السلطات الجزائرية : افقار الشعب الجزائري جريا وراء سراب جمهورية وهمية
في كل مرة عندما تتقاطر معلومات وأنباء عن قرب وصول كريستوفر روس المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة في الصحراء المغربية منذ 2009 لمباشرة مشاوراته حول حلحلة الوضع التفاوضي بالمنطقة وإيجاد حل سياسي، حتى تتجند الآليات الدعائية لخصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية في كل الاتجاهات وبكل الوسائل وعبر مختلف العواصم ومن أعلى جميع المنابر وذلك من اجل تأكيدهم بعدم تراجعهم عن منطقهم الوحيد القائل بأطروحة الانفصال وتقرير المصير الذي تجاوزته كل الأجندات الدولية بدعم أممي لمبادرة الحكم الذاتي المشهود لها بالجدية والمصداقية.
مؤخرا خرجت كيري كيندي رئيسة مركز « روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان » والمناصرة لأطروحة البوليساريو الانفصالية بدعم من أموال البترول الجزائري، في مقال على إحدى الصحف الفرنسية متجندة للدفاع عن البوليساريو كعادتها وبتكرار ادعاءات لا أساس لها من الصحة على ارض الواقع، بادعائها كذباً وبهتاناً بغياب مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء حيث أن مسألة توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء لم يؤكدها المقررين الخاصين الذين زاروا المغرب، وقد فندت الأمم المتحدة كل ادعاءات كيري عبر الإشادة والتنويه بالعمل الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية بالمغرب كآلية قالت عنه انه « يتمتع بالمهنية والإستقلالية والمصداقية ».
وقد سبق أن كتب الصحافي الأميركي الشهير « ريتشارد مينيتر » في يومية « دايلي كالر » أنه « كان من الممكن أن تستلهم (كيري كينيدي) أفضل لو ألقت نظرة على الروابط الوثيقة بين جبهة البوليساريو والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التنظيم الذي لا يخفي كراهيته للعالم الغربي بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص ».
وعندما نقرأ عما كتبته والدتها اثيل كينيدي بـ »أن الناشطين في مجال حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم في حاجة ابنتها »، نقول ألا تعرف هذه المرأة أن ابنتها باعت حقوقها لشيطان المال؟ وكيف يمكن الوثوق في نزاهة ونظافة كيري كينيدي المدافعة الشرسة عن الباطل وهي التي مَثُلَتْ في التاسع من أكتوبر الماضي أمام محكمة نيويورك بتهمة تعاطي المخدرات والتسبب في حادث سير تحت مفعولها ورفض قاضي المدينة تبرئتها وقرر متابعتها في حالة إطلاق سراح؟
مؤخراً وفي اجتماع لشباب البوليساريو كان واضحاً أن النبرة التي كانت طاغية على أحاديث قياداتهم تحمل الكثير من الانهزامية وذلك في استدعاء مصطلحات ومفاهيم أجمعت كل الدول والمنظمات على تجاوزها، ونتساءل هنا عن مدى فهم تلك القيادات الفاسدة لمعنى كونية حقوق الإنسان وهم الذين ينتهكونها في ابسط تعاملاتهم مع المحتجزين المغاربة بمخيمات تندوف؟ وكيف يتحدثون أمام شبابهم عن استقلال الصحراء وهم يستدعون إسبانيا التي كانت تحتل أقاليم المغرب الجنوبية للدفاع عن مشروعهم الانفصالي؟
ولا يمكن في الآن نفسه الاعتماد على مصداقية شباب ثبت في تقرير سابق لمجموعة التفكير الأميركية « كارنيجي إندومنت » أنه « متورط في تهريب المخدرات بالمنطقة وأضحى حقيقة مثيرة للقلق ».
بلا أدنى احترام للذكاء المغربي والعالمي ندد المشاركون في هذا الاجتماع باتفاقية الصيد البحري التي ابرمها المغرب مع الاتحاد الأوروبي حسب ما تقتضيه الأعراف الدولية في ممارسة الدول لسيادتها، اتفاقية من المفروض أنها تعود بالنفع على كافة المواطنين المغاربة بلا استثناء من شمال المغرب إلى جنوبه ونعتبرها مزايدات نتيجة فشل اللوبي الداعم للجزائر والبوليساريو بين أروقة الاتحاد الأوروبي.
شهادات مختلفة في السنوات الأخيرة فندت كل ادعاءات هذا الكيان الوهمي ومن يدافع عنه بالتزامه بتلك المبادئ التي ينادي بها كل يوم وفي كل المحطات، حيث جاء في تقرير نشر برسم سنة 2012 بواشنطن عن المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب التابع لمعهد بوتوماك أن « مخيمات تندوف التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو تحولت إلى أرض خصبة لتجنيد شبكات إرهابية ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية وبالتالي فإن إغلاقها بدأ يكتسي طابع الأولوية ».
الشيء نفسه أوضحه الخبير الأميركي في معهد « انتربرايز » السيد مايكل روبين،الذي جاء مؤكدا على أن البوليساريو مجرد بيدق يحركه نظام الجنرالات بالجزائر حسب الحاجة وبطريقة انتهازية بالقول انها « مجرد دمية في يد النظام الجزائري، ومن بقايا الحرب الباردة البائدة ». وأبدى مايكل روبين اسفه واستهجانه من الرفض الجزائري و »البوليساريو » المتكرر والمفضوح السماح للأمم المتحدة بالقيام بإحصاء سكان مخيمات تندوف التي طغت فيها روائح الفساد والانتهاكات المتكررة للحقوق وغياب فاضح لأبسط متطلبات الحياة الكريمة، وجاء في قوله أن « كل موقف متجاهل في مواجهة الفساد المستشري في مخيمات تندوف لن يكون إلا إهدارا للمساعدات الدولية، لكن أيضا تهديدا متزايدا للأمن القومي الأميركي ».
الجزائر ضالعة في مشكل الصحراء وإشاعة كل أشكال الفوضى في المنطقة وإعاقة آليات إيجاد الحل السلمي رغم أن رئيس دبلوماسيتها رمضان لعمامرة يكافح جاهدا من اجل إثبات العكس، لكن تأبى البوليساريو وعلى لسان زعيمها إلا أن تشكر عبد العزيز بوتفليقة لدعمه لكل مراحل ما اسماه « كفاح الشعب الصحراوي من أجل استقلاله ». أليست هذه إدانة واضحة للنظام الجزائري في دعم حركة انفصالية مسلحة والتي أثبتت كل التقارير على ارتباط قياداتها بالإرهاب والفساد؟ سؤال مشروع نطرحه على وزير خارجية الجزائر.
رمضان لعمامرة الذي لا زال تفكيره القديم مرتبطا بحالة ذلك الشاب المغربي الذي تحمس وعبر عن رفضه لممارسات نظام الجزائر ضد المملكة فانزل علم الجزائر من على سطح قنصليتها، والقضاء المغربي قال كلمته في هذه النازلة وانتهى الأمر بالنسبة للمغرب.
لكن وزير خارجية الجزائر في آخر تصريحاته أراد أن يتنصل من مسؤولية بلاده في تدهور العلاقات مع المغرب وما يشهده هيكل الاتحاد المغاربي من جمود، وذلك بتغليط الرأي العام داخل بلاده والعالم بادعائه أن حماية الاتحاد يحتاج إلى أساسين الأول ينهض على القيم والآخر على المصالح. بالطبع فهما المبدآن اللذان يفهمهما نظام الجزائر وربيبته البوليساريو وكل المناوئين بشكل مقلوب واستغلالي مشين ضد مصالح المغرب وشرعية مطالبه.
المغرب لا يحتاج إلى دروس في كيفية التعامل المرتكز على القيم الحقيقية والمصالح المتناغمة مع المبادئ الإنسانية فكلام رمضان لعمامرة حول احترام بلاده لسيادة الدول وأن ليس للجزائر نية توسعية على حساب أحد، نجده حديثا للاستهلاك الإعلامي وذراً الرماد في العيون.
فأكبر تدخل في شؤون الدول في العصر الحديث هو ما يفعله النظام الجزائري في دعمه اللامحدود لحركة انفصالية تسمى البوليساريو تهدد امن واستقرار المنطقة بأكملها.
إن امتلاك الجزائر لاقتصاد ريعي معتمد على النفط ويوفر عملة ضخمة يعمي الأعين والعقول على علاقات حسن جوار مع المملكة المغربية ليست مبنية على منطق الاستحواذ، ألا يقرأ حكام الجزائر ما يحدث في « غرداية » على انه مقدمة لحركة قادمة لمواطنين جزائريين ينشدون الحقوق والحريات والكرامة كباقي الشعوب الأخرى، ويأملون في الاستفادة من ثروتهم الطبيعية بدل صرفها على لوبيات في الخارج والداخل تدافع يواسطتها عن سراب البوليساريو؟ انه فشل ذريع لتحالف كيري كينيدي والبوليساريو بدعم كبير من أموال النظام الجزائري في المصداقية والشرعية.
Aucun commentaire