لقد أنزل – الحبيب – جمعيات الآباء بالقوة من سفينة الإصلاح وأغرقها
في أدبيات النظام التربوي المغربي, يعتبر الكتاب المدرسي ممرا إجباريا لكل تعليم مدرسي والدعامة الأساسية لتكوين وتربية المتعلم والمصدر الوحيد للمعرفة على مدى الحياة المدرسية, وينظر إليه من طرف كل الفاعلين والشركاء التربويين كمرجع وحيد يجسد مضامين المنهاج التعليمي ويختزله إن لم يكن قد حل محله. لقد ازدادت درجة الاهتمام بالكتاب المدرسي بتنصيص الميثاق الوطني للتربية والتكوين على تحريره,والانفتاح على المنافسة الشفافة بين المؤلفين والمبدعين والناشرين ,وتعدد المراجع والوسائل الديدكتيكية, وفي هذا الإطار وفي إطار أجرأة الميثاق ,قامت لجنة الكتاب المدرسي بإنجاز دراسات بغية الوصول إلى تصور شمولي أكثر موضوعية للكتاب المدرسي ,
ولإبراز هذا التصور, نظمت وزارة التربية الوطنية ملتقى وطنيا حول الكتاب المدرسي, وذلك يوم 22 دجنبر 2001 بالمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني بالرباط , ترأسه آنذاك الأستاذ عبد الله ساعف الوزير السابق للتعليم , وشارك فيه بعض الآباء والأولياء مع العديد من الفعاليات التربوية والإدارية والفنية والثقافية ,من ممثلين ومسرحين وكتاب وباحثين. لقد تعرضت الوثيقة المقدمة للمشاركين للكثير من النقد والجدل الحاد الذي وصل في بعض الأحيان إلى استعمال الأيادي, خاصة بعد طرح قضية "اللبرلة" والتعددية,ورغم ذلك وقع "شبه أجماع "على أرضية مشتركة حاولت ظاهريا إرضاء الجميع,وتم الاتفاق على التحرير التدريجي حسب المواد والمستويات, مع تفادي الارتجال ومراعاة مصالح مختلف المعنيين وعلى رأسهم المواطن والمدرسة, واعتماد مبدأ النشر حسب الجهات في حالة التعددية, وضم بعض المواد المتقاربة أو إدماج الكتب الخاصة بمادة معينة بأكثر من مستوى في كتاب واحد, ومراعاة حاجات المتعلمين وخصوصيات الجهات, واعتبار السنتين الدراسيتين 2005-2006 و 2006-2007 مرحلة انتقالية يتم خلالها تقويم وتعديل كل العناصر الداخلة في تصور وتأليف وإنتاج الكتاب المدرسي للوصول للمرحلة التفضيلية والتي من المفروض الشروع في تطبيقها ابتداء من الموسم الدراسي الحالي وتعميمها على جميع المستويات خلال السنة الدراسية 2009-2010 السنة الأخيرة من عشرية تطبيق الميثاق . كانت هذه
أهم الخطوط العريضة" لخريطة طريق الكتاب المدرسي" التي تم التعاقد في شأنها بين الآباء والأولياء من جهة ووزارة التربية الوطنية آنذاك في شخص الأستاذ عبد الله ساعف من جهة أخرى, مع الإلحاح على ضرورة مراعاة أسعار الكتب المدرسية ,التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطنين. جاء التغيير الحكومي وطار الوزير وطارت معه "خريطة الطريق" الخاصة بسيرورة الكتاب المدرسي, وتم إخراج جمعيات الآباء من دائرة الضوء ومصادرة حقها في إعطاء وجهة نظرها في ما يقدم لأبنائها , وتم الإجهاز ببرودة دم على شعار "الشريك الأساس" وأنزل "الحبيب" الآباء والأمهات من سفينة الإصلاح وسط المحيط وأركب محلهم "جماعة 48", واتهم أتباعه ما قام به سلفه" بالشعبوية", وانفردوا بالتطبيق الأعرج للإصلاح , وتوزيع المناصب على أسس حزبية ونقابية مطبقين سياسة "الأرض المحروقة", واستعانوا بهراوات" الجنرال "لإقناع رجال التعليم بالتخلي عن مطالبهم المشروعة و أصبح المعتصمون والمعتصمات أمام باب الوزارة جزء من ديكور مقر "الحبيب" بباب الرواح, وتبخرت كل الآمال المعقودة على حزب الطبقات الشعبية.
لقد كنت مضربا عن الكتابة والخوض في السياسة ومنشغلا في حل المشاكل اليومية للآباء والأمهات في غياب رئيس الكونفدرالية الموجود في مهمة دينية خارج الوطن, إلا أن الخبر الذي صدر يومه الثلاثاء 18 شتنبر في إحدى الصحف اللبنانية والذي مفاده "أن وزير التربية بشر الأسر اللبنانية بتخفيض سعر الكتاب المدرسي بنسبة 20 في المائة" ,استفزني وأخرجني من" راحتي الصحفية "وقلت في نفسي ,كيف يعقل أن تكون حكومة كحكومة السيد "السنيورة" في هذا الوضع الداخلي والخارجي المعقد والمركب,بتناقضاته الاجتماعية والقومية, وعدم الاستقرار السياسي, ومختلف النعوت التي تنعت بها, تجد الوقت للتفكير في المواطنين وتعمل على التخفيض من سعر الكتاب المدرسي , بينما حكومتنا الموقرة وهي تودعنا أبت إلا أن تطبق الشعار الشعبي " غاديين غاديين لا خير أنديروه" وتزيد في سعر الكثير من المواد الأساسية سرا وعلانية وكان آخرها 30 سنتيما في سعر الخبز . لقد أصابني الذهول وأنا أراجع أسعار الكتب المدرسية الخاصة بالسنة الثانية باكلوريا, أنها أسعار جد مرتفعة وليست في متناول الغالبية العظمى من الأسر, ومع قلة وجودها في الأسواق تزداد أسعارها في السوق السوداء, إن هذه الأسعار تخرق الاتفاق المبرم مع الوزارة والمتمثل في مراعاة الأسعار للقدرة الشرائية, إن الكثير من التلاميذ لن يتمكنوا من اقتناء الكتب المدرسية ,وفي ظل غياب هذه الكتب من خزانات المؤسسات التعليمية حتى يتسنى كرائها , ستنتشر ظاهرة طرد التلاميذ من الأقسام ,خاصة إذا علمنا أن طريقة التدريس الحالية جعلت من الكتاب المدرسي قطب الرحى , وبدونه لا تستقيم العملية التعليمية التعلمية ,والحالة هذه ,فالسيد" أبو أيوب" المحترم , مطالب بإصدار مذكرة في الموضوع, تنص على التساهل مع التلاميذ في شأن الكتب المدرسية إلى حين "ميسرة" ,ذلك أن كتابين فقط ,للفيزياء والكيمياء يساويان أكثر من 140 درهما, فكيف يمكن للتلميذ الفقير توفير كل الكتب الدراسية؟ في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة والأوضاع التربوية بصفة خاصة, لقد غرر بنا وتم استغفالنا وتنويمنا للحصول على موافقتنا المبدئية على "لبرلة الكتاب المدرسي وتحريره".لقد كان أبي رحمه الله يقول لي دائما على الذي يريد الغنى والثراء الابتعاد عن العلم والتعليم ,ألا أن الألفية الثالثة فندت قوله بظهور" بورجوازية تربوية جديدة" اغتنت سواء عن طريق الساعات الإضافية المدفوعة الأجر, مستفيدة من سكوت الوزارة الوصية بمختلف أجهزتها والتي تكتفي عادة بإصدار المذكرات التي لا يلتفت لها أحد,تاركة المدارس الخاصة خارج إطار المراقبة , وانظافت إليها طبقة أخرى استفادت من تحرير الكتاب المدرسي والإعفاء الجبائي وعلاقاتها بمراكز القرار للحصول على التزكية وإصدار الكتب المدرسية , رغم أن الكثير من هذه الكتب مليئة بالأخطاء المعرفية والإملائية , وغلبة الطابع الأكاديمي و…و… رغم أن دفتر التحملات الإطار, ينص في جانبه الإداري والتنظيمي, على وجود فريق للتصحيح يكلف بمراجعة كل الجوانب الشكلية (لغة,طباعة, ألوان…).إننا لا نفهم هذه الازدواجية في الخطاب, ففي الوقت الذين يتحدثون عن محاربة الهذر المدرسي ويصدرون المذكرات الداعية إلى عقد مجالس الأقسام لإرجاع المفصولين والمنقطعين, نجدهم يسكتون عن ارتفاع أسعار الكتب والأدوات المدرسية ومختلف الرسوم المدرسية, إنها ببساطة سياسة دفع أبناء الطبقات الشعبية للمغادرة الطوعية للمدرسية العمومية . إنني غاضب وحزين ومكتئب لما آل إليه قطاع التعليم الذي تحول إلى " بعير معبد" تنفر الأحزاب السياسة من ركوبه…بالله عليكم, اتركونا بدون وزير, فرجال التعليم ونساؤه قادرون على معالجة ومداواة" بعيرهم", فلا يعقل أن يمر على قطاع التعليم أكثر من 27 وزيرا في ظرف 52 سنة وبالتالي 27 سياسة تعليمية , وعلى كل حال فنسبة 37 في المائة من المشاركة في الانتخابات التشريعية وعدد البطاقات الملغاة يدلل على مدى تمثيلية هؤلاء للإرادة الشعبية. إن المواطنين والمواطنات فقدوا الثقة في العملية الديمقراطية التي أصبحت تعيد إنتاج النخب التقليدية التي تحكمت في تقنية تدجين وتطويع الصناديق الخشبية فبالأحرى الصناديق الزجاجية, وورثت تمثل المواطنين بالرغم عنهم .إن هذا النسبة عبارة عن احتجاج على سياسة الحكومة التي ساهمت في إغناء الغني وإفقار الفقير وتوسيع هامش الفقر وبطبيعة الحال دفع اليسار الثمن..." وتلك الأيام نداولها بين الناس"و {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} صدق الله العظيم.
محمد حومين
4 Comments
أخي محمد حومين أشكرك على هذا العرضالقيم الواصف لقطاعنا التعليمي بل قطاعهم التعليمي ، وأقول لك باختصار وبصراحة : إن ذلك الحزب خطط ودبر للتعليم كي يتحول إلى متجر يجني منه الربح / الأرباح على حساب الطبقة الكادحة الفقيرة ، وأرغمها تدريجيا على الأداء الشهري لتعليم أبنائها . وأرجو منك أن تقوم بعملية حسابية بسيطة : قم بجمع ثمن الكتب المدرسية لتلميذ واحد في أي مستوى تريد واقسم ذلك المبلغ على 7 أو 8 أشهر المخصصة للدراسة في السنة وستصل حتما إلى فاتورة جديدة انضافت الى الفواتير المعهودة: الماء والكهرباء والدواء و…….. اللهم إن هذا لمنكر .
جازاك الله ايها الاخ الكريم على هذه الصرخة صرخة حق من اجل انقاذ التلميذ المغربي المضاع وعائلته المنهوكة هذا ما قدمته حكومة المبادئ والشعارات للاسر المغربية الزيادة تلو الاخرى حرق التعلبم وقد احسنت التعبير حين قلت ( الارض المحروقة ) وهي سياسة الظلمة الجبابرة الذين عرفهم التاريخ في فتراته الحالكة لايسعنا الا ان نردد الله ياخذ الحق في من يخطط لافساد بلدنا الطيب
سلام الله عليك أستاذي الجليل محمد حومين، ورمضان مبارك سعيد. لقدقلت الحق ووضعت الأصبع على الجرح. وأن ما قلته عن الكتاب المدرسي صحيح، لكن أجد مسألة أكاديمية الكتاب المدرسي فيها نظر بالدليل والحجة. فوجود الأخطاء المعرفية دليل على عدم أكاديميته. لأن الأكاديمي له بعد معرفي عميق، وهو البعد الذي يفتقد في أكثر الكتب المدرسية. الكتاب المدرسي بقرة حلوب، يقوم بعلفها المتعلمون و » طبقة أخرى استفادت من تحرير الكتاب المدرسي والإعفاء الجبائي وعلاقاتها بمراكز القرار للحصول على التزكية وإصدار الكتب المدرسية » تستفيد من حليبها ولحمها وشحمها وجلدها ووبرها وروثها. فمتى نظل مصدر أعلاف النخبة التقليدية التي تفرخ سلالتها في خلفها؟! لك كل الشكر والتقدير.
الأخ الفاضل محمد حومين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان ما تفظلت بقوله بخصوص الكتاب المدرسى هو مايشغل بال كل الأباء وخصوصا منهم ذوا الدخل المحدون ومن لادخل له بالإضافة الى مشاكل التى تتخبط فيها التعليم فى بلادنا منذ ضهور الميثاق الوطنى لتربية والتكوين هذه المشاكل التى تؤدى الأسرة الفقيرة ضريبتها ماديا ومعنويا
اخى لقد اشرت الى الملتقى الوطنى حول الكتاب المدرسى الذى ضرب بعرض الحائط كل ما التفق فيه عليه وما قيل عن هذاالملتقى يقال عن الملتقيات الوطنية لجمعية الأباء وكذا الملتقيات الوطنية لمراجعة المناهج التربوية زد على ذلك ما سمى بمنتديات الإصلاح
وهنا ارى ان مسؤولية الأباء فى هذا المجال اكبر من مسؤولية الوزير لأن الوزيرلايهمه الا ما يتقضاه من اجرة وتعوضات اذا على الأباء ان يتحركوا بكل الوسائل المتاحة لإنقاد ابنائهم من الضياع وشكرا لك على اثارة هذا المشكل واتمنى ان تتكتل جهود كل الأباء فى شخص جمعيه الأباء وفيدرالياتها فى هذا الإتجاه