصص بفرنسا ولديها عروض شراكة في هذا الشأن بصدد الدراسة , فضلا عن شراكتها المتوقعة مع مؤسسات كبرى فاعلة على المستوى الجهوي وهي : جامعة محمد الأول بوجدة , وكالة تنمية الأقاليم الشرقية وبعض الشركات بالجهة والتي ستساهم في إنجاح هذا المشروع لا محالة .
وقد خلصت الدراسة التي قامت بها غرفة التجارة والصناعة والخدمات مت خلال دورتها إلى مجموعة من الاقتراحات والتوصيات حول الإستراتيجية التي يجب إتباعها لنهوض بالقطاع السياحي مع الأخذ بعين الاعتبار التدفق المحتمل للسياح الجزائريين والمغاربيين في حالة إعادة فتح الحدود المغربية الجزائرية حيث دعت إلى ضرورة العمل على تحسين البنيات التحتية والاستثمار في الإيواء المصنف والإيواء بالنسبة لأقاليم تاوريرت , جرادة وفجيج , خصوصا في مجال المنازل السياحية القروية كالرياض والفنادق وتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع السياحة الداخلية بالجهة الشرقية كالترويج ل كنوز بلادي والترويج للجهة بالمغرب – فرنسا- اسبانيا- إنعاش السياحة الصحراوية والسياحة القروية وتثمين التراث التاريخي والمعماري والثقافي للجهة لوجود إمكانية تصنيف بعض المواقع كتراث عالمي , إضافة إلى تحسين المنتوج السياحي بالجهة الشرقية ومعرفة كيفية تسويقه على غرار المدن السياحية المغربية , وحث مسيري مؤسسات الاستقبال على المهنية وتحسين الاستقبال وتنويع العرض والترفيه والتنشيط من اجل تحفيز السائح على قضاء اكبر قدر من الليالي السياحية بالجهة.
إن الوضع الجيوسياسي للمنطقة الشرقية باعتبارها منطقة حدودية , لا بالنسبة للمغرب العربي الذي تتوسطه ولا بالنسبة للبحر الأبيض المتوسط وكمنطقة تاريخية ومستقبلية مهمة جدا بالنسبة للتبادلات مع دول جنوب إفريقيا وجنوب الصحراء , لمن شانه أن يفرض تصورا وتأهيلا حقيقيا لقطاع السياحة بالجهة لتصحيح الوضع الراهن وتجاوز تعثراته.
3 Comments
شكرا على طرح هذا الموضوع بهذه التفاصيل، لأنه أحيانا يكتفي البعض بالعموميات دون الغوص في الجزئيات. لكن ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة حاليا بالحهة الشرقية والتي ستعطي نتائجها على المستوى المتوسط
Bravo, fatima pour l’intérêt du choix du thème.
vive maroc vive l’oriental viv le nord vive le sud vive l’occidental vive les marocains