Home»Régional»القضاء على المحسوبية والزبونية، يمر حتما عبر الإصلاح الشامل لسياسة البلاد…

القضاء على المحسوبية والزبونية، يمر حتما عبر الإصلاح الشامل لسياسة البلاد…

0
Shares
PinterestGoogle+

القضاء على المحسوبية والزبونية، يمر حتما عبر الإصلاح الشامل لسياسة البلاد… إن موضوع المحسوبية والزبونية و….. الرشوة، موضوع لا يمكن الإحاطة به في مقال أو حتى مقالات، لأنه الداء الذي ينخر الجسم المجتمعي بدءا من خليته الأولى ليعم الجسم بكامله. فتراه يستشري في المجتمع كلما كان أفراده في حاجة إلى علاقة فيما بينهم، وخاصة تلك العلاقة المبنبة على المصالح. وهكذا نجدها بين البائع ومراقب الأثمان، بين دافع الضريبة والذي يقوم بتحصيلها، بين من يحصل على قرض وسؤول بنكي، كما تتبعنا عبر الجرائد فصول وقائع القرض الفلاحي والقرض العقاري، بين التلميذ والأستاذ، والأستاذ والإداري أو الأستاذ والمفتش التربوي، والمفتش التربوي والنائب، والنائب والوزير، بل حتى في الحقل الديني، الذي من المفروض أن يكون معقل النزاهة والأخلاق، فإن الزبونية تلعب دورها النجس والمتعفن في اقتناء أراضي الحبوس أو تعيين رؤساء المجالس العلمية، أوأئمة المساجد وهلم جرا…

فلكل حالة معينة إلا ومثقالها ولو ذرة من المحسوبيته والزبونيته. فقد نلمسها حتى من خلال مقالات وتعاليق تم نشرها بجريدة وجدة سيتي، تتجلى في المحاباة ضدا على الموضوعية، بين بعض روادها، لأن علاقة الزمالة أو الصداقة تطورت وأخذت شكل الزبونية… إذن نحن أمام مرض خبيث، يصيب بالعفن كل فرد من أفراد المجتمع، وبمستويات مختلفة. لكن لا أحد يجرؤ ويعترف بأنه مصاب به. ويصبح الواحد منا كالجمل لا يرى سوى سنم مثيله. وهكذا لن يرى البائع والتلميذ والأستاذ والإداري والمفتش والنائب ورئيس المجلس العلمي والإمام والوزير و…، سوى الزبونية التي ساعدت مثيله على قضاء مآربه. يبدو إذن أن الداء لصيق بطبع الإنسان في أي مكان وفي أي زمان، وأن محاربته تطلبت إبداع آليات تتجلى في مجموعة من القوانين هدفها تفعيل الأخلاقيات التي تنظم علاقات أفراد المجتمعات، حتى لا تظل الأخلاق مجرد أفكار للتراشق. وبما أن الموضوع المثار على صفحات الجريدة، يتطرق إلى الزبونية والمحسوبية في عملية تعيين نواب وزارة التربية الوطنية من بين المشرفين التربويين في التعليم الثانوي التأهيلي، فلا بأس أن أدلي برأيي، الذي يحتمل الخطأ، كما أؤكد على ذلك كلما تطرقت إلى موضوع ما، بهذه الجريدة، علما أن موضوعا كهذا، يتطلب نقاشا شموليا، في إطار الاختيار السياسي للبلاد؛ لأنه كلما غرقنا في الجزئيات وتهنا عبر دهاليزها، وعبرنا عن إصلاح جزيء منها( كالموضوع المثار)، إلا وعبرنا من حيث لا نشعر عن قبولنا بالسياسة المتبعة، كما لو أن سياسة الدولة ما بها مس، ما عدا مشكل الزبونية المتعلق بوزارة التربية الوطنية؛ مع العلم كذلك أن الأغلبية التي تنتقد المنظومة التربوية، التي لا تعتبر إلا جزءا من الهيكل السياسي العام للبلاد، ليست راضية عن سياسة الدولة في شموليتها، على الأقل حسب ما نقرأه عبر الجرائد وما نسمعه في الندوات والنقاشات المتاحة. صحيح أن هذا المرض يصيب جسم المشرفين التربويين، وصحيح أيضا أن الزبونية في بعض الحالات، هي ذات طبيعة حزبية، كما جاء في بعض المقالات. صحيح كذلك أن الكفاءة التي من المفروض أن تشكل المعيار الأساسي، غير متوفرة لدى البعض.

لكن هل لنا أن نعمم ونحكم على الجميع بأنه امتطى الزبونية لتحقيق مبتغاه، وأن نحكم على أن نوعية هذه الزبونية، هي من أصل حزبي، وأن كل من أسندت إليه هذه المسؤولية، هو غير كفء بها؟ أعتقد أن المنطق السليم، والتحليل الغير العليل، لا يستسيغان أطروحة كهذه، خاصة أنها ليست معللة بأمثلة دقيقة ، حيث الأرقام والوثائق تكون سلاح المحاججة، وليست العموميات الملقاة على العواهن، والاتهامات المجانية، التي تضفي على المقال صبغة الكلام الذي يقال في المقاهي أو في المحطات الطرقية في انتظار الحافلة، فقط لقتل الوقت. أما فيما يخص الحزبية بالذات، فليس من المنطقي حرمان من تحزب من تحمل مسؤولية كهذه، وإلا سنرجع بمنطقنا هذا إلى زمن كان الانتماء فيه إلى حزب ما (ما عدا الأحزاب الإدارية)، لا يعرض صاحبه إلى الحرمان من تحمل هذه المسؤولية فقء وإنما كان يعرضه إلى أخطر من ذلك، إلى الحرمان من العمل. مع العلم أن الانتماء إلى بعض الأحزاب لا زال منبوذا. فبالعكس، يجب في اعتقادي، تشجيع الأطر على الانتماء إلى الأحزاب لأنها مؤسسات تساهم في التكوين، وعبرها يمكن المساهمة في الشأن العام، وطبعا المساهمة في تصحيح ما يمكن تصحيحه في إطار دولة الحق والقانون الفعلية. وربما يكون معيار الحزبية في محله، لأنني لا أتخيل مثلا شخصا متحملا المسؤولية مع أغلبية لا ينتمي إليها سياسيا، وينتقدها صباح مساء ( كما هو الحال مع الاتحاديين، وفي الغد القريب ربما مع العدالة والتنمية أو الحركة الشعبية أو الأحرار إلخ…)

. أعتقد أنه على الأغلبية الاعتماد على أطرها، إن كان فعلا لديها من الأطرما يكفي، وأن تتحمل مسؤوليتها في تنفيذ برنامجها، ولن تستطيع تنفيذه إلا بمؤازرة من عشيرتها السياسية. وإن تعذر عليها ذلك وطلبت من هذا الشخص مثلا القيام بهذا العمل بصفته موظفا، نظرا لنقص في أطرها، فما عليه، إن قبل بذلك العرض إلا أن يقدم شروطه حسب قناعاته السياسية، وتصوره للمنظومة التربوية، إن كانت لديه بوصلة فكرية. وإن تحملها بناء على الوعود المعطاة له حسب شروطه، ولاحظ فيما بعد على أنه لا يمكن له مسايرة العمل كما ينبغي أن يكون، فسيكون من حقه أن يستقيل من منصبه، كما سبق أن فعل بعض المشرفين التربويين على مستوى المصالح الإقليمية والجهوية. هي ذي القوانين الديمقراطة الواجب تتبعها، إن كنا فعلا نؤسس لها، وهو ما ننتظره على صعيد أسمى، على صعيد الحكومة والبرلمان، عوض التمسك بالكرسي والتبرؤ من المبادئ. أما بالنسبة للغير المتحزب، فإنه لن يجد صعوبة في امتطاء أية موجة تصادفه، لأنه بكل بساطة غير مقيد باختيار سياسي أو فكري معين، تماما كالبرلمانيين الرحل، لذلك تراه يجعل من غايته تبريرا لوسائله، ويتذرع بتقنوقراطيته. كل هذا، لأن هذا المنصب، في اعتقادي، منصب سياسي، صاحبه مطالب بتنفيذ تعليمات حكومته التي يتقاسم معها تصورها وبرنامجها. المسألة الثانية في إطار الحزبية، وهي على من يقدم هذه الأطروحة أن يتساءل حول عدد النواب الذين أسندت إليهم هذه المهمة بناء على انتمائهم فعلا لحزب الوزير. فكان لا بد من جرد لهؤلاء النواب حسب انتماءاتهم السياسية، على الأقل على الصعيد الجهوي، إن لم يكن ذلك ممكنا على الصعيد الوطني. وهكذا تكون الأطروحة مدللة بأرقام تصدح بالحقيقة. فمثلا إذا أخذنا الجهة الشرقية المتكونة من ست نيابات، فسنجد نائبا واحدا فقء ينتمي فعلا، منذ زمان إلى حزب الوزير الاتحادي. أما فيما يخص الكفاءة، فهي مرتبطة بمستوى الشخص وبتكوينه، سواء الأكاديمي، أو الذاتي (المستوى المهني، والثقافي والتواصلي إلخ…)

. وطبعا فالمستويات مختلفة من شخص إلى آخر، سواء داخل نفس الفئة أو من فئة إلى أخرى. وبين شخص يتفن أكثر من لغة، وآخر لا يتقن إلا لغة واحدة، وبين شخص أغنى تجربته داخل المجتمع المدني، باشتغاله داخل الجمعيات والنقابات، والأحزاب إلخ…، وآخر غير مبال بهذا العالم، مكتفيا بالتمتع بعالمه الخاص به، إلخ… وهكذا، إذا أخذنا المستوى المهني كمثال، فسنجد أن مفتشي المصالح الاقتصادية، ومفتشي التخطيط والتوجيه، هم ربما أكثر تجربة في الميدان الإداري، من المشرفين التربويين، الذين يغلب عليهم الطابع التربوي، بحكم ممارستهم اليومية. ومع ذلك فإنهم شبه مقصيين من هذه العملية. يتضح كذلك أن هيئة الإدارة التربوية، هي الأكثر قربا من العمل الإداري، بحكم الواقع اليومي، بحيث أن تسييرها يتخذ جميع المواصفات الإدارية، على المستوى المحلي. فهي مطالبة بتدبير وتسييرالموارد البشرية، والموارد المالية، والشؤون التربوية، والأنشطة الاجتماعة والثقافية، والعلاقات والاتصالات إلخ… ومع ذلك فإن الاقصاء من نصيب هذه الفئة كذلك، ولا تسند إليها مهمة تسيير وتدبير المصالح الإقليمية، ولا الجهوية، مع العلم أن الماضي القريب، شاهد على كفاءتها. ألسنا هنا أمام زبونية مهنية، وتمييز لا مبرر له؟ تحليلي هذا لا ينم عن تحيز كما يمكن أن يبدو لبعض الرواد الذين لا يتحكمون في انفعالاتهم. وأخيرا، لا بد للجميع أن ينخرط في أي عمل بناء، لمحاربة المحسوبية والزبونية والرشوة، والتنديد بهذه الأمراض الفتاكة، لكن بشكل موضوعي وبتدقيق علمي، بعيدا عن العموميات والتحيزات والمحاباة التي من شأنها أن تفقد الإرادة قوتها، والصراحة مصداقيتها. فمحاربة هذه الأمراض لا تتجلى في النظر فقط إلى سنم المثيل، وإنما الانطلاق من الذات، و لا تتجلى كذلك فقط في التيه في الجزيئات، وإنما في النضال المرير الذي يستهدف الإصلاحات السياسية بشكل شمولي، لأن نقاشا كهذا، وعلى هذا المستوى، أكيد سيتكرر، لكن مع لون آخر سوف يتحمل – في الغد القريب جدا، جدا… – مسؤولية هذه الوزارة التي تغرق في المش—————–ا كل، التي لا يمكن إصلاحها إلا ضمن إصلاح سياسي ودستوري شامل

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. سامح درويش
    11/09/2007 at 11:36

    أولا أريد أن أنبهك أخي محمد العرجوني أن هناك ارتباكا تقنيا في المقال ربما مرده إلى تكرار المقال مما يوحي للقارئ بطوله فينفره ذلك من تركيز القراءة، لا سيما وأن الموضوع يستحق نقاشا وسجالا من هذا النوع الذي فتحته ، إذ استطعت أن تتجرد من نقمتك على الأداء السياسي ببلادنا لتخوض في الأمر بنوع من النضج والاتزان، من أجل مناصرة المنطق والحث على الانتماء السياسي والتموقع الحزبي، إذ كثير من الانتهازيين يفضلون البقاء خارج اللعبة السياسية قصد اقتناص الفرصة متى ما سنحت، إنني أتفق معك على ضرورة اعتماد كل حزب على أطره التي يعرف كفاءاتها ويتأكد من قناعتها بما هو بصدد تطبيقه في مجاله، على أن يشكل اللمنتمون استثناء لبعض الأطر التي تتسلح برؤية واضحة واقتناع خاص بالعمل الحزبي، إذ ماذا يمكن أن ننتظر من مسؤول بدون انتماء ولا هوية سياسية أو فكرية؟ وماذا سيكون مشروعه وبرنامجه للقيام بالمهام التي أنيطت به؟إذن من أراد أن يقطع الوادي عليه أن يبللل سرواله كما يقال في مثلنا الشعبي؟؟؟ تحية لك أخي محمد.

  2. وجدة سيتي
    11/09/2007 at 11:38

    نشكر الأخ سامح درويش الذي نبهنا الى الخطأ التقني الذي يتعلق بتكرار المقال ….لقد قمنا بتصحيح الخلل …فشكرا مرة أخرى استاذنا المحترم سامح درويش

  3. عبد الحميد الرياحي
    11/09/2007 at 20:32

    تحية إلى الأخ العرجوني:
    أريد من خلال بعض الفقرات توضيح موقف معين أظن أنه يبقى ضمنياً في كثير من المقالات والردود: إنه موضوع ظاهرة الحزبية وعلاقتها مع مكونات خماسبة النحس: الزبونية والرشوة والقرابية والحزبية والرشوة.
    – أولا فإن أطر التعليم وأكثرية شرائح المجتمع المغربي تعرف الظاهرة المجتمعية – الحزبية- منذ اتخاذها للشكل العصري في فترة الاستعمار.
    – إن من خبر هذه الظاهرة أو انخرط فيها يلاحظ تغيير المواقف والأماكن والأدوار والمواقع بشكل لا علافة له بالفكر أو بالمردودية أو بالعدالة الاجتماعية أو بالاستحفاقية أو بالأحلاق وكل ما يوحي بