التهريب بين ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وجشع المستوردين وارباب المصانع المغربية
تعرضت جل الصحف المغربية الصادرة خلال هذا الاسبوع الى ظاهرة التهريب بالجهة الشرقية سواء من مدينة مليلية او من الجزائر ، واذا كانت كل هذه الصحف اجمعت على ان هذه الآفة تهدد الاقتصاد المغربي ، بل وتهدد العديد من المعامل بالاقفال ، فما لاحظته ان جل الصحف توقفت عند ويل للمصلين ، وانها لم تحاول ان تقوم بتشخيص الداء بشجاعة ، وصراحة ، وجرأة …
نعم لا احد ينكر ان التهريب الذي تعرفه الجهة سواء منها الشرقية او الشمالية الغربية يهدد اقتصاد الوطن ، لكن الا يحق لنا ان نبحث عن جواب صريح ، وواضح لهذا الاقبال المتزايد من طرف المواطنين على السلع المهربة بكل اشكالها وانواعها ؟؟ بدءا بالمواد الغذائية ومرورا بالادوات الكهرومنزلية وانتهاء بالالبسة ؟؟؟الا يمكن اعتبار غلاء السلع التي تنتخها المعامل المغربية هي السبب في تشجيع التهريب ؟؟؟الا يمكن اعتبار احتكار اصحاب رؤوس الاموال استيراد السلع وبيعها باثمان باهضة هو السبب الذي جعل المواطنين يديرون ظهرهم لهذه السلع ؟؟
ان ظاهرة التهريب التي استفحلت لا يتحمل مسؤوليتها المهربون وحدهم ، وانما يتحمل مسؤوليها بالاساس ارباب المصانع والمعامل في المغرب ، وكذلك المستوردون المحتكرون » لاكريمات » الايستيراد … فامام ضعف القدرة الشرائية للموطنين ، هؤلاء الذين كان جل ارباب المصانع المغربية يقومون بابتزازهم ، وبيع السلع لهم بأثمان خيالية بالمقارنة مع اثمان نفس المواد المهربة ،بحيث كان اصحاب رؤوس الاموال المغربية يحققون ارباحا خيالية على حساب المواطنين الذين لم يكن امامهم اي بديل عن البضائع المحلية رغم غلائها الفاحش … وعندما اصبحت نفس السلع تدخل الى المغرب عن طريق التهريب اكتشف المواطنون انهم كانوا طيلت عقود من الزمن ضحية ابتزاز وسرقة لجيوبهم من طرف ارباب المصانع ، وسوف اورد امثلة واترك للقاريء مهمة التعليق …فعلى سبيل المثال : لنأخذ الادوات الكهرومنزلية مثلا آلات الغسيل ثمنها بالمحلات التجارية المغربية يتراوح ما بين 8000درهم الى 9000درهم ، نفس الالة ونفس النوع يباع فى اسواق التهريب للمواطنين بثمن 4500درهم بمععنى ان المستورد المغربي يبيع ىلة الغسيل نضعف الثمن : الا يمكن اعتبار هذا ابتزازلجيوب المواطنين ؟؟؟ لنأخذ ميثالا آخر من المواد الغذائية : علبة الجبن من مصنع مغربي تتكون من 8 قطع تباع بحوالي 9دراهم في حين نفس النوع من الجبن المهرب ولنفس الشركة نجد علبة 16قطعة تباع نثمن 10دراهم .. فكيف يمكن تفسير هذا يا ارباب مصانعنا ؟؟؟لنأخذ المشروبات مشروبات عندنا يرتفع ثمنها كل سنة ومن المشروبات المشهورة ثمن اللتر الواحد من المنتوج المغربي هو 5.5درهم ، ونجد نفس المشروب لنفس الشركة العالمية المهرب 2لتر بثمن 7دراهم … وقس على ذلك كل السلع المهربة ….اما فيما يتعلق بالالبسة فان شراء كسوة لطفل يبلغ من العمر عشر سنوات الثمن قد يتجاوز 300درهم اذا كانت من انتاج مصانع مغربية ، اما الالبسة المهربة فان 100درهم جد كافية لشراء ما يحتاجه ابنك من الملابس …
اجل ان هذا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر … اذن ظاهرة التهريب ينبغي لنا ان نناقشها بصراحة وشجاعة ،ينبغي تشخيص الداء تشخيصا حقيقيا اذا اردنا بالفعل ان نحارب التهريب … اما ان نحارب التهريب لكن لنترك ارباب المصانع يسحقون القدرة الشرائية للمواطنين فلنكن على يقين ان اي حرب على التهريب لا يمكن ان تأتي اكلها طالما ان المواطن هو المقتنع بالبضائع المهربة لانها في متناول جيبه ، … ان التهريب لا ينبغي ان يحارب الا من طرف ارباب المصانع المغربية الذين عليهم ان يخفضوا من اثمان البضائع التي ينتجونها وان يرفعوا من جودة منتوجاتهم حتى يتسنى لها بالفعل ان تنافس البضائع المهربة … اما اذا لم تقم المصانع المغربية بذلك فمعناه انها اذا لم تفلس الآن فستفلس سنة 2010امام غول العولمة الذي بدأت ملامحه تلوح بالجهة الشرقية في ما يسمى التهريب .
Aucun commentaire