اللغة العربية أزمة إنسان لا أزمة لسان
أزمة التعليم أزمة إنسان لا أزمة لسان
ما زالت تصريحات عيوش تتناسل على شبكة الانترنيت و على الصحف كما على قنوات الإذاعة و التلفزة
و العجب العجاب أن يلقى حديث سمج كهذا اهتماما بالقدر الذي نرى حتى أن المرء ليتساءل إن لم يكن الأمر قد حسم وأن ما نرى لا يعدو أن يكون فرقعات تجس نبض الشارع ليس إلا.
كما أن ردود مسؤولي قطاع التربية و التعليم و الحكومة الهزيلة لا تبشر بخير فمن جهة وزير التربية الوطنية يتذرع بأن الأمر لا يعنيه. فما يعنيك بعدها يا وزير؟ لغة القرآن، هوية أمة تتهددها سهام العدا و السيد الوزير غير معني.
و السيد رئيس الحكومة الذي ربط اللغة العربية بالدين و أكد على أنها لغة هوية لم نعد نسلم بكلامه شأنه شأن كثير قاله و بات حبرا على ورق.
و ماعدا هذا فهي مقالات بالجرائد و المواقع الالكترونية لا تكاد تمثل ضغطا كالذي يمثله اللوبي المناهض للغة العربية.
و هو الأمر الذي حدا بعيوش هذا و رهطه إلى الاستمرار في هجمته الغادرة على الضاد ما دام الضاد قد نعى أبناءه. أكان هذا العيوش ليفتح فاه يوم كان رجل التعليم إذا ما صدح صمت من سواه و زلزلت الأرض من تحته فكان أشد ما يتحاشى الجميع غضبته ؟ طبيعي أن يصول العيوش و يجول و أهل النقابات نيام. فإما أن الأمر لا يستحق أو أنهم لم يتلقوا إلى الآن ضوءا أخضر للتحرك و ذاك دأبهم في القضايا المصيرية للتعليم.
ما بالنا لم نسمع بجمعيات المجتمع المدني و التي همها حسب علمنا الدفاع عن كل ما يضير المجتمع؟ ما لعبقريتهم لا تتفتق فيبدعوا لنا إسما جديدا لجمعية مهمتها الذود عن الضاد « ما تقيش لغتي » أم ألا لحم و لا شحم يترجى من هكذا أمر؟
ما لأهل الضاد أنفسهم و قد خبا صوتهم؟ و كأنما سلموا بالهزيمة دونما قتال أو أنهم مستعدون للتدريس بلغة إبليس إن طلب منهم ذلك شرط ألا تمس رواتبهم؟ أم أن كل همهم إطار يتغير و سلم يتسلق و أقدمية تحتسب؟
أما لعقل نير أن يجهر بأن العربية هي الحمل يصارع الذيب أنى يفعل فإنه متهم. و اليوم عربية و غدا إسلام.
و يعود العيوش النكرة بعدما طالته لعنة انتخابات 2007 و ما أكثر ما طاله ليغدو حديث الإعلام.
و انتظرنا جميعا كمغاربة ما تؤول إليه موقعة دوزيم حيث تصارع لما يناهز الساعة و النصف من جهة غني بدراهمه، فقير هو بعلمه، يتحدث فلا يبين و إن قدر له أن ينطق فلا يأتي إلا بما يشين، همه أن يشيع اسمه و يبرز نجمه و يتحدث عنه القاصي و الداني و يصل خبره كل الآذان، جشع لا يقنع، كل باب يطرق و يقرع. و من جهة ثانية جهبذ متواضع تواضع العلماء، علمه قد دنا من السماء، يمقت الأضواء كما الضوضاء، لا يقارعه إلا عالم و لا يهينه إلا ظالم ، فخر لهذا الوطن، قل نظيره هذا الزمن، يتحدث بسلاسة دون لحن.
فلا غرو أن ينتصر العلم و يندحر الجهل، فشتان بين الثرى و الثريا و هيهات أن يذل المتعلم العالم و المتفيقه الفقيه . فما هي إلا لحظات تعد حتى تجلى لكل بصير البون الشاسع بين المعرفة و الجهل و بين النور و الظلمة. و ما حز في نفس كل مغربي قح هو أن يزج بعالم من فطاحلة عصره في نقاش شخص مضمر على قناة بلهاء. و لنا عزاء وحيد أن العروي بما حظاه الله من علم وفير لا يمكن أن يكون أفضل من رسول الله عليه الصلاة و السلام و الذي حدث الكفار و دحض بهتانهم و هو الرسول الأعظم.
لكن إن من سقطة قد أعيبها على مفكر علم مثل العروي هو أن يسلم لضيفه بتبسيط العربية و كأني به يقول أن للعربية يدا في ما يعانيه التعليم من حيث أنها معقدة و صعبة و الحال أنا جميعا كنا أطفالا و درسنا العربية بعقدها التي يخشاها عيوش بيد أنا كلما طرقنا لها بابا إلا فتحته و ذاك حال العلوم كلها لا تتأتى إلا لراغب.
و من خلال مراجعة الحدث و تجلياته يبدو أنه أمر دبر بليل و هيهات أن نسلم أنها محاولة شخصية للحيلولة دون مزيد من الهدر المدرسي و مساعدة على التواصل المفيد داخل المدرسة.
إن المنادين باعتماد اللغة العامية التي درج عليها أطفالنا كما شيوخنا إنما يسعون إلى:
أ- التأكيد على أن العربية ليست باللغة الأم و من ثم فهي لا تمثل الشعب المغربي و لا يجب أن تستخدم نواة لهويته. و هو طرح ما فتئ أرباب الأمازيغية يرددونه دونما هوادة و تدليلا على ذلك لا نجد خيرا من مباركة عصيد عدو العربية و الإسلام الأول لطرح عيوش. في وقت أدرجت فيه الأمازيغية كلغة رسمية و تمت دسترة ذلك منعا لكل تعرض.
ب- النيل من الإسلام بالنيل من لغته. فلن تنطلي علينا كذبة أن الإسلام شيء و العربية شيء ثان. و ما لم يستطع فعله الاستعمار يفعله فينا الاستحمار.
إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ » يوسف:2
» وَإنَّهُ لَتَنْزيلُ رَبِّ العَالَمِينَ {} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ{} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرينَ {} بِلِسَاٍن عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » الشعراء: 192-195}
» وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هَذا القُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {} قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ » الزمر:27- 28
ج- التغطية على علل التعليم الحقة و اختلاق مشاكل جديدة فيفتح هؤلاء السماسرة أبوابا جديدة للإنفاق العقيم سيرا على منوال البرنامج الاستعجالي و واقع الأمر أنما صرف فيه عبثا يكاد يغطي نفقات دولة نامية.
و من جهة ثانية…
. أما كان للسيد عيوش و صحبه و هو المليونير الذي جمع ثروته من ربا القروض و من الإشهار المسخ أن يفكر مثلا لا حصرا في إنشاء مدارس جديدة منعا للاكتظاظ و تقريبا للمؤسسات من المواطنين فليس خاف على جهينة أقصد عيوش أن من التلاميذ من يقطع كيلومترات عدة ليصل إلى المدرسة ؟
أما كان للسيد عيوش وزمرته أن ينشدوا زيادة عدد المقبولين بمراكز التربية و التكوين و حسن تكوينهم منعا للخصاص الهائل الذي تعاني منه المؤسسات التعليمية و حفاظا على جودة الطاقم التربوي؟
أما فطن السيد عيوش إلى أن التعيينات المباشرة هي بلاء أصاب التعليم و عليه وجب وقف هذا النزيف و اللجوء إلى طرق بديلة و قطاعات أخرى لتوظيف المعطلين بعيدا عن سلك التعليم لأنهم و بشهادة التلاميذ و أطر التفتيش كما الإداريين لم يضيفوا شيئا للتعليم اللهم كثرة الإضرابات و المطالب بالترقي.
أما كان للسيد عيوش أن ينادي بضرورة اللجوء إلى طرائق تربوية جديدة بعدما أثبتت الفرنسية و البلجيكية ووووو….فشلها بل و عدم ملاءمتها الحقل التربوي الوطني.؟ أما وعي أن خير من يستفتى هم أبناء الوطن و أن كم الإنفاق الذي ضيعناه على طريقة هذا و ترياق ذاك يجب أن نستنبط منه أن ما حك جلدك مثل ظفرك.
أما كان للسيد عيوش أن يحث على طباعة مناهج تتماشى و الوضع الحقيقي لتلامذتنا بدل وضع ختم الوزارة على مقررات تنعدم فيها أبسط الرؤى التربوية و لا تجد من المتعلمين كما المعلمين غير النفور و الازدراء ؟
أما كان للسيد عيوش أن يعرج على سلك التفتيش فيذكر بالخصاص المهول فيه و يدعو إلى التجديد في أدبياته و طرق عمله فيتم تقييم الأستاذ وفقا لمعايير جديدة كالمشاريع التربوية مثلا؟
أما كان للسيد عيوش و هو الفاعل الجمعوي أن يدعو آباء و أولياء التلاميذ إلى مزيد من الرعاية و الاهتمام بتمدرس أبناءهم و لنذكر السيد عيوش أن تسعين بالمائة منهم إن لم نقل أكثر لا يترددون البتة على مدارس أبناءهم إلا إذا ما دعوا إليها مضطرين تبريرا لغياب أو بسبب مشكل أبناؤهم طرف فيه؟
أما كان للسيد عيوش و هو الخبير الملم بالتجارة و المال و الاقتصاد أن يفقه أن قوة اللغة من قوة اقتصاد البلد الذي يتكلمها؟ و من ثم وجب الإهتمام بالاقتصاد و تحسين حال الأسر أولا حتى يضطلع التعليم بالدور الذي ينتظر منه.
أما كان للسيد علوش و هو الذي يدعي حرصه على قضايا الأمة و تجنده للدفاع عنها أن يختار قضية تجمع لا قضية تفرق؟ أو ليس تسفيه العربية و اعتبارها سبب نكسة التعليم تسفيها للعرب كلهم؟ أهكذا يمحو مكونا رئيسيا من مكونات المجتمع دونما اكتراث؟
أما كان للسيد عيوش علاوة على كل هذا أن يقفل فاه و لا ينبس ببنت شفة فلا يتحدث إلا بما يجيد؟ أما كان له أن ينأى بنفسه عن سهام النقد التي أصابته من كل حدب و صوب؟ و كونه لا يكترث لذلك فإما أن يكون واثقا مما يدعونا إليه، عليما يفتي وقت الشدائد أو امرؤا عديم النخوة و لا أحسبه الأول إطلاقا. و ما دام يحب العامية فلا أظنه يعقل هذا المثل أو أنه قد نسيه وسط ملايينه الكثيرة و سنواته الأكثر »الفم المسدود ما دخلو ذبانة » السي عيوش…
و إني ككل مغربي حر، مسلم حق، أدعو صناع القرار ببلدي إلى إسكات كل من يتطاول على مقومات الهوية الوطنية و ثوابت الأمة و لعمري ما جحد فضل العربية إلا ناقم و حاسد و إن كانت لكم نية لإصلاح التعليم فاسألوا أهل مكة فهم أدرى بشعابها. و كل عاقل يعلم دونما ذرة ريب أن العربية براء من دم التعليم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
Aucun commentaire