جروح في قلب مدرسة : ابتزاز و نصب وشهادة طبية مزورة
)ابتزاز و نصب وشهادة طبية مزورة
تنسب الطريقة التوليدية في التعليم إلى الفيلسوف اليوناني(سقراط).وفي بعض الأحيان تحمل اسمه(الطريقة السقراطية).ويدون تاريخ الفكر الفلسفي أن سقراط كان يولد الأفكار من محاوريه كما كانت أمه تولد النساء.ولا ننسى أن سقراط هو صاحب المقولة المشهورة التي خلدها الدهر’ولا زالت الأجيال ترددها إلى يومنا هذا (تزوج يا بني ’فان وفقت في زواجك عشت سعيدا’وان لم توفق أصبحت فيلسوفا).ونعلم و عن طريق تاريخ الفكر التربوي أن الطريقة السقراطية هي الطريقة الوحيدة لصناعة الفكر و بنائه و في بلورة العقول و تطويرها…صحيح أنها طريقة قديمة و لكنها لا تصنف مع الطرق التقليدية.لأن هذه الأخيرة من خصائصها ’حشو الذهن بالمعلومات و تخزينها و استرجاعها عند الحاجة إليها.إن الأداة الوحيدة التي تتطور من الجانب الفكري للإنسان هي الذاكرة’وهذا يكون على حساب المؤهلات الذهنية الأخرى.ولهذا الغرض كان هدف التربية هو تكوين الإنسان الموسوعي الذي يعرف كل شيء و لكنه عاجز عن صناعة أي شيء.فالعقول التي تنتجها التربية التقليدية هي عقول مقلدة و ليست مجددة و مبتكرة…
كل مدرس يحاول أن يبتعد عن الدغماتية و الوثوقية .وينفر من تقديم درس يعتمد فيه على الإملاء والشرح.ولكن نسجل ’بعض الأحيان’إن طبيعة المحتوى لا يترك مجالا للمدرس اختيارات أخرى.فالأشياء البديهية تكون غير قابلة للمناقشة و الحوار.
كل مدرس حينما يتوجه إلى مقر عمله لا يعلم كيف يمر يومه ÷أي كيف يتم تصريف المعرفة و كيف يتعامل مع التلاميذ ومع الإدارة أو مع أي شخص آخر.فاليوم الدراسي قد يحمل مفاجآت قد تكون غير سارة. لا يمكن أن نحضر أنفسنا لأي عراقيل قد نصادفها فجأة’و لا نعرف ما هي المشاكل التي سنواجهها؟و لا نعرف ما هي العثرات التي نلاقيها و كيف نتجاوزها؟
توجهت المدرسة في ذلك اليوم من أيام السنة الدراسية إلى عملها و قد أعلمت التلاميذ بتوقيت حصة للمراقبة المستمرة.و كان من بين تلاميذ الفصل واحد أعيد إلى الدراسة بعد طرده في إطار محاربة الهدر المدرسي .تلميذ بأخلاق متدنية و مستوى معرفي هزيل و ليس له رغبة في بذل مجهود’لا يسمح له بالتكرار أكثر من مرتين كما لا يسمح له أيضا بالانتقال إلى مستوى أعلى.كان غشاشا و مشاغبا و عنيفا في تصرفاته .ووجد نفسه يدرس مع تلاميذ أصغر منه سنا وأقدر على مسايرة الدروس .ورأى في نفسه قائدا لهذه الجماعة.وبذلك يعوض عن النقص و الضعف في المستوى المعرفي و الفكري.نصب نفسه قائدا مبجلا تنصاع له النواصي و الأبدان باعتباره شيخ القسم الأكبر سنا و الأطول قامة و الأضخم جثة .ولقد سبق له أن عرضت حالته على مجلس القسم من أجل قبوله و إعادته إلى المدرسة.ولكن مجلس القسم رفض طلبه للأسباب المذكورة.إلا أن النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية أعطته فرصة أخرى.و شعر بالانتصار بواسطة هذه العصا الغليظة الآتية من فوق’والتي لا تراعي ما مدى الضرر الذي سيحدثه تلميذ مشاغب على عملية التعلم لجماعة القسم.رضخ المدرسون للأمر الواقع و الذي جعل التربوي يخضع للإداري.
وزعت المدرسة الأوراق التي تحمل الأسئلة ’و حرصت على أن يعتمد كل تلميذ على نفسه.هكذا سترصد المستوى الحقيقي لكل تلميذ’كما تحدد الصعوبات المعرفية و المهارية لتصنفها و بالتالي ترسم خريطة الدعم المناسبة’وترتب جماعات الأقسام حسب مستويات تحصيلها للمعارف’فهذا في نظرها قد يساعدها في اختيار تمارين التعلم المناسبة لكل جماعة على حدة….
