بيداغوجية الخطأ وتصحيح التعلمات
بيداغوجية الخطأ وتصحيح التعلمات
ذ.عبــــد الله ضيــف
مقدمــة: إن بيداغوجية الخطأ جزء لا يتجزأ من النسق التعليمي التعلمي ، فبحسب المقاربة التي تمت بها معالجة بناء المفاهيم وإدماجها ستكون مرحلة تصحيح الخطأ ، فهناك من المدارس التربوية من يعتبر الخطأ عيبا ، فينزل باللائمة على المتعلم ، وهناك من يراه غير ذلك ، ويعتبره أساسا وضروريا لبناء الموارد وإدماجها عند المتعلم ، وهناك مدارس بين هذه وتلك، … وكل مدرسة وتعاملَها الخاص مع كل مكونات الفعل التربوي خلال معالجة الخطأ ، فهي لها تعامل خاص مع » مـــَن « ؟، بمعنى : من يدرس من ؟ أي المدرس والمتعلم ، إذ لابد من ضبط العلاقات ، وضبط نوع العقدة البيداغوجية ، وضبط كفايات المدرس ، والكفايات المراد امتلاكها للمتعلم… وكل مدرسة وتعاملها الخاص مع مــاذا تدرس ؟ أي المادة المراد إيصالها إلى المتعلم ، هل يكفي شحن عقله بالمعارف ؟ هل خضعت تلك المعارف للنقل الديداكتيكي ؟ هل تم تكييفها بحسب قيم ومعتقدات المتعلم ؟ بعبارة أخرى هل تمت مراعاة شخصية المتعلم ؟ هل المدرس قادر على نقلها وإيصالها بكيفية سليمة غير مشوهة ؟.
وكل مدرسة وتعاملها مع كيف ؟ كيف يتم بناء المعرفة ؟ أي كيف يتم التعامل مع طريقة إيصال المعارف وبنائها ، هل جندت لها وسائل عمل ؟ هل يتم فقط حشو ذهن المتعلم ؟ هل يشرك المتعلم في بناء معارفه وإدماجها ؟ هل يتم الانتقال من السهل نحو الصعب ؟ ومن المحسوس الملموس نحو المجرد ؟ هل يتم مراعاة واستحضار سيرورة التعلم أثناء البناء والإدماج والتقويم ؟.
وكل مدرسة وتعاملها مع متــى تبنى المعارف ؟ ومتى يتم إدماجها ؟ ومتى تحيلنا على الزمن ، فهل تمت مراعاة الزمن السيكلوجي النفسي لكل متعلم ؟ وهذا من صميم بيداغوجيا الفوراق ، هل كل الأطفال يلجون المؤسسة وأعمارهم ست سنوات ؟ أليست هناك فوارق في هذا المستوى ؟ أقول : إن هناك اختلافا عمريا للدراسة ، باختلاف المناطق والبيئات والتغذية ، وباختلاف ثقافة الأسرة ، بل أقول باختلاف دخل الأسرة المادي ، لأن هذا الأخير له تأثير على ثقافة وعادات الأسرة ، وهذا الاختلاف يزداد اتساعه في الدول التي يغيب فيها العدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي والعدل السياسي … بسبب عدم تقسيم أرزاق وخيرات الأمة بالسوية ، وبسبب غياب العدل في الحكم وبسبب غياب العدل في القضاء… وهذه كلها أمور تؤثر إما سلبا أو إيجابيا على شخصية كل مواطن ، ومنهم رجال التعليم ونساؤه ، ومنهم المتعلمون والطلاب… ثم على المستوى البيداغوجي متى يبنى المفهوم ؟ ومتى يقوم ؟ ومتى يدعم ومتى يعالج ؟ ومتى تدمج موارد المتعلم المتمثلة في: المعارف والمهارات والاتجاهات و المواقف؟…
