لماذا لم يقاتل سيدنا عثمان الخوارج
ان قضية مصر، وطلب فئة من الشعب محمد مرسي بالرحيل تعيد لنا ذاكرة حصار الخوارج المتمردين لسيدنا عثمان رضي الله عنه
في هذا التذكير، لا يوجد اي تشبيه بالرأيس المصري محمد مرسي بأمير المؤمنين سيدنا عثمان رضي الله عنه، لكن سياسيا هناك نقطة مشتركة ومجال واضح للمقارنة
إن تمسك سيدنا عثمان بالحكم عندما طلب منه المنافقون الذين غسل فكرهم عبد الله بن سبأ التنحي عن الخلافة لم يكن حبا في الحكم أو رفض الخضوع إلى إرادة الشعب أو ضد الدمقراطية، لكن كان ذلك لحكمة بالغة، وفكرة ذات بعد نظر يحمي بها استقرار الدولة و الحفاظ على دوامها ومستقبلها
فإذا تخلى سيدنا عثمان عن الحكم في تلك الفتنة التي ادت الى اغتياله، لاصبح كل من هب ودب، او اي جماعة لا تريد حاكما طلبت منه الرحيل فتذهب ريح الامة والدولة وتصاب بعدم الاستقرار المزمن
إن الرئيس محمد مرسي، إنتخب دمقراطيا وبطريقة شفافة ونزيهة، فكان حكمه خيار المصريين معظمهم، فلم يمر عاما على توليه امرور المصريين حتى اتهم بعدم الكفائة وعدم التميز بالدمقراطية
بين المعارضين والمؤيدين لحكم مرسي يتواجد مصير مصر الحبيبة، يتواجد مستقبل الامة ومرآة قيمة العرب والمسلمين
ان هذه الشرعية جائت بإرادة الشعب، فكيف يمكن لهذا الشعب ان يثور على حاكم اختاره بكل حريته وبكل دمقراطية بعدما ان قاوم وناظل ضد الاستبداد والدكتاتورية
لكل فئة رأي، وهذه خلافات طبيعية وهي اساس بناء مجتمع ناضج ومتحضر، هذا الاختلاف الاديولوجي والفكري لا يمكن له ان يسفك دماء في مجتمع مثل مجتمع مثقف وحكيم ومتدين مثل المجتمع المصري
ان المعارضة لا بد منها، ولا بد لها ان تعارض سياسة ان اخطأت، ولكن ليس بالبلطجية والفوضى والتهكم والمطالبة بخلع الحاكم الذي تم اختياره دمقراطيا ومن الشعب
ان الغرب الذي يتميز « بالدمقراطية » حينما ينتخب حاكما له، ينتخبه وكله امل في ان يسير هذا الحاكم الدولة بالعدل والحكمة والكفائة في كل المجالات، السياسية والاقتصاية والدينية، لكن اذا ماتبين مع مرور مدة الحكم والحكومة ان هذا الحاكم وسياسته لا امل فيها، ينتقد ويحاول اصلاح ما يستطيع، ولكن لايثور ولا يخرج على حاكمه طالبا منه التنحي، بل ينتظر الانتخابات الرآسية المقبلة فلا ينتخب عليه مرة اخرى
الخطورة في الامر، هو ان يتسرب من يبتغي الفتنة، ويسبب متعمدا تشابكات وتداخلات عنيفة بين الفئتين المتداخلتين والمختلفتين، وتصير فتنة كفتنة معركة صفين او اشد والله المستعان والحافظ
هل هذه الحكمة البليغة الذي نهجها سيدنا عثمان امام فتنة الخوارج تلائم الرئيس مرسي في هذا الموقف السياسي الذي يعصف بمصر؟
سؤل يطرح نفسه، إذا ما تنحى محمد مرسي، من سيأتي بعده؟ وإذا ما كان من يأتي بعده أسوء من مرسي فهل سيُطلب منه الرحيل؟ وإلى متى الاستقرار؟
حفظ الله مصر وشعبها مؤيدين ومعارضين، وحقن الدم بينه وانجاهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن
Aucun commentaire