شرع التلاميذ في قراءة الأسئلة ’و الكثير منهم يجيب مباشرة على ورقة التحرير دون المرور على المسودة.و في مثل هذه المناسبات يسعى بعض التلاميذ إلى أسئلة أصدقائهم عن حل التمرين الفلاني و العلاني’و البعض الأخر يسعى إلى النقل من جيرانه’و آخرون يحاولون الاعتماد على قصاصات ورقية صغيرة كتبت بخط دقيق جدا…حرصت المدرسة أن يشغل التلاميذ تلك الآلة التي وهبها الله لهم في رؤوسهم.
انتهى معظم التلاميذ من كتابة الأجوبة.وبقي الذين فشلوا في الوصول إلى تدوين أي شيء على ورقة التحرير.ومن بين هؤلاء ’ذلك التلميذ العنيف المشاغب ’حيث انقض على ورقة صديقه’ووضعها فوق الطاولة التي يحتلها.و شرع في نقل كل المعلومات و الكتابات و الأجوبة المدونة على ورقة صديقه’وتحت أنظار المدرسة و التلاميذ كأنه يقوم بعمل جبار و بطولي لا مجال فيه للهزيمة.بل الانتصار أولا و أخيرا خصوصا أمام مدرسة امرأة لا تقدر على منازلته.هكذا فكر و هكذا قرر.
جمعت الإجابات من التلاميذ .وقررت أن لا تأخذ ورقة التلميذ وورقة صديقه التي سحب منها كل المعلومات و الإجابات.أبدى التلميذ استغرابه من هذا العمل .وهدد مدرسته انه سيكون هو السبب في طردها من الوظيفة نهائيا و لن يقصر في سبيل الوصول إلى هذا الهدف.هدد و شتم و سب عاكسا مستوى أخلاقيا و اجتماعيا وتربويا منحطا و دنيئا…خرجت المدرسة بعد انتهاء الحصة في حالة من الذهول والضيق و الحزن و خيبة الأمل من جيل لا يحترم نفسه و لا غيره…صادفت وهي في طريقها ’زميلة لها’حكت لها ما حدث. كانت تبحث عن وسيلة قد تضع حدا لهذا التصرف لا يكون فيها الحرمان من الدراسة لبضعة أيام’حتى كتابة وتوقيع التزام بالهدوء و الانضباط في مثل هذه الأمور لم تعط نتائج عند بعض التلاميذ…
بعد الحصة توجه التلميذ إلى المدير يشكو من تصرف المدرسة منكرا كل محاولة للغش…في الحصة الموالية ’دخل الحجرة و كان شيئا لم يحدث.ولكن ’بما انه كان متغيبا ’كان عليه أن يبحث عن ترخيص إداري بالدخول.لجا للمرة الثانية لتهديد المدرسة التي منعته من الدخول’و استعمال ألفاظ وقحة …جعلتها تصر على كتابة التقرير أخيرا’الذي قدمته إلى رئيس المؤسسة ’تلتمس فيه انعقاد المجلس التأديبي للنظر في الحادث المتكرر و اظهر وقاحة عالية الدرجة.
بعد أن تغيب يومين متتاليين’جاء التلميذ إلى المدرسة بصحبة أمه’و على يده رباط سميك من الجبس’ذلك الذي يضعه طبيب العظام لمعالجة الكسور.و قدم شهادة طبية مدتها يوما15.متهما المدرسة أنها هي من سبب الكسر الذي في يده ’وهي التي أهانته أمام التلاميذ و.و..
