التدبير والتخطيط ، لماذا؟
ذ.عبد الله ضيف
ملاحظة : هذا المقال من كتاب : عبد الله ضيف ، التدبير والتخطيط وفق المقاربة بالكفايات ،ط 1 ، مطبوعات الهلال ،2006 ، وجدة .
إن الإعداد القبلي المادي والذهني والكتابي لمن الأسباب والعوامل الرئيسية لإنجاح أي مهمة،فإذا كانت المهمات الحياتية بصفة عامة ، تتطلب تدبيرا وتخطيطا معقلنا،فإن التعليم أحوج المجالات إلى هذا التدبير وذاك التخطيط… تدبير وتخطيط يجب أن يشرع فيه منذ البداية،انطلاقا من إرساء المشروع المجتمعي،ومرورا بوضع فلسفة تربوية بكيفية علمية عملية وبطريقة شفافة،وبتسطير غايات التعليم المرتقبة،ثم بتدبير مشروع تربوي يخدم المقومات الحضارية الوطنية ويرسيها،فوضع البرامج والمناهج…؛ انتهاء وليس أخيرا ، بتخطيط المدرس منذ شروعه في تدبير سنوي فمرحلي ، فجالي فأسبوعي،فيومي…
إن هذا العمل يتطلب من المدرس مجهودات جبارة،ويدعوه إلى امتلاك كفايات معينة،هي ما عبرنا عليها بـ « كفايات التخطيط والبرمجة ».
فما معنى التخطيط ؟ وما هو التدبير؟
ما هي فوائد التخطيط والتدبير ؟
كيف يخطط المدرس عمله ؟ وكيف يدبره ؟
التخطيـط : ويتمثل في نقل فكرة معينة من مجالها المجرد إلى مجالها الملموس القابل للتنفيذ والتتبع والتقويم،وذلك بواسطة إثباتها كتابة أو رسما ، حيث يدل هذا التمثيل دلالة تامة على ما يقصد به ، على اعتبار أن التخطيط تنظيـــم وتوقــع ؛
تنظيم باعتبــاره عملية تتطلب التـرتيب والانتقاء والاختيــار،
توقــــع على اعتباره تصورا وتمثلا لما سيحدث مستقبلا. ويظهر التخطيط في التدبير السنوي أو المرحلي أو المجالي أو الأسبوعي أو اليومي…ويختلط التخطيـط بعدة مصطلحـات،إلا أن هـذا التداخـل هو تداخل تكامـل،ومن هذه المصطلحات نذكر : البرمجة ، التدبير ، وضع خطة عمل ، برنامج ، مشروع…
ب- التدبيــر : يتداخل التدبير والتخطيط في إطار التكامل،ولعل أهم ما يدل عليه التدبير هو النظر في عاقبة الأمر،والاعتناء به وتنظيمه.
فوائــد التخطيــط و التدبيـر : – يساعد المدرس على معرفة الكفايات والمهارات المراد إكسابها للمتعلمين،وذلك من خلال قيامه بتحليل علمي وموضوعي للبرنامج المدرس ؛
– إن الفائدة السابقة تعين المدرس على تحقيق الكفايات والمهارات المسطرة ، وتجعل العقدة البيداغوجية واضحة بين المدرس والمتعلمين؛
– إن التخطيط المعقلن يعين المدرس على تجاوز الصعوبات والمعيقات،وذلك بالإعداد المسبق،سواء أكان ذلك الإعداد ماديا،أم كتابيا أم ذهنيا… فالإعداد المبكر يجعل المدرس يعد لكل شيء حسابه،لأن الأفكار في ذهنه واضحة جلية.
– إن التخطيط والتدبير يقلل من الأخطاء،ويعين على اكتشاف الوسائل الملائمة ، وهذا يؤدي إلى ربح في الوقت والجهد بمعنى أن هناك اقتصادا في الجهد والوقت وفي المال؛
-إن التخطيط والتدبير يجعل المدرس عارفا بحاجات المتعلمين،مطلعا على خصوصياتهم النفسية والعمرية والبيئية…،واضعا خطة عمل تستجيب لمتطلباتهم وتخدم شخصياتهم،وهنا لابد أن أشير إلى أن نجاح التدبير رهين بتحليل وضعية الانطلاق،حيث يتم رصد جوانبها بكيفية شاملة:المادية والبشرية:
فالبشرية تتلخص في الاطلاع على مستوى المتعلمين وخصوصياتهم وحاجاتهم…
والمـادية تتمثل في الإلمام بكل ماله علاقة بالجوانب المادية كالبنايات ومجالات العمل ووسائله وما إلى ذلك؛
– إن التدبير المحكم والتخطيط المعقلن يعين المدرس على تجاوز آفة النسيان ، لأن « العلم صيد والكتابة قيده » ها هو ذا الحجل والأرانب وباقي الصيد يعيش حرا طليقا في الغاية فكيف نتوصل إليه ؟ بل كيف نتحكم فيه ؟ مثل العلم بالصيد،ولن يكون ملكا لنا إلا إذا تمت كتابته وتدوينه،إذن قيد العلم هو التخطيط والتدبير،فقيدوا جزاكم الله خيرا،كل مشاريعكم وخططكم بالكتابة والتدوين؛
-إن التدبير المحكم يجعل المدرس أكثر ثقة وأكثر توازنا،وبالتالي أكثر أداء؛
-وعليه ينال المدرس احترام المتعلمين والآباء،بل ينال احترام الزملاء والمديرين وباقي المسؤولين؛
-إن التدبير المحكم والتخطيط المستمر يجعل المدرس عنصرا من عناصر البحث ، إذن هو في هذه الحالة باحث،ولكن من نوع رفيع لأنه جمع بين ما هو نظري وما هو عملي،إن بحثه ينقل الأفكار والنظريات والبيداغوجيات…من المجردات إلى الملموسات،إنه باحث ينفذ على أرض الواقع ، وأصعب الأمور ما ننقله إلى التطبيق،إنه باحث ميداني،إنه يقول ويعمل،وإذا قرن القول بالعمل،والعمل بالقول،فذلك تطور ملموس،ولذالك نجد القرآن الكريم يعاتب القائلين دون عمل ، ومنها قوله تعالى في سورة « الصـــف » (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
والسؤال الجوهري هو : كيف يخطط المدرس عمله ؟ وكيف يدبره ؟.
إنها إحدى الإشكاليات الكبرى التي تمت معالجتها داخل هذا المؤلف ، مثل :
– تدبير أسابيع الدعم العام و الدعم الخاص
– تخطيط التعلمات في إطار المقاربة بالكفايات.
Aucun commentaire