ولمــاذا ندرس ؟ بطبيعة الحال هنا يكمن بيت القصيد ، لماذا تربطنا مباشرة ، بأهداف التعليم والتعلم ، وهذا يختلف باختلاف المعتقدات والقيم والخصائص ، فكل أمة تسعى من خلال التربية والتعليم إلى المحافظة على كيانها وقيمها ، والتي لا تهدف إلى هذه الغاية هي أمة مسلوبة الهُوية ، مغلوبة على أمرها ، تابعة لأسيادها ، فالمحافظة على مقومات الهوية الحضارية مبدأ لا محيد عنه ، ولا يمكن التخلي عنه بأي حال من الأحوال ، ولابد أن أشير إلى أن كل تعليم ، أينما كان ، وأينما وجد ، وفي أية ملة أو أية نحلة ، فهو يسعى إلى غايتين رئيسيتين : أولاهما : إخلاص الولاء لجهة معينة ، قد يكون شخصا ، قد تكون إدبولوجيا ، قد تكون أية جهة معينة ، وثانيهما : التدرب على مهارات فكرية ويدوية تفضي بصاحبها إلى امتلاك كفايات معرفية وفنية تؤول به في آخر المطاف إلى المشاركة الفعلية في إقلاع تنموي من خلال إسهاماته البناءة في بناء وطنه وفي تغيير مجريات الأحداث لمصلحة أبناء وطنه بصفة خاصة ولمصلحة بني آدم بصفة عامة ، ولا بد من الإشارة إلى أنه للعامل التربوي وظيفة كبيرة في شحن الهمم وشحذ العزائم ، فما فشل بدن في القيام بما نوى وعزم على فعله وإتيانه ، والنيات وليدة العامل التربوي… وهذه من تلك لأن تفشي العدل في منطقة معينة ، وتقسيم الأرزاق بالسوية تسهمان في تمثل العامل التربوي والدفاع عنه باستماتة من أجل الحفاظ على استمراريته ، والعكس صحيح ، ذلك بأن تفشي الظلم وانتشار الجور ، بمعاول الخراب ، يدفع المظلومين عن جهل أو عن غير جهل إلى العمل على إزالة العامل التربوي ، ولكن هذا التغيير المراد يخلط بين العامل التربوي الأصيل البريء مما يحدث ، والعامل التربوي المستحدث الجائر ، كما هو الحال عند الدول الإسلامية حين يظن بعض أبنائها أن التخلف والظلم والقهر…هو نتيجة الدين ، والدين بريء من هذه التهمة ، إنما الظلم والقهر والجور…نتيجة مصالح شخصية ، نتيجة حب الدنيا وكراهية الموت ، نظرا لأنه قد أصابنا الوهن…
وفي الأخير لابد أن نشيـر إلى غايات التعليـم عنـد المسلميـن التي تتخلـص فـي:
1- تعويد النشء وتربيتهم على إخلاص العبودية لله عز وجل ، بناء على ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : » بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلا . »
2-إكساب الناشئة مهارات فنية وتقنية حتى يسهموا مستقبلا في الإقلاع التنموي المرتقب.
3-وكل مدرسة وتعاملها مع » أين ندرس ؟ فمجال العمل ضروري وأساس لمهمة التربية والتعليم » فهل نكتفي بالمدرسة التعليمية فقط ؟ إن الجواب واضح جدا ، إذ لابد من تضافر الجهود بين كل مؤسسات الدولة ، نقابات وأحزاب وحركات إسلامية… لابد من إشراك كل مكونات المجتمع المدني في صياغة فلسفة تربوية تخدم مصالحنا،فلسفة تربوية أصيلة ، فلسفة تربوية تواكب العصر ، وتسهم في الإقلاع التنموي المرتقب ، مشاركة يقوم ؛من خلالها ؛المجتمع البرامج والمناهج ، ويتابع أحداث التعليم عن كثب… إنه تعليم في كنف الأمة….
لابد من تضافر الجهود ، ليكون الإعلام كله في خدمة التربية والتعليم ، وليكون المسجد في الدول الإسلامية عنصرا رئيسيا للتربية والتعليم ، بخاصة وهو يتميز بميزة الشمولية ، فالمسجد سوف يربي الصغير والكبير ، الكهل والشيخ ، الرجل والمرأة…إنه تربية الروح والجسد..إنه يتوفر على برنامج متكامل الجوانب ،طبعا إذا أحسن استعماله ووظف له أحسن الموظفين الكفاة ، بل الروح المسجدية يجب أن تتخلل كل المؤسسات ، ومنها على الخصوص استحضار الرقابة فلا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له،إن التربية المسجدية الحق تضمن لنا قيمتين رئيسيتين : القوة والأمانة.
أما مجال التدريس الخاص بالمتعلمين ، فلابد أن تتوافر فيه شروط منها : توافر التهوية والنظافة والإنارة وتوافر وسائل العمل ، والكراسي المريحة ، وخزانات مختلفة ، ولمهمات متنوعة…
وقبل أن نتطرق لبيداغوجيا الخطأ وفق مدارس تربوية مختلفة ، لابد من تحديد المصطلحات الأساس :
الخطأ – الغلط – بيداغوجيا الخطأ.
الخطأ » لغة » ( خَطئ) خطَأً وخطأ: أذنب ، وخطئ السهم الهدف : لم يصبه ، فهو خطئ وخاطئ وهي خاطئة(…) أخطأ : خطئ وأخطأ : غلط (حاد عن الصواب) ..وغلط غلطا: أخطأ وجه الصوب… ».
من خلال التعريف اللغوي يتبين أن المصطلحين متداخلان متكاملان،
ب-اصطلاحا : » حالة ذهنية أو فعل عقلي يعتبر صائبا ما هو خاطئ أو العكس « .
-أثر معرفة سابقة كانت ذات أهمية وناجحة وأصبحت خاطئة أو غير ملائمة .
-ليس الخطأ مجرد نتيجة للجهل أو الشك أو المصادفة كما تعتقد ذلك النظرية التجريبية أو السلوكية في مجال التعلم ، بل إنه ناتج عن أسلوب في المعرفة ، وعن تصور متناسق ، وعن معرفة قديمة أكدت نجاحها في مجالات الممارسة ، فالخطأ ناتج عن نظام من التصورات والحدود والوسائل التي يوظفها التلميذ في حل المشكلات ويعبر عن نفسه من خلال عوائق يعاود إنتاجها وتصبح راسخة ، أي أنها لا تختفي كلية ، وتقاوم ، وتعود للظهور ، بعد أن يكون التلميذ قد تخلص من النموذج المعرفي الخاطئ « .
الغلط : عند ارتكاب القارئ غلطا ، فهذا لا يعني أنه يدرك اللغة بكيفية سلبية ، بل استعماله لها جاء عارضا فغلط. بمعنى أنه يدرك قواعد اللغة ، ولكنه عند مرحلة التطبيق غلط ، كما أن لفت انتباهه يجعله يكتشف غلطه ، بل يكون قادرا على تصحيحه بواسطة امتلاكه للقاعدة وتمثله العميق لها ، إذن هو حالة طارئة عارضة يمكن تجاوزها ، بلفت انتباه المتعلم ، وما قيل في اللغة ينطبق على باقي المواد.
استنتــاجـــــات:
ـ الخطأ يرتبط بسيرورة تعليمية،أي أن المتعلم يرتبط بوضعيات جديدة ، يستعمل فيها تمثلاته ومكتسباته القبلية ، قصد حل المشكلة إلا أنه لا يتحكم في المعطيات الجديدة ، لأن الوضعية غير مألوفة لديه.
ـ الخطأ ليس مجرد نتيجة للجهل أو الشك أو المصادفة ، بل إنه ناتج عن أسلوب في المعرفة.
ـ للخطأ أهمية كبرى في مجال البيداغوجيا ، إن ارتكابه في وضعيات تربوية يفضي بالمتعلم إلى إضافة الجديد بعد التوصل إلى حلها.
ـ يندرج الخطأ ضمن سيرورة المعرفة ذاتها باعتباره خطوة ضرورية لاكتساب الجديد من المعارف والمهارات والمواقف.
ـ تستغل الأخطاء من لدن المربين لتعرف الكيفية التي بها يتم التعلم.
ـ بيداغوجيا الخطأ : تصور ومنهج لعملية التعليم والتعلم يقوم على اعتبار الخطأ إستراتيجية للتعليم والتعلم ، فهو إستراتيجية للتعليم لأن الوضعيات الديداكتيكية تعَد وتنظم في ضوء المسار الذي يقطعه المتعلم لاكتساب المعرفة أو بنائها وإدماجها من خلال بحثه ، وما يمكن أن يتخلل هذا البحث من أخطاء ، وهو إستراتيجية للتعلم لأنه يعتبر الخطأ أمرا طبيعيا وإيجابيا يترجم سعي المتعلم للوصول إلى المعرفة… فمن الخطأ تنطلق عملية التعليم والتعلم ».
إذن للخطأ أهمية كبيرة في المجال التربوي ، يمكن ذكر بعضها كالآتي:
1-إستراتيجية للتعليم والتعلم.
2-إن إيجاد حل للوضعية وتجاوز الخطأ يضيف جديدا للمتعلم ، بمعنى أن المتعلم قد وقع عنده تطور وارتقاء أي أن تجاوز الخطأ قد أضاف « قيمة مضافة « ، أضافها بناء وإدماجا وتقويما.
3-التصور الجديد يعترف للمتعلم بحق الخطأ ، ولكنه يعمل على تجاوزه من خلال اكتشاف مكامن الضعف ، وهذا يكسب للمتعلم منهجية ومعرفة ، فالمنهجية تتجلى في اكتساب المتعلم : تعلم كيفية اكتشاف الخطأ أي أنه يتدرب على تتبع سيرورات العمل ومسار اتباع مكامن القوة والضعف ، وذلك من خلال مقارنة الوضعية موضوع الدراسة بوضعيات أخرى متكافئة ، أما المعرفة ، فتتجلى في امتلاك المتعلم ، من خلال الوضعية موضوع الدراسة ، لمعارف ومهارات وقيم جديدة ، وعن طريق التعلم الذاتي ، فهو في هذه الحالة قد استوعب الموارد الجديدة بواسطة حواسه ، عن طريق بنائها بتدرج ، عن طريق إسهامه في تجاوز اللاتوازن ، إذن امتلاكه للموضوع الجديد قد تم تمثله بقوة وبصراحة وبنظام وانتظام ،… بصراحة في هذه الحالة تقول : بنى المتعلم كفايته الجديدة من خلال إسهاماته وتمثلاته ومعارفـه ومواقـفه ، فهو قد علـق مـوارد جديـدة علـى مشاجب قديمـة.
4-إن الذات قد أعادت تنظيم تجربتها وصاغت معرفتها الجديدة ، بحثا عن توازن جديد بناء على التمثلات والمكتسبات السابقة ، وهنا نقول : إن بيداغوجية الخطأ تستحضر الجانب السيكولوجي النفسي للفرد.
5-إن بيداغوجيا الخطأ تمنح للمتعلمين حق الحرية ، من خلال السماح لهم بارتكاب الخطأ ، ثم تدعوهم إلى البحث عن الحقيقة ، إنها التربية على الحرية ، وتقتصر وظيفة المدرس في مساعدة المتعلم على العودة إلى التوازن ، وهو يعينه على رفع القلق الحاصل ، وقد يتدخل لإنارة الطريق ووضعه على سكة السيرورة الصحيحة وفق مسار صائب.
6-إن هذه البيداغوجية تساعد المدرس مستقبلا على تجاوز العوائق والعراقيل ، وتمهد له الطريق قصد تثمين الإيجابيات وتعزيزها.
7- تعين واضعي البرامج والمناهج على بناء مناهج وبرامج وفق حاجات المتعلمين،واعتبارا لخصوصياتهم البيئية والمعرفية والعمرية…
8- تبين الخلل الواقـع في المعـرفة أو مـا يسميـه « باشلار » الأخطاء الابستمولوجية » (المعرفية.
مصادر الخطأ : » يتبين أن ثمة أربعة مصادر هـي:
1-مصدر نمائي،إذ قد يخطئ التلميذ لأننا قد طالبناه بمجهود يتعدى قدراته في مرحلة النمو التي يوجد فيها.
2-مصدر ابستيمولوجي ، ذلك أن صعوبة المفهوم في حد ذاته هي التي تجر التلميذ إلى الخطأ.
3-مصدر تعليمي ، لأن الطريقة المتبعة من لدن المدرس هي التي تضع التلميذ في طريق الخطأ إلى الخطأ « .
4-مصدر تعاقدي ، لأن عدم التصريح بما ينتظره المدرس من التلميذ قد يجر هذا الأخير إلى الخطإ ».
مراحل التعامل مع الخطأ:
إن التعامل مع الخطأ يحيلنا مباشرة إلى بيداغوجيا التقويم ،ففي المرحلة الأولى يتم تشخيص الخطأ ورصده ، وتتلخص المرحلة الثانية في تحليل الخطأ ، أما المرحلة الثالثة فتتمثل في تصحيح الخطأ ومعالجته ، وقد يرتبط الخطأ بمرحلة بناء المفهوم ، إذن الخطأ قد يرتبط بوضعيات البناء ، وقد يرتبط بوضعيات الإدماج،وقد يرتبط بوضعيات التقويم.
1 ـ المقاربة البيداغوجية لتصحيح الخطأ في وضعيات البناء (وضعيات الانطلاق):
إن الوضعية الديداكتيكية ، باعتبارها وضعية تشبه المشاكل الحياتية التي يصادفها المتعلم ، وتتطلب حلا لها من خلال توظيفه لموارده الداخلية والخارجية ، ومما يشترط في الوضعية أن لا تكون سهلة مبتذلة ، ولا أن تكون صعبة معقدة ، بل يفترض فيها أن تكون ذات دلالة وذات معنى وأن تكون وظيفية ، » تحفز المتعلم على استعمال معارفه ومهاراته لحل المشكل.
إنها وضعيات ديداكتيكية يقترح فيها على المتعلم مهمة ، يعتبر تجاوزها زيادة قيمة مضافة ، أي حصول تعلم جديد ، إنه (أي التعلم الجديد) يمثل الهدف الرئيس للوضعية المقترحة في حالة إنجازه وذلك بإزاحة كل ما يعوق حل المهمة ، إنه تشخيص لقدرات وكفايات المتعلم…
مما سبق يتبين أن وضعيات البناء مناسبة لقياس قدرات المتعلمين ، إذ في مرحلة التحدي يظهر خطأ المتعلم وضعفه ، فهو قد وظف موارده ، ولكنها غير كافية لحل المشكلة ، وبالتالي قد يعبر عن تمثلات خاطئة ، أو يستعمل موارد مكتسبة ، إما أنها لا تكفي لحل الإشكالية ، أو أنه قد وظف تلك الموارد توظيفا خاطئا ، هنا يتدخل الأستاذ لأن الخطأ قد تم رصده ، والعجز قد بان وظهر ، وأصبح المتعلم في حاجة إلى تجاوز العائق لإعادة توازنه ، إن المدرس هنا في مرحلة اتخاذ القرار وتقديم الدواء المناسب في الوقت المناسب ، إنها المعالجة الإيجابية ليعود المتعلم إلى توازنه الطبيعي وذلك باكتسابه موردا جديدا.
2 ـ المقاربة البيداغوجية لتصحيح الخطأ في وضعيات الإدماج:
بعد اكتساب المتعلم لموارد جديدة في وضعيات بناء ديداكتيكية مختلفة ومتنوعة ، تأتي مرحلة التقويم في وضعيات إدماج كما سيأتي تعريفها لاحقا ، حيث يتم رصد الخطأ وتشخيصه،من خلال وضعيات مختلفة وبوسائل متنوعة : روائز ، اختبارات شفهية وكتابية…يتم خلالها التوصل إلى مكمن الضعف ، حيث يوضع الإصبع على مكامن الخلل ، وتصنف الأخطاء داخل بيانات وشبكات ، فمنها ما له علاقة بمتعلمين كثر ، تعالج ، أثناء أسابيع الدعم العام ، ومنها ما له علاقة بمتعلمين محددين (أخطاء خاصة)،تعالج أثناء أسابيع الدعم الخاص ، وبعد جمع المعلومات وبعد تعبئة البيانات وبعد الوقوف على الخطأ ، ينتقل المقوم (المدرس) إلى المرحلة الثانية ، ألا وهي تحليل الأخطاء من خلال جانبين رئيسيين : الإنتاج والسيرورة ، ذلك بان تتبع المسار خلال مجموع العمليات التي قام بها المتعلم لتحقيق الإنتاج ، تبين لنا بجلاء العائق الذي دفع المتعلم إلى ارتكاب الخطأ ، وهذا يعني أن الخلل قد وقع وسط الطريق ، وتجاوزه يتطلب إعادة القاطرة على السكة ، وفيما يلي نقدم مثالا:
طلب من تلميذ السنة السابعة حل المعادلة الآتية:
2x +3+ 1/2x = -1
حل المتعلم
الأول حل المتعلم
الثاني حل المتعلم
الثالث حل المتعلم
الرابع
2x +3+ 1/2x=-1
3+1=-2x-1/2x
4=-5/2x
4X2/5=x
x=8/5 2x+3+1/2x=-1
2x+1/2x =-4
3/2x =-4
x=-8/3 2x+3+1/2x=-1
2x+1/2x =-1+3
2x+1/2x =2
x( 2+1/2) =+2
x( 5/2)=2
x=4/5 2x+3+1/2x=-1
2x+1/2x=-1-3
(4x+x)/2=-4
5/2x=-4
x=-4X2/5
x=-8/5
إن المدرس الناجح لا يكتفي بملاحظة المنتوج ، بل المدرس المتصف بالتقويم الشامل المتكامل هو الذي يتتبع سيرورة العمل ليقف على مصدر الخطأ ، فالتلميذ الأول من الجدول أعلاه قد أخطأ في المرحلة الرابعة ، فبعد توصله بما يلي: 4=-5/2x، انتقل إلى المرحلة الموالية: 4 X2/5 = x،عندها أخطأ لأنه نسي إشارة (-) فعوض أن يضرب المعادلة في : (5/2-) ضربها في 5/2 من جهة ، وفي 5/2- في الجهة الأخرى
4= -2/5x
4 (-2/5) =5/2x X2/5
-8/5=x
التلميذ الثاني : أخطأ في المرحلة الثالثة 2x +1/2x =-4، كان عليه توحيد المقامات 4/2x +1/2x =-4، لكن التلميذ جمع دون أن يوحد المقامات.
التلميذ الثالث : أخطأ في المرحلة الأولى ، فعوض أن يحذف ثلاثة من كل جهة ، أضاف ( 3) في جهة ، وحذف (3) في الجهة الأخرى ، عمل التلميذ: 2x+3+1/2x= -1 2x+3-3+1/2x=-1+3
بينما المفروض هو: 2x+3+1/2x = -1
2x+3-3+1/2x=-1-3
التلميذ الرابع : كان المنتوج صحيحا وسليما لأن السيرورة كانت كلها صائبة وصحيحة.
عن « عبد الله ضيف ،التدبير والتخطيط وفق المقاربة بالكفايات ،مطبوعات الهلال ،ط 1 ،2006 ،وجدة .
Aucun commentaire