وبما أن نساء التعليم و رجاله من المسالمات و المسالمين’والذين يحرصون على تطبيق القانون و الانصياع له’رأى السيد المدير ان يقنع المدرسة(بالتفاهم)مع التلميذ حتى لا يتطور المشكل’و يصل الأمر إلى أقسام الشرطة و المحاكم.و كان رأيه مستقرا أن يتنازل التلميذ عن الشكاية مقابل نصيب من المال…لكن المدرسة رأت نفسها أنها ضحية ظلم و تعدي و ابتزاز و نصب و احتيال.فكيف لها أن تكسر التلميذ وهي امرأة اقل قوة و اكبر سنا(في عمر أمه أو اكبر) و اخذ منها المرض المزمن كل قوتها’واخذ منها العمل على مدى السنين الطويلة التي قضتها كمعلمة للأجيال كل نشاطها الشبابي…مع ذلك ظلت تعتقد بنبل رسالتها.صحيح أن عملها لا يدر عليها ثروة و لا ثراء.فأهل العلم فقراء. ولكنها كانت ككثير من المدرسين’لا تنتظر الرزق و الصحة و الرحمة و الجزاء الحسن إلا من خالقها عز و جل…
أصرت المدرسة على عدم الرضوخ لابتزاز التلميذ.و شهد التلاميذ أمام المدير الذي قام بتحريات ’و أمام بعض المدرسين أن الأستاذة بريئة من تهمة كسر يد التلميذ’لأنها لم تقترب منه.عندما تيقن التلميذ أن هذه الألاعيب لم تعط نتيجة ’وان رجليه قد وقعتا في الوحل و غاصتا فيه’انصرف إلى حال سبيله يبحث عن ضحية أخرى تذعن لاحتياله…قالت القصة أن حنين بعد أن فقد الحمار ’رجع إلى منزله بخفين.ويقول المثل المصري في هذا السياق÷خرج من المولد بلا حمص.ذلك هو مصير من يفتري على الناس الكذب’ ويريد أكل أموال الناس بالباطل و البهتان….
وأنا اسرد هذه الواقعة كما حدثت’رأيت من حقي أن اطرح أسئلة عريضة.لقد كنت راويا للأحداث بينما كانت هي دارية بها.وقد قال أهل الفقه الديني ÷الدراية أفصح من الرواية.
الم يكن بمقدور المدرسة إعطاء التلميذ ما يشاء من النقط حتى تتقي شره؟و تتحول النقطة إلى وسيلة لاتقاء شر غير متوقع حدوثه’ لا وسيلة لقياس التعلم؟الم يكن بمقدور المدرسة ضرب الحائط بكل القيم التي من اجلها أنتج المجتمع المدرسة كمؤسسة لتكوين النخب في كل المجالات؟إن فعلت ذلك ألا يعتبر هذا من باب إدخال الميوعة و العبث إلى الجسم التعليمي؟؟أية مصداقية تبقى للمدرسة في ميدانين استراتيجيين لا تستطيع أية مؤسسة أخرى منازعته فيهما هما التربية و التعليم؟؟ و أخيرا أية مصداقية تبقى للمدرس وللامتحانات و الشواهد؟ألا نعمل على وضع قيمة المدرسة تحت التراب؟ » و كيف يجرؤ بعض الأطباء على أن يسمحوا لأنفسهم أن يقدموا شواهد طبية مزورة تحكي عن كسر لا وجود له؟أليس هذا مساهمة منهم في إفساد المجتمع و الأخلاق؟أليست هذه شهادة زور يقوم بها طبيب كان من الفروض أن يكون اطهر الناس و أبعدهم عن الشبهات ؟؟؟ ألم يصور (ألبير كامو) الروائي الفرنسي المعروف’في روايته المشهورة (الطاعون) أن دور الطبيب يقترب من دور القديس ’بسبب عمله الدءوب و الانتحاري في مساعدة الناس على إنقاذهم من الموت؟؟
اترك لكم التفكير و الحكم السليم يا أهل الحكمة و القلم و الكتاب و الطباشير؟؟
4 Comments
A mon avis cet eleve doit etrepunis par le conseil de dicipline et renvoye definitivement de sa classe et du lycee . Et pour la pauvre prof je la conseille EwEde maintenir sa confiance en dieu et c est lui seul qui punis les medecins commerciaux .
السلام عليكم .مقال رائع جدا ،يعكس المعانات الحقيقية للاستاذ النزيه.
انها مهانة لمن يحمل هده الرسالة النبيلة .مرة سباب من السوقة والجهلة واخرى افتراء.لكن من له ضمير مهني وصلا بة الجبال لا تحرك همته ابدا سفاهة المجانين ولعلي اتدكر قولا جميلا قال الشاعر قالوا سكت قلت السكوت عن الجاهل جواب ا اماترى الاسد تخشى وهي صامتة والكلب يقعي لعمري وهو نباح
غريبة هي الدنيا،تأسر كل شريف وتهزم كل عزيز ،لكن من له قوة. وصلابةالجبال ماتجد ه منهزما بل تجد التجارب وحنكته ولا تنقص من همته فمرحى ،حقاان من يظن أن رجل التعليم هين فقد أهان نفسه ووقع في المحضور، فان كان سكوته جوابا فهو قوة، تحطم السفيه والغوغاء وهنا استحضر قولا بديعا أما ترى الأسد تخشى هي صامتة والكلب يقضي وهونباح