Home»Régional»بوعرفة منطقة فوق برميل من البارود

بوعرفة منطقة فوق برميل من البارود

0
Shares
PinterestGoogle+

كلما تحدث سكان مدينة بوعرفة أو البلدات المجاورة لها عن التوترات الاجتماعية وغليان السكان بسبب الأوضاع المزرية التي يعيشونها والتهميش الذي يطال المنطقة إلا رددوا عبارات من قبيل " تعيش المنطقة فوق برميل من بارود"، كما يعبرون عن وضعية المدينة بالمنطقة التي "تعيش على هامش الهامش" ما يطلقون عليها "الزاوية الميتة" مما جعل بعض أبناء المنطقة يؤكد على أن وضعية الإقليم تكرس منطق المغرب غير النافع.

يعيش سكان المنطقة ظروفا اجتماعية جد قاسية زادتهم قساوة الظروف الطبيعية معاناة مع الفقر والبطالة دون أن تجد الدولة لهذه المنطقة موقعا في خريطة التنمية رغم تعدد وكالات التنمية( وكالة تنمية الجهة الشرقية ،وكالة تنمية الشمال، وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية بالمملكة المغربية) رغم حساسية موقعها الجغرافي على الشريط الحدودي مع دولة الجزائر التي لا يتوانى إعلامها بالتشهير بالمغرب وتشويه سمعته كلما وقع حدثٌ بالمناطق الحدودية . وتتمحور أنشطة المنطقة الاقتصادية حول تربية المواشي والاستغلال المعدني والاقتصاد الواحي، لكن هذه الأنشطة تبقى عاجزة عن توفير الشروط الضرورية لخلق تنمية محلية مستديمة لكونها خاضعة للتقلبات المناخية والاستغلال التقليدي الفوضوي، وفي غياب مشاريع تنموية على غرار ما تم ويتم بجهات مغربية أخرى. ويبقى الجنوب الشرقي المغربي مجالا متأخرا جدا مما يؤكد بأن التنمية المتوازنة بين مختلف الجهات لم تتحقق ، وأن التهميش لا زال يطال هذه المنطقة حيث يعتبر السكان أنفسهم مهمشين ومقصيين مقتنعين بأن الدولة لازالت تكرس " سياسة المغرب غير النافع مع المنطقة وأبنائها" كما جاء على لسان أحد الشباب المعطل.

يبلغ عدد سكان مدينة بوعرفة 25920 نسمة فيما تبلغ جماعة بني كيل 9095 نسمة، فيما يبلغ بلغ سكان إقليم فجيج/بوعرفة 129430 نسمة ، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى ل2004. وتبلغ نسبة الأمية بالإقليم بالمجال الحضري 52,7% فيما تبلغ بالمجال القروي 74,8%. أما بالنسبة للسكان النشطين فتصل النسبة إلى 30% مقابل 70% بدون شغل . هذه الوضعية زادت من استفحال الطبقة الفقيرة والمعوزة والشباب المعطل مما خلق العديد من المسيرات والوقفات الاحتجاجية وينذر بتوترات اجتماعية . " لا يمكن تصنيف بوعرفة في خانة الحواضر وليس هناك بوادر لأن تكون كذلك بل بالعكس تتفاقم وضعيات السكان بلجوئهم إلى المغارات والكهوف ودور الصفيح" يقول عبدالنبي العفوي الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم (كدش)، موضحا ذلك انطلاقا من مؤشرات التطور العمراني بالمدينة التي تقاس ببناياتها، ويذكر ببعضها حيث لا تبلغ نسبة الفيلات ببوعرفة إلا 0,2% والعمارات 0,1% وتبلغ نسبة السكن العادي 30,9% في الوقت الذي تبلغ نسبة الساكنة بدور الصفيح والمغارات والكهوف وبين الجدران 20% دون احتساب الرحل الذين لا سكن لهم اللهم خيم من الحصير…

لقد شهدت المنطقة ومدينة بوعرفة على الخصوص خلال السنتين الأخيرتين غليانا كبيرا وتوترات اجتماعية تمت ترجمتها على أرض الواقع بأكثر من 30 مسيرة ومظاهرات شعبية واعتصامات مستمرة ودائمة وأكثر من 40 وقفة احتجاجية وإضراب عام نشطها السكان تارة والمعطلون المجازون تارة أخرى، ورجال ونساء التعليم أحيانا وموظفو ومستخدمو الجماعات المحلية والتجار أحيانا أخرى، ثم مسيرات ووقفات للصناع المنجميين لبوظهر بمدينة بني تجيت واحتجاجات بعين الشعير… لقد خرج سكان مدينة بوعرفة مساء يوم الأربعاء 5 شنتبر الماضي في مسيرة حاشدة تجاوز عدد المشاركين فيها 7 آلاف مواطن من مختلف الأعمار، احتجاجا على تدهور الأوضاع الاجتماعية من غلاء في أسعار المواد الأساسية من سكر وزيت ودقيق وزبدة وحليب… وعبّر التجار الصغار والمتوسطون المنضوون تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ببوعرفة في اجتماعهم ليوم الجمعة 28 شتنبر الماضي عن للأوضاع التي يعيشها القطاع وعدم تنفيذ الجهات الوصية (العمالة والمجلس البلدي) لالتزاماتها… كما شهدت المنطقة عدة محاولات للنزوح من التراب الوطني المغربي إلى التراب الجزائري بل تمكنت مجموعات من السكان من ذلك كان أولها في بداية شهر نونبر 2004 حيث بلغ عدد هؤلاء المواطنين النازحينن 53 فردا لعدد من الأسر تنحدر من القبائل لعمور الرحل ببوعرفة المتاخمة للشريط الحدودي وتراوحت أعمارهم ما بين السنتين و75 سنة، وكان آخرها نزوح 35 شابا من قرية عين الشعير خلال شهر يناير الماضي حكمت عليهم محكمة جزائرية بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ بعد أن اجتازوا الحدود ودخلوا على التراب الجزائري قبل ترحيلهم إلى المغرب…

ورغم كل هذه الانتفاضات والمظاهرات والدخول في حوارات ومفاوضات مراتونية دامت الساعات والأسابيع والشهور ، ورغم تعاقب العديد من المسؤولين على السلطة بالمدينة أو بالإقليم ما زالت أوضاع المنطقة على ما كانت عليه بل استفحلت وطفت على سطح الواقع بحدة العديد من المظاهر التي لم تكن تعرفها المدينة ولا ساكنتها تتمثل في ظاهرة الدعارة والتسول والتعاطي للمخدرات من حشيش وقرقوبي وخمرة في ظل البطالة وانعدام موارد العيش الكريم وضمان القوت اليومي وارتفاع غلاء المعيشة والزيادة في المواد الاستهلاكية الأساسية وضعف الخدمات العمومية …

ولا شك أن مشكل الماء الذي دامت معركته بين سكان مدينة بوعرفة مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب تقريبا السنة وما زالت والمتمثلة في مقاطعة الساكنة أداء فاتورات استهلاك الماء، وهي تجربة تعتبر الأولى من نوعها على المستوى الوطني رغم أنه كانت هناك تجارب في يعقوب المنصور بالرباط وببعض المدن المغربية لكنها لم تصمد كثيرا وبالإضافة حتى الساكنة لجماعة بني كيل فحتى هم رفضوا أداء الفواتير. "هناك مشاكل عديدة وكثيرة ومنها ما لها بعد وطني وأخرى ذات بعد محلي يمكن حلها محليا. ومنها المشاكل المتعلقة مع إدارة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب المتمثلة في الزيادات غير المبررة في أسعار الماء بحيث تم رفع تكلفة الشطر الاجتماعي من 8 مكتر مكعب إلى 6 متر مكعب وهم الأمر الذي يرفع من تكلفة الماء" يقول الصديق كبوري منسق التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء و ارتفاع الأسعار والكاتب المحلي لفرع الكنفدرالية الديمقراطية للشغل وعضو اللجنة الإدارية للجمعة المغربية لحقوق الإنسان وعضو الفرع ببوعرفة. ويضيف موضحا أن هناك مشكلة ربط المنازل بشبكة توزيع الماء حيث أن المكتب الوطني لا يراعي الظروف المزرية التي يعيشها المواطنون بهذا الإقليم، حيث يتحمل المواطن المسكين تكلفة ربط بيته بشبكة الماء والتي تبلغ على الأقل مليون سنتيم. ويعتبر المنسق أن ذلك ظلما وحيفا في حق هذه الساكنة الفقيرة إذ أن الماء حق من حقوق الإنسان. ويدعي المكتب الوطني كذلك افتقاره للتجهيزات، وكلما أراد مواطن أن يربط بيته بشبكة الماء يقال له أن المكتب لا يتوفر على التجهيزات الضرورية ولا على الموارد البشرية بل أحيانا يضطر المواطن إلى القيام بعمليات الحفر في الوقت الذي يتوفر المكتب على مستخدميها، "بحيث أصبحت مهمة المكتب الوطني الصالح للشرب هو جمع المال" يقول بغضب أحد السكان الرافضين لأداء الفاتورة. والملاحظ في هذه المدينة المنكوبة كما يحلو لسكانها وصفها بها أن نسبة السكنيات المزودة بالماء الشروب تبلغ 52,2% والمستفيدة من بالكهرباء 51% ، في حين تصل نسبة المساكن التي تتوفر على المرافق الصحية 54,1%. ويبلغ عدد السكان الذي يشربون من الآبار 26,9% فيما تبلغ نسبة المستعملين لمياه العيون والوديان 19,6%، والحنفيات العمومية 6,9%. وفيما يخص الإنارة فلا زال 40% من الساكنة يستضئ بالبترول (الكاز) و20 % بالشمع . ومن جهة ثانية لا يستفيد أغلب سكان المدينة من شبكة الواد الحار مع العلم أنهم تؤدون فواتير عن ذلك حيث تبلغ نسبة المواطنين المستفيدين من الربط 27,4% أما مستعملو حفر تصريف المياه المستعملة 15,4%، ومستعملو الآبار المنسية 9,8%، كما تبلغ نسبة الساكنة التي تقضي حوائجها في العراء 25,1%.

و تنضاف إلى كل متاعب مع مشكل الواد الحار ، بعد أن أقدم المجلس البلدي على تفويته للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بضغط من هذا الأخير بحيث أن المواطن أصبح يؤدي رسوما إضافية مع فاتورة الماء تتعلق بالوادي الحار وهذا هو الذي أثقل الفاتورة بشكل مهول على المواطن ."إن الإشكال الموجود الآن هو أن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب استحوذت على قطاع حيوي شبكة الماء وشبكة الواد الحار وبدون أن تقدم أي خدمات للمواطن…" يقول الصديق كبروري مشيرا إلى أن الآبار التي يشرب منها المواطنون أنجزت من طرف شركة المناجم إبان تواجد الفرنسيين أو من طرف المجلس القروي سابقا أو من طرف مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أمير الإمارات في الوقت الذي لم يضف فيه المكتب شيئا يذكر. هذا،ومن جهة أخرى فإن الأحياء التي تم ربطها بشبكة الواد الحار فتم بميزانية المجلس والمكتب لم يضف جديدا. ماذا فعل المكتب للساكنة حتى يفرض عليها أداء استهلاك الفواتير وأي خدمات قدمها لها؟ ولم يفت المنسق أن يذكر بوضعية غريبة وفريدة من نوعها تتعلق باستغلال المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لشبكة الماء بجماعة بني كيل التي تم إحداثها سنة 1992 بعد التقسيم الإداري وبعد انفصالها عن بوعرفة، دون أن تكون هناك اتفاقية أو عقدة استغلال ذلك ما بين الجماعة والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب الذي ما زال إلى حد الآن يستخلص فواتير استهلاك الماء لوحده بدون سند قانوني ودون أن تستفيد الجماعة من الضرائب وتصور أن هذا المكتب يقوم لمدة 15 سنة باستغلال شبكة الماء الصالح للشرب وبدون أن تعود نسبة القيمة المضافة إلى جماعة بني كيل التي تعتبر من أفقر الجهة الشرقية والمناطق المغرب على الإطلاق والتي لم تستطع حتى أن تؤدي فواتير الكهرباء بحيث تم قطعه عليها ومل تجد ميزانية تصرف منها أجور الموظفين السنة الماضية في الوقت الذي يستخلص المكتب الوطني عائدات مهمة أو تذهب على المجلس البلدي لبوعرفة.

قامت التنسيقية بخمس حوارات مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ومع مسؤولين مركزيين، مع لجنة من إدارة المكتب بالرباط في 4 يونيو الماضي مشكلة من نائب المدير العام ورئيس المصلحة التجارية ورئيس مصلحة الاستغلال والتطهير ومن مدينة وجدة تحت إشراف عامل الإقليم في حوار من خمس ساعات صرحت هذه اللجنة المحاورة بأنها منتدبة من طرف الفاسي الفهري المدير العام ولها السلطة التقريرية في جميع النقط التي يمكن طرحها لكن فوجئت التنسييقة، حسب منسقها الصديق كبوري، بعد النقاش بتصريح اللجنة أنها لا صلالحية لها في اتخاذ القرارات لن لها بعد وطني وتحتاج على قرارات الوزير ولا يمكن أن تشكل بوعرفة حالة استثناء خاصة فيما يخص التسعيرة والفوترة الشهرية في الوقت الذي استجابوا فيه إلى بعض الجزئيات الصغيرة من قبيل إعادة دراسة إنشاء مكتب جديد لتسهيل استخلاص الفواتير ، وإعادة النظر في جدولة أداء الفواتير المتراكمة مع تسهيلات مريحة للمواطنين أما الأداء فلا بد منه، وهي تدابير أو إجراءات أو اقتراحات لتهدئة الوضع وامتصاص غضب الساكنة…استعمل المكتب مؤزرا بالسلطات مجموعة من الأساليب كالتهديد والوعد والوعيد بحيث في المرة الأولى تم بعث إنذارات حمراء يهددون من خلالها المواطنين بقطع الماء إذا لم يؤدوا فواتير الاستهلاك خلال سبعة أيام. وفعلا بعد انتهاء المدة المحددة انتقل المكتب الوطني مدعمين بعناصر الأمن من وجدة لمباشرة تطبيق التهديد الأمر الذي أدى إلى احتكاك مع المواطنين أرغمهم على العدول على تهديداتهم، وما زال المواطنون صامدون أمام كل تحرك بالتهديد…

أما قطاع التعليم، فليس بأحسن حالا من القطاعات الأخرى الاجتماعية التي تعاني منها المدينة والبلدات المجاورة، وتفتقد المؤسسة إلى وسائل تطويره والتخفيف من حدة مشاكله. "هذه المنطقة تعيش على هامش الهامش حسب الأكاديميين وهناك من يسميها "الزاوية الميتة" وهو ما يزكي فكرة المغرب غير النافع لأن أغلب السكان يعيش تحت عتبة الفقر في غياب البنية التحتية مع العلم انه يعيش العزلة المطلقة والقاتلة في الفصول الممطرة" يقول الأستاذ عبدالنبي العفوي الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية كدش، مضيرا إلى الخصاص الفعلي الذي وصل عدد الأساتذة بالابتدائي إلى 130 إطارا مع العلم أن عدد المؤسسات الابتدائية هو 47 مدرسة ، فيما بلغ الخصاص على مستوى الإعدادي التأهيلي 22 مع العلم أن عدد المؤسسات 13. وهناك من المؤسسات التعليمية الإعدادية والتاهيلية الثانوية لا تتوفر على مدراء ولا على نظراء ولا على حراس عامين وما زالت الداخليات مغلقة بل لم تنطلق الدراسة بعد بالعديد منها الأمر الذي جعل جمعيات أباء وأولياء التلاميذ تتحرك نحو نيابة التعليم للاستفسار والاطمئنان.كما أن العديد من المجموعات المدرسية تعاني أشد المعاناة من البعد والتهميش وطول المسافة وشساعتها ما بين المركزية والفرعية التي تصل أحيانا إلى 100 كلم بالإضافة إلى غياب المرافق الصحية الضرورية ترغم الأساتذة والتلاميذ على قضاء حاجتهم في أي مكان وبأي وسيلة كانت كمجموعة مدارس سيدي بوطيب، ومجموعة مدارس المظل، ومجموعة مدارس غراس الخيل، ومجموعة مدارس عكلة السدرة، ومجموعة عبو لكحل، وفرعية "لمشتت" التي توجد على الحدود المغربية الجزائرية.

يرى الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم أن إقليم فجيج/بوعرفة مهمش كذلك على مستوى التعليم سواء على نطاق الجهة الشرقية أوعلى المستوى الوطني حيث أن مؤشرات الفعالية (معدل التلاميذ بالقسم وللأستاذ وللأعوان) وجودة الخدمات (المكتبات والملاعب والمرافق الصحية ) تصنفه دائما في أسفل الترتيب…فيما يذكر منسق التنسيقية ببوعرفة بالوضعية مع المكتب الوطني للماء والسلطات المحلية التي ما زالت معلقة مطالبا في ذات الوقت بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات والحوار لحل هذا المشكل ودراسة الملف المطلبي للسكان في شموليته وإلا ازدادت الوضعية تفاقما…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. زروال
    27/11/2007 at 22:46

    انا ابن المدينة رغم اني بعيد عنها ولا اعيش فيها اصلا الا انها تبكي العين وتدمي القلب من جراء الحالة المزرية . وليس لي ما اعلق به الا ان اقول لا حولة ولا قوة الا بالله العلي العظيم ،
    اللهم هذا منكرا ولا نستطيع تغييره .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *