هولندا : ندوة حول تبرع المسلمين باعضائهم لغير المسلمين
هولندا : ندوة حول تبرع المسلمين باعضائهم لغير المسلمين
قامت مؤسسة الأمل والتنمية بمدينة ليدن بمشاركة مؤسسة المعهد المغربي بلاهاي بتنظيم ندوة حول موضوع : « تبرع المسلمين باعضائهم لغير المسلمين « , وذلك يوم الخميس 7 نوفمبر2013 بمستشفى دياكونسن بمدينة ليدن . اللقاء حضره السيد عبد الوهاب بلوقي سفير المملكة المغربية و أعضاء السلك البلوماسي بالقنصلية العامة بروتردام و جمعيات وأفراد من الجالية المغربية . أما عن الجانب الهولندي فكناك هناك حضور مميز لمجموعة من الدكاترة الأطباء من مستشفيات مختلفة بهولندا وبعض الأكادميين والمستشرقين من جامعات أمستردام وليدن وغيرها . اما عن الضيوف من المغرب للمساهمة في الندوة فكان هناك الحضورالمتميز للعلامة الدكتور مصطفى بنحمزة بالاضافة الى السيدة هاجر بوصاك الحاصلة على الرتية الأولى في تجويد القرآن الكريم بماليزيا سنة 2013
استهل اللقاء بآيات من الذكر الحكيم من طرف السيدة هاجربحيث كانت رائعة في ادائها وصوتها خصوصا وان تلاوة القرآن الكريم تمت في قاعة بمستشفى هولندي وبحضور ازيد من 80 شخصا أغلبهم من الهولنديين. بعد ذلك تناول الكلمة السيد سفير المملكة المغربية رحب فبها بالحاضرين و شكر فيها الجهات المنظمة لهذا اللقاء و أوضح ان هذا النوع من اللقاءات الذي يجمع الهولنديين مع افراد الجالية المغربية يكون دائما مثمرا, لأنه يؤدي في نهاية المطاف الى التقارب والتعايش والتعاون والتسامح بين افراد هذا المجتمع الذي نعيش فيه .من جهة أخرى اشار السيد السفيرالى أهمية هذا الموضوع كون المغرب والمغاربة في كل مكان امتازو دائما بالانفتاح و الاعتدال في دينهم وثقافتهم وعرفو بتضحياتهم من أجل الآخر.
ـ الأنظار كانت موجهة طبعا نحو الدكتورمصطفى بنحمزة وعما سيقوله في هذا الموضوع خصوصا وأنه كان يوجه كلامه الى أطباء ومستشرقين مسيحيين ومن ديانات أخرى .
السيد بنحمزة وكعادته كان موفقا بامتياز لأنه جمع في مداخلته حول هذا الموضوع بالاستشهاد بالقرآن والسنة من جهة وبالمنطق والتحليل العلمي من جهة أخرى . في بداية مداخلته ذكر الدكتور بما يلي :
يطرح هذا السؤال بإلحاح في البلاد التي يتعايش فيها المسلمون مع غيرهم في بلاد الغرب. خصوصا وأن بعض المسلمين أصبحوا يقبلون على تلقي أعضاء تبرع بها غير المسلمين، لكنهم يرفضون في المقابل أن يتبرعوا بأعضائهم لغير المسلمين، مما يجعل موقفهم موقفا غير عادل ولا منسجم مع منطق تقابل الأخذ بالعطاء، وهو موقف يضر بصورة المسلمين إذ يقدمهم على أنهم يتناقضون في مواقفهم ويعبثون بدينهم حين يبيحون الأخذ من الآخرين ويحرمون التبرع عليهم. في مقابل صورة الآخرين الذين يتبرعون لفائدة من يخالفونهم في الدين وفي الانتماء
ويكفي مثل هذا السلوك لاستغلاله في إبراز عدم قابلية المسلمين للانسجام مع أفراد البلاد المضيفة التي أصبحت بالنسبة للأجيال التالية بلد مولد واستقرار
ذكر الدكتور بنحمزة بأن معالجة هذه القضية تبدأ من الإشارة إلى ضعف هذا الموقف من الناحية الأخلاقية على الأقل، إذ لا يقبل أي مجتمع بفئة تأخذ ولا تعطي، كما أن من الضروري تناوله من الوجهة الشرعية التي يتعين أن تكون مؤطرة للموقف الذي يتخذه المسلمون وهم مطمئنون إلى أنه يمثل موقف الشرع من الموضوع.
