Home»International»لا رأي لغائب ومتغيب

لا رأي لغائب ومتغيب

0
Shares
PinterestGoogle+

لا رأي لغائب ومتغيب

بقلم: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس.

مقدمة:

في إطار ممارسة العمل وتدبيره بشكل جماعي بأي إدارة أو مؤسسة، تتم الدعوة، من حين لآخر، إلى عقد اجتماع من أجل تدارس وضعية معينة، قد تغطي عدة مجالات  تربوية وإدارية وتقنية واجتماعية…

والاجتماعات، عموما، تعتبر مناسبة للقاء والحوار وتبادل الآراء والتعبير عن المواقف الشخصية والمساهمة في المناقشة والتحليل، وإبداء الرأي وتقديم المقترحات والتوصيات وتطوير العمل والارتقاء بالمردودية والسير قدما نحو الأفضل لتحقيق النجاح المأمول والأهداف المسطرة ومعالجة القضايا والإشكالات المطروحة، بمساهمة جميع الأطر والموظفين والعاملين قطاعيا وفئويا كل حسب موقعه وتخصصه.
إن عقد اجتماعات في أي مؤسسة كانت، يسهم في تبادل الخبرات بين العاملين بها، حيث يتم الاطلاع على المستجدات،  والاطلاع على أحدث المعلومات، من أوثق المصادر والنصوص الناظمة، للمسئولين بصورة خاصة، وللعاملين عموماً، وتمنح الفرصة للجميع للمشاركة في اتخاذ القرارات وبالتالي الحماس والغطاء القانوني لتنفيذها وتحمل المسئولية في ذلك .. وفي الاجتماعات تكرس روح الفريق في العمل التشاركي الذي لا غنى عنه في مختلف الأعمال .
وخلال الاجتماعات يتم تبادل المعلومات والخبرات، بين الحاضرين، بناء على مناقشات وحوارات جماعية، ما يوفر الوقت والجهد، أفضل مما يتم بصورة فردية، تنبثق عنها قرارات جماعية، تسهم في معالجة القضايا المطروحة وبسط الحلول المناسبة لكل وضعية من خلال تدارس المشاكل بشكل جماعي وإسهام جماعي.
ومن المعلوم أن كل اجتماع يتطلب إعدادا قبليا جيدا تقنيا وإداريا وتربويا وماديا وثقافيا ويتطلب جهدا وطاقة، حتى يكون منتجاً ومثمرا، كما يتطلب حسن الإدارة وجودة التسيير، ويتطلب كذلك حضور المستدعين.

إلا أنه يتم تسجيل، وخلال أغلب الاجتماعات واللقاءات، تخلف عدد لا يستهان به من الأفراد المدعوين، لينعقد الاجتماع ب » من حضر « ، إلى درجة أن هذه العبارة أضحت مألوفة وملازمة لكل اجتماع، كما أضحى تسجيل الحاضرين والغائبين والمتغيبين مسألة ليست ذات أهمية.

I.     فمن هو الغائب أو المتغيب؟

دون الغوص في تحليل عميق لغويا لفعلي: غاب وتغيب، يمكن الفصل استنادا إلى عدة معاجم أنه، عموما:

·      فعل غاب يفيد عكس فعل حضر، إذن فغاب فلان، لم يحضر، عفويا وتلقائيا؛

·      وفعل تغيب يفيد كذلك عكس فعل حضر، إذن فتغيب فلان لم يحضر، لكن ليس تلقائيا وعفويا.

إلا أن النتيجة واحدة، وهي التخلف عن المشاركة في أشغال اجتماع أو لقاء مبرمج في موعد محدد.

وغياب وتغيب فرد أو عضو مرتبطان بالعدم، فمن عدم الحضور، إلى عدم المساهمة في المناقشة، إلى عدم الإدلاء بالرأي، إلى عدم المشاركة في تقديم مقترحات وتوصيات، إلى التواري عن الساحة وميدان العمل، إلى الإخلال بالعمل الجماعي وضرب الروح الجماعية؛

وكثيرا ما تتردد بدعة ابتدعها المتخلفون عادة عن الاجتماعات مفادها  » الغياب/التغيب أفضل من الحضور »، مصدرين بذلك حكما غيبيا مسبقا عن مجريات المناقشات والنتائج المتوصل إليها، غافلين أو متغافلين أن لكل اجتماع خصوصيات ومميزات حسب الوضعيات والإشكاليات المطروحة للنقاش والأهداف المنتظرة منها، أو مقدمين بذلك مبررات لفعل صدر منهم كان عفويا أو قصديا.

وحيث، عموما، يتم الغياب تلقائيا وعفويا، فسوف تركز مناقشة الموضوع الحالي على حالات التغيب المقصودة من طرف المتغيبين والمتخلفين عن العمل الجماعي، الممتنعين عن الحضور والمشاركة في أعمال مشتركة، من أجل التوصل إلى نتائج وخلاصات مشتركة، ترضي الجميع وتتوافق ورغباتهم وطموحاتهم ومواقفهم ومواقعهم الإدارية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية.

II.  ما هي أسباب ومبررات الغياب والتغيب وآثارها على الفرد والجماعة؟

لقد تم نحت بعض الصيغ تتعلق بالغياب والتغيب: من قبيل  » نتمنى أن يكون المانع خيرا » و » الغائب حجته معه »، لكن الواقع والثابت هو التخلف وعدم حضور اجتماعات محددة مواعيدها، مسبقا أو آنيا، وعدم مسايرة مجريات النقاش، وعدم المشاركة في الخلاصات والتوصيات.

أما هذه الصيغ فتعتبر شبه مبررات، أصبحت معتادة، إضافة إلى المبررات التي يدفع بها الغائب والمتغيب، وأضحت ترخيصات مسبقة للتخلف عن الحضور، تفتح الأبواب على مصراعيها لشرعنة التغيب والتلاعب والاستهتار وإتلاف المصلحة العامة وإضاعة حقوق مشروعة والتملص من المسؤولية والقيام بالواجب.

إضافة إلى هذا، يقدم المتغيبون بعض المبررات لتغيبهم، من قبيل:  » لم أستطيع الاستيقاظ من النوم باكرا » و »فاتتني حافلة النقل » و »أصاب سيارتي عطب  » و » اصطحبت ولدي إلى الروض »… وغير ذلك.

وبعد انصرام مدة زمنية، تنكشف هذه الأسباب والمبررات، فيتبين أنه لم يكن هناك  » لا مانعا و لاحجة ولا مبررا »، بل فقط اللامبالاة والنوايا المبيتة لضرب مصلحة عامة، أو ضرب مصلحة الجماعة دون اكتراث بالعواقب، حيث المستهتر والمتلاعب، لا يدور بخلده أنه يضرب حتى شؤونه الخاصة، دون وعي منه إلى حين دخول مختلف التوصيات والقرارات حيز التطبيق والتنفيذ على الساحة وأرض الواقع.

وعلى العموم، وتعميما لانعكاسات التغيب، وعدم المشاركة في وضع خطط عمل يجد المتغيب نفسه أمام برامج ومقررات مفروضة عليه، وبالتالي، مطالبا بإنجاز مهام وعمليات لم يشارك في بلورتها، ويشعر أنه مرغم على التنفيذ، فيصاب بالاشمئزاز والإحباط، وبعدها يلجأ إلى الاحتجاج حين يطاله التهميش والإقصاء، فتضيع حقوقه هباء منثورا، نتيجة انزوائه وتركه الساحة فارغة.

خاتمة: 

استحضارا لروح الواجب والمسؤولية، فمشاركة كل فرد في عمل جماعي، يرتبط بمجال تخصصه، من أجل دراسة إشكالية معينة وبلورة برامج ومقررات، من أوجب الواجبات، وذلك في جميع القطاعات والمجالات، كانت تربوية أو إدارية أو اجتماعية أو سياسية…، وإلا تهدر جميع حقوقه، ويفقد، بعد ذلك، حتى الحق في الإدلاء برأيه واتخاذ أي قرار، من أي نوع كان.

بقلم: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *