إلى متى سيظل الرهان على الانتظارية والتأقلم مع أجهزة المخزن والقبول بمخططاته والانصياع لاوامره؟
إلى متى سيظل الرهان على الانتظارية والتأقلم مع أجهزة المخزن والقبول بمخططاته والانصياع لاوامره؟
بقلم قدوري محمدين
شكلت مهمة التأسيس للانتقال الديمقراطي بالمغرب مهمة أساسية للمرحلة الراهنة وشغلت ولا زالت تشغل بال الجميع خاصة القوى التقدمية الحية بمختلف مرجعياتها وتجاربها التاريخية ،وما خلقته من نقاش خصب وهادئ ومفتوح على كل البرامج وأمام واقع التأجج الذي تعيشه نسبة مهمة من شرفاء هذا الوطن بين الرهان على المخزن وكرمه قي إحداث التغيير كما تجلى في تجربة سابقة تجربة ما سمي بالتناوب التوافقي وبين رهان الانتظارية السياسية مشفوعة باشتغال متفاوت المرد ودية في المنظمات الجماهيرية، وجمعيات المجتمع المدني وما واكبته من حراك أفضى إلى ربيع مغربي استبشر الشعب المغربي منه خيرا لاسيما بعد الإعلان عن فتح صفحة الإصلاحات السياسية والدستورية توجت بدستور جديد خصصت له دراسات متعددة أفرزت مواقف متباينة بين مؤيد ومعارض، تشكلت على إثره حكومة جديدة بتحالفات غير مفهومة كالعادة رمت على إثرها الأحزاب المسئولة بوعودها الانتخابية إلى رفوف أحزابها وأرشيفها لتضيع فرصة ثانية على الانتقال الديمقراطي الحقيقي .
وبين هذين الموقعين نحتاج للتأكيد على انه ثمة خيار آخر لا غنى عنه ومهما كلف من ثمن هو الرهان على الفعل السياسي الجاد والنبيل الفعل الجماهيري والشبابي دون أن تؤرقنا ثنائية الثورة والإصلاح، لأنها أرقت ما يكفي من أجيال سابقة أجيال مناضلة مخلصة خلال الستينات والسبعينات والثمانينات، خصوصا وان التجربة التاريخية في المغرب أكدت انه ثمة منطقة بين جنة المخزن وجحيم الانتظار أو الانسحاب إلى الظل في انتظار المعجزات .
فالرهان على الفعل السياسي لا يعني الانحراف عن الخط الذي رسموه شرفاء وشهداء هذا الوطن ولا يعني التخلي عن مطالب الشعب المشروعة في الانعتاق السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وإنما يعني ببساطة :
1 أولا :حصول القناعة لدى جميع الاغيار والديمقراطيين الحداثيين والمناضلين والمناضلات أن انجاز الثورة الديمقراطية وتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود في ظل ملكية دستورية برلمانية يمر عبر توحيد صفوف كل القوى الحية في البلاد حول برنامج عمل وزاخم لتفكيك النظام المخزني بكل تجلياته السياسية و الاقتصادية والفكرية والاجتماعية .
2 ثانيا : عبر الاجتهاد المضني على المستوى الفكري والممارساتي بهدف تجديد المشروع المجتمعي والعمل على استفادته من الثرات الانساني العالمي الغني بقيم الحداثة والدموقراطية وحقوق الانسان والكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية واستعادة الثقة في امكانية تحقق هذا المشروع تفاديا لاستمرار خطاب واسطوانة وأزمة البديل الجامد والمتحجر والانتهازي، الذي اسقط أصحابه في حظيرة المخزنة وهذا ما عشناه سياسيا ونقابيا و جمعويا حيث تعرضت اعتى وأقوى الهيئات السياسية والمركزيات النقابية إلى التمزق والتشتت والتفرقة وذهبت بدائلها أدراج الرياح ضاعت معها حقوق المواطنين والعمال والمعطلين.. بل وطن بكامله. وما على أصحاب هذه البدائل إلا مراجعة أنفسهم وتقديم نقدا ذاتيا صريحا تعبيرا عن اكبر زلة ارتكبوها في حق الشعب المغربي الذي عقد عليهم آمالا كبيرة في التحرر وهو ما افقد الثقة في العمل السياسي والنقابي والجمعوي لذى الشباب استغلته أطراف من أجل الوصول إلى الحكم والانصياع إلى أوامر المخزن ونشر ثقافة اليأس والإحباط.
3 ثالتا : الفعل السياسي المطلوب اليوم هو الفعل النضالي الأصيل البعيد عن الانتهازية والوصولية، إلى جانب الجماهير الشعبية من اجل إقرار دستور شعبي ديمقراطي في إعداده وفي محتواه بإشراك الجميع ويسجد إرادة شعب بكامله يضمن فصل السلطات بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويعطي ما يكفي من الصلاحيات الدستورية للجهازين التنفيذي والتشريعي، تضمن تنزيل الدستور دون تخوف لا من العفاريت ولا التماسيح ودون استئذان من احد من اجل ترجمة تطلعات الشعب إلى اوراش إصلاح كبرى تحقق ثورة وطنية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا تحرر المغرب من التبعية والاملاءات وانتظارات كرم أو عطف القوى الامبريالية ،وتضمن للمغرب الدخول في عصر العولمة بالقوة التنافسية اللازمة لتأمين السيادة الوطنية .
فرهان الفعل السياسي الجاد واليومي رهان تفرضه المرحلة الراهنة وبقوة مرحلة تتسم بالتراجع وبالهجوم على القوت اليومي لعموم المواطنين عبر الزيادة في ثمن المحروقات وما صاحبها من ارتفاع في الأسعار والزيادة في الضرائب وفي فاتورات الماء والكهرباء وضرب مجانية التعليم وتدهور كافة الخدمات الاجتماعية من صحة وسكن وشغل ،وعبر انحصار النشاط الاقتصادي في الاحتكارات العائلية والحزبية وأنشطة التهريب والمخدرات ونهب المال العام دون حسيب ولا رقيب ،وإضفاء طابع الشرعية القانونية على عدم احترام قانون الشغل وتشديد الاستغلال على الطبقة العاملة والإجهاز على الحق الدستوري حق الإضراب والاقتطاع من أجور الموظفين وعبر سد الأفق أمام ملايين المعطلين.
فالرهان السياسي المطلوب حاليا يروم إبداع أشكال نضالية جديدة لتمتين الروابط ومد الجسور مع الجماهير الشعبية وتجدير الممارسة النضالية معها ووسطها لنكون قادرين على تأطيرها وتنظيمها وتوعيتها وتحميلها المسؤولية على أساس مشروع مجتمعي مقبول شعبيا، ووفق آليات تنظيمية مرنة ومفتوحة ومستوعبة للواقع المغربي فالرهان السياسي المعول عليه ليس هو التأقلم والانبطاح والانصياع لقرارات أجهزة الدولة والقبول بمخططاتها وتوجهاتها الانفرادية فالرهان السياسي الناضج والمعقول هو السبيل الأوحد حتى يجني الشعب ثمرة كفاحه الطويل من اجل تدارك ما فات من اجل الحرية والكرامة كفاح ملئ بالتضحيات الجسام تضحيات خبرتها مختلف سجون المغرب ،وزعت على شهداء وشرفاء هذا الوطن وفي المنافي والدهاليز السرية :من درب مولاي الشريف الى لعلو وقلعة مكونة انتهاء بأكدز وتزمامرت بالإضافة الى مخافر الشرطة عبر التراب الوطني ناهيك عن المقابر المجهولة وأساليب التعذيب والتنكيل سيظل التاريخ محتفظا بها تحت اسم سنوات الجمر والرصاص .
Aucun commentaire