لقد توقف بعض المفسرين عند قول الله تعالى: ] وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاًَ[ [المائدة : 32]، فأشار إلى أن فيه تنويها من القرآن الكريم بإحياء جميع النفوس، وليست جميع النفوس نفوسا مؤمنة فقط، إذ فيها نفوس مؤمنة وأخرى غير مؤمنة، وقد نبه المفسرون إلى أن إحياء النفوس إذا كان بمعنى إعادتها إلى الحياة فإنه ليس في مقدور الإنسان. فيكون معنى الإحياء: هو تمكينها من الاستمرار في الحياة وإنقاذها من الهلاك، يقول ابن جرير الطبري:] وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [، من غرق أو حرق أو هدم
لقد أشار القرآن الكريم إلى دعوة إبراهيم الذي سأل ربه أن يختص بالرزق من آمن من أهل مكة، فأجابه الله بأنه يرزق المؤمن وغير المؤمن، ويبقى جزاء غير المؤمن لموعد آخر، فقال القرآن حكاية عن دعوة إبراهيم: ]وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ[ [البقرة : 126].
الدكتور بنحمزة أشار الى عدة محطات في التاريخ ساعد فيه المسلمون أناس آخرين ومن ديانات أخرى سواء في مكة أوفي الأندلس أو في أوروبا من خلال التضحيات الكبيرة ضد النازية .
وبعد ذلك لخص الدكتور مداخلته ببعض التوجيهات حيث قال :
إن عدم القبول بالتبرع بالأعضاء مع القبول بالاستفادة من أعضاء الآخرين عند الحاجة يبدو موقفا غير عادل ولا منسجم، لأن الذي يعتقد حرمة استفادة غير المسلم من عضو إنسان مسلم، لا بد أن يعتقد مثل ذلك الرأي في استفادة المسلم من عضو إنسان آخر غير مسلم. وحين يختار المسلمون مثل هذا التعامل فلا شك أنهم يكونون هم المتضرر الأكبر في نهاية المطاف، لأن الشعوب الأخرى تتخذ منهم حينذاك موقف الرفض والمنع ، والمسلمون في كثير من البلاد لا يشكلون إلا جالية محدودة العدد لا يمكنها أن تستغني عن مساعدة غيرها لها، خصوصا في الاستفادة من الأعضاء البشرية. إن شأن هذا الموقف أن يعزل المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية عن محيطهم ويحرمهم من كل الإمكانيات التي يوفرها التقدم الطبي هناك.
نشير هنا الى أن الدكتور بنحمزة سبق وأن ألف مجموعة من الكتب المتعلقة بهذا الموضوع من بينها حقوق المعوقين ـ ذوي الاحتياجات الخاصة ـ في الاسلام و زرع الأعضاء وتبادلها مع غير المسلمين.ومؤلفات أخرى .
الدكتورخيررت فيخل من جامعة أمستردام وهو متخصص في البحوث الاسلامية شكر الدكتور بنحمزة على مداخلته القيمة وأعطى بعص الاحصاءات في أوروبا تشير الى أن عدد المسلمين الذين يتبرعون بأعضائهم لازال ضعيفا مقارنة بالمسيحيين رغم أن الاسلام يدعو الى انقاذ الآخرين وقت الحاجة .
البروفسير كونينكس فيلد المستشرق والمتخصص في الدراسات الاسلامية بجامعة ليدن والذي ترأس الندوة اشار الى نقطة أخرى يعتقد فيها بأنه لو تم اقناع المسلمين بقبلوهم لعملية الدفن في هولندا ربما ستسهل مسألة فهم التبرع بالأعضاء لديهم وخصوصا الأجيال القادمة منهم , لكن رد الدكتور بنحمزة كان ذكيا جدا حيث ذكر بأن دفن المسلمين في مقابر خاصة بهم في هولندا أو اوروبا ممكنة لكن يجب أن لا ننسى بأن القبور في الاسلام لها حرمات وشروط خاصة بها فهل اوروبا مستعدة لتوفير ذلك ؟
البرفسورـ الجراح ورئيس الجاليةاليهوديةاليبرالية السيد رون , أشاد كثيرا بتحليل الدكتور بنحمزة وطلب من الجميع التعاون في هذا الاطار والتكافل بين جميع المواطنين في هذا البلد , بغض النظر عن أصلهم أو لونهم أو عرقهم .
أخيرا اختتم السيد عمرو هروي رئيس « مؤسة الأمل والتنمية » المنظمة لهذه الندوة بمشاركة مؤسسة المعهد المغربي بلاهاي , مؤسسة آفــاق بروتردام ومستشفى دياكونسن بليدن بكلمة شكر للحاضرين وللضيوف من المغرب ولمؤسسة الحسن الثاني بالمغرب .
عمرو هروي
رئيس مؤسسة الأمل التنمية
ليدن ـ هولندا
الحسين متحد مؤسسة المعهد المغربي بلاهاي
Aucun commentaire