ارتسامات من لقاء مع السيد وزير التربية الوطنية ….
عقد السيد وزير التربية الوطنية لقاء تواصليا مع السادة مفتشي التعليم لأكاديمية الجهة الشرقية وأكاديمية الحسيمة تازة, يوم الاثنين 22أبريل 2013 بمركز الدراسات والبحوث في المجتمع المدني. ورغم أن السيد الوزير تهرب من مصطلح » لقاء تواصلي » مكتفيا بقوله » لقاء رسمي » يبقى لقاء هام شكلا وفارغ محتوى.
سأتناول اللقاء من ثلاثة جوانب: شخصية السيد وزير التربية الوطنية- ايجابيات اللقاء- سلبيات اللقاء.
1- شخصية السيد وزير التربية الوطنية:
دخل السيد وزير التربية الوطنية على غير عادته,متوترا نوعا ما, متخوفا من لقاء قد يفشل كل ما هيأ له مع طاقمه الخاص المتمثل في المفتشين العامين. وعليه يمكن رصد معالم شخصيته من خلال هذا اللقاء على النحو التالي:
– اعتماده الجدية بشكل أكبر على غير العادة,مخافة اصطدام أو احتدام ما. مما مكنه من تدبير اللقاء بشكل أنجع.
– اعتماده مصطلحات غير مقبولة تربويا,منها على سبيل المثال: بوشعكوكة- وزير وبزعط – فلان نصراني-
– جمعه بين الضحك أحيانا والغضب أحيانا أخرى.
– مجاملته للمفتشين على غير العادة, وتهجمه على فئات أخرى من التعليم.
– حصره للفئات الفاعلة في المنظومة في رجال التدريس وهيأة التفتيش,ايضا على غير العادة.
– الحديث بشكل عام وترديد نفس الحكايات التي سردها بالجهات التي تواصل معها.
– مقاطعة كل المفتشين المتدخلين ومحاولة ارباكهم أو حتى اسكاتهم.
– غموض الرؤيا عنده حول مجال اصلاح التفتيش ,أو تعمده الغموض.
– احتكاره للكلام واعتماده على الشفوي أكثر منه الكتابي, بدليل عدم اعتماده نهج المراسلات الرسمية حتى بينه وبين المفتشين العامين أحيانا. سلاح واسلوب هام ولكنه ذو حدين.
– الحديث يمينا وشمالا ,مما يؤكد ما يؤاخذ عليه من فضفضة في الكلام وغياب الوئام.
– شخصية تجمع بين التواضع أحيانا والحديث بمرونة ,والتعصب أحيانا أخرى والتشبت برأيه.
2- ايجابيات اللقاء:
مهما كان الأمر يعتبر التواصل في حد ذاته ايجابيا ,ميزه السيد الوزير بجرأته وشفافيته وقدرته على تدبير اللقاء وفق خطته, وتمكنه من امتصاص الغضب بشد الحبل احيانا والمرونة أحيانا أخرى.وعليه يمكن استنتاج الايجابيات التالية:
– عزمه تغيير الكثير من وقائع تعثر المنظومة التربوية بالكشف عن المستور ,عكس سابقيه الذين كانوا دائما يظهرون التعليم بصور لماعة براقة ,لا يتحدثون عن العوائق إلا عندما يخططون لضخ اعتمادات مالية.
– فضحه للكثير من صور التسيب التي تجلت معالمها في ما أنفق عن البرنامج الاستعجالي كحديثه عن تعويضات صرفت لبعض الوصوليين وصلت الى مئات الملايين,وحديثه عن مجالس الانضباط التي لا تخدم تنقية التربية والتعليم من المتهاونين والعابثين,بقدر ما تتعامل بانحياز كبير وتجاوز على المنكرات بمكنرات أكبر.
– لم صف المفتشين في لقاء من هذا المستوى والحديث معهم بلغة بسيطة سهلة – وهنا اقصد سهلة التحدث دون تكلف ودون قيود وكأنه يتحدث مع اصدقاء له عن وضعية في مقهى أو مكان خاص-.
– عزمه المضي في اصلاحات وظهور بعض معالم تريثه في اتخاذ بعض القرارات الحاسمة وخاصة عندما بدأت الرؤيا تتضح لديه.
3- سلبيات اللقاء:
رغم ما حقق اللقاء من مستوى معين من التواصل على علته وعدم اعتراف السيد الوزير بمصطلح التواصل واعتماد كلمة لقاء رسمي,يمكن تقديم الملاحظات السلبية التالية:
– لقاء تحدث فيه السيد الوزير كثيرا وبشكل عام غامض, واستمع قليلا , وقاطع كل من تدخل بأجوبة فضفاضة عامة غير مركزة .
– تحدث في جل الأحيان عن منجزاته وتمكنه من كل شيء ,رغم أنه كان مرارا يردد بأنه قليل المعرفة, بل اساء للأساتذة عندما تحدث في كل لقاء عن استاذة ارتكبت أخطاء في اللغة الفرنسية دون أن يذكر حقيقة, أنها أصلا مدرسة للغة العربية, وتحدث عن المفتش الذي يتلقى الاتاوات من الأساتذة ,وتحدث عن المفتش الذي نقله من نيابة القنيطرة الى نيابة تطوان لمجرد أنه كتب عن معطيات خاطئة حسب قول السيد الوزير, وتحدث عن المديرين الذين يطالبون يالتعويض عن التنقل الى النيابة مع رفضهم لنقل البريد,وتحدث عن لجان الانضباط بالأكاديميات التي يشوبها الانحياز والتساهل ,مع أنه عمم المعضلة على الجميع.
– لم يتحدث عن مشروع اصلاخ التفتيش إلا في عبارات قليلة مفادها مفتش رئيس جهوي,كأن المعضلة في المفتش الرئيس.
– تحدث عن دول حذفت وظيفة المفتش ,واعتمادها على التقويم الذاتي الذي يقوم به المدرس بنفسه ,حيث ستظهر تجليات مدى نجاحة مهامه من خلال تناقضات قد تبدو من خلال ملأ تلك الاستمارة,في حين نسي أو تناسى أو علمه فقط للقشور وغابت عنه الأصول,حيث أن الدول التي تعتمد التقويم الذاتي تتمتع مؤسساتها باستقلال مالي واداري وتتعاقد مع الأساتذة الذين يلتزمون بتحقيق نتائج معينة محددة والا يفسخ عقدهم في نهاية السنة الدراسية ,بل ونسي أن تلك المؤسسات تتحصل على الميزانية من خلال مشروع تعده في هذا المجال ويصادق عليه مجلسها الاداري الذي يلعب فيه آباء وأولياء التلاميذ دورا هاما,بحيث تلتزم المؤسسة بتقديم الحساب وتحقيق ما التزمت به .ثم تراجع ليتحدث كونه لا زال يرصد الآراء وأنه بدأ يتفهم الكثير من الأمور.
– لم يتبين جل المفتشين المرامي من هذا اللقاء الذي حاول السيد الوزير اللف عليه بالحديث شرقا وغربا. وإن كان يخبئ تعديلات هامة وتغيرات جمة ستطال هذا اللجهاز وربما ستنال من مصداقيته وتقلل من فاعليته. أتمنى أن يكون حدسي خاطئا.
مجمل القول أن اللقاء حمل واحتمل ,لكن الخفي منه أعظم مما أعلن, وأن التناقض أحيانا بين العبارات يحمل عدة دلالات , فعندما يتحدث السيد الوزير عن مفتش جهوي رئيس معين ثم يردف قائلا بأنه سينطلق من تباري حر ,إنما يخفي أكثر مما يعلن,بل وما فائدة مفتش جهوي رئيس في ظل وجود مدير أكاديمية وفي ظل تغييب مجلس جهوي للتفتيش.وتحدث غيره كون المفتش الجهوي الرئيس لا يهم سوى المفتشين التربويين. فما دلالات ذلك؟,وعندما يتحدث عن مسؤولية مفتش المصالح المداية والمالية في تتبع الصفقات من مصدرها الى تنفيذها والتأشير على كل مراحلها. فهل يعقل أن يجمع مفتش المصالح المالية والمادية بين التدبير والمراقبة؟
لن أطيل كثيرا ولي عودة الى ملامح أخرى من هذا اللقاء إن شاء الله تعالى.
1 Comment
تكمن مصيبتنا نحن المفتشين في التصورات والتخمينات والتخيلات وما وراء الستار والغيبيات وبين السطور ووراء الفكرة وجانب القول وما لم يقل وما كان عليه أن يقول ؛
وبشكل عام زمنذ سنوات كانت ولا تزال مصيبة المفتش في قراءة الكف وقراءة الفنجان وقراءة ما لم يقله أي أحد ؛
فالوزير قال وبشكل واضح ودون لف ولا دوران، وطرح أفكارا واضحة وطلب الانخراط في التصور المطروح، أما المفتشون فلازالوا كعادتهم يبحثون ويفتعلون كل ما من شأنه العرقلة ومواجهة مصالحهم الخاصة، ولو كانوا إجمالا يبحثون عن المصلحة العامة لما كانت قراءات ولما كانت تخمينات، ولما كان النظر إلى الغيبيات؛
إن المفتش يعتبر مكمن الداء والدواء، فلما يستقيم المفتش تستقيم المنظومة ككل؛
فمن يعطي نقطا ارتجالية للمدرسين؟
ومن يقوم بإنجاز الساعات المؤداة خلسة ؟
ومن يعمل لدى المؤسسات الخصوصية وهو مسؤول عليها؟
ومن يقوم بتفتيش صورى لا وجود له على الواقع؟
والخلاصة لو تبين للمفتش ما يحمي مصلحته المادية الخاصة لما كان هرج ولا مرج؛