عوام القحط
يعاني إقليم فجيج هذه السنة من جفاف مريع ، فحسب مصادر من الأرصاد الجوية فان نسبة التساقطات بالإقليم خلال هذا الموسم لم تبلغ سقف 50 ملم لحد كتابة هذا الموضوع .
مظاهر الجفاف بالإقليم أصبحت تبدو للعيان : فقد جف الزرع والضرع ، وتدهور الغطاء النباتي ، و تناقصت الفرشة المائية بالواحات ، و تزايد انجراف التربة ، و تضاعفت الزوابع الرملية ، وأصبح البؤس والقنوط يظهران على سحنات الناس .
إن هذه السنة أصبحت تذكر شيوخ المنطقة بسنة 1945 المعروفة ب » عام البون » أو » الحريرة » وبسنوات السبعينات ، حيث انتشر الفقر والجوع ، وكان البدو يضطرون إلى التخلص من ماشيتهم في السوق بعد أن يصيبها البوار ولا تجد من يشتريها .
حلول ترقيعية
للحد من أثار الجفاف بالإقليم ، تم اتخاذ بعض القرارات والإجراءات على المستوى الرسمي ، ومن ضمنها القرار العاملي الذي يعتبر المنطقة منكوبة ، وقد يتبعه قرار حكومي يعتبر هو الآخر المنطقة منكوبة ، كما اتخذت بعض الإجراءات لتزويد الكسابة بالعلف ، وربما قد تحدث بعض الاوراش على مستوى البادية لتشغيل البدو في مجال إصلاح الطرق والقناطر ونقط الماء في إطار الإنعاش الوطني .
فهل هذه الخطوات يمكن ان تعتبر فعالة للحد من آثار الجفاف بالمنطقة ؟
شخصيا لا اعتقد ذلك للاعتبارات التالية :
– لان كمية الأعلاف التي تقدم جد محدودة ولا تتناسب مع حجم الثروة الحيوانية بالمنطقة .
– لان الدعم أحيانا لا يصل إلى المستحقين بحكم الفساد المستشري في اغلب التعاونيات الفلاحية بالمنطقة .
– نظرا للتلاعب في عدد أيام الشغل في الاوراش…الخ
لهذه الأسباب أعتقد أن الإجراءات المزمع القيام بها غير كافية لمساعدة ساكنة إقليم فجيج في محنتها ، خاصة وأن هذه الساكنة تعتمد على الكسب وتربية الماشية كنشاط أساسي. .
البدائل الممكنة
هناك مثل صيني مشهور يقول : » لا تعطني سمكة بل علمني كيف اصطاد السمك » أو » إذا أعطيت الفقير سمكة أطعمته لمدة يوم وإذا علمته كيف يصطاد السمك فانك أطعمته لمدة حياته » هذه الحكمة تنطبق على الوضع الحالي بإقليم فجيج ، فالحلول المعروضة على المستوى الرسمي إقليميا ومركزيا للحد من آثار الجفاف لا يمكن مطلقا أن تحل المشكل ولا حتى التخفيف من حدته ،فهي حلول ظرفية ، ولمدة محدودة جدا .
إن هذه الحلول تهدف إلى الحفاظ على نمط الإنتاج الرعوي ،أي العمل لكي يحافظ الرحل على طابع الترحال ، والحد من هجرتهم إلى المدينة بأقل تكلفة ممكنة ، بيد أن هذه الحلول لن تحل المشكل .
في اعتقادي المتواضع هناك عدة حلول ممكنة للحد من آثار الجفاف ، والحفاظ على نمط الانتاج الرعوي وأقترح بعضا منها وهي :
– عصرنة تربية الماشية بالإقليم .
– تشجيع الرحل على إقامة الحظائر في مناطق الانتجاع,
– تبسيط مساطر بناء المساكن وحفر الآبار بالبادية ورفع كل التعقيدات المسطرية .
– توزيع الأعلاف والأدوية على مربي الماشية بالمجان .
– تكوين مربي الماشية وتحسين السلالات ,
كما يمكن خلق أنماط إنتاج أخرى بالمنطقة موازية لنمط الإنتاج الرعوي مثل : السياحة التضامنية ، استخراج المعادن الموجودة اقلمييا بوفرة ( الحديد – الزنك – النحاس – المنغنيز – الباريتين – الرصاص – الذهب …) خلق أنويه لبعض الصناعات كصناعة الإعشاب الطبية ، وتصبير الفطريات . وصناعة الجلود والصوف ..
الجفاف بنيوي
إن الجفاف بإقليم فجيج ليس ظاهرة عرضية عابرة ، بل هو تابت بنيوي . فالمعروف أن المنطقة تعرف سنة ممطرة أو سنتين ، وعدة سنوات من الجفاف ، وهذا أمر مؤكد من طرف الدراسات الجغرافية والتاريخية للمنطقة ، بل مؤكد حتى في تقافتنا الشعبية ، فمما يروى عن عبدالرحمن المجدوب- ولو أنني لا أتفق مع مضمون كلامه – أنه قال :
» يالصحرا يا وجه اليتيمة لي فرحتيه يوم تبكيه ديما » كما يروى عنه انه قال » يالصحرا عجاجك عماني ، وماك ما وضاني واذا رجعت ليك راني نصراني »
الصديق كبوري / بوعرفة
Aucun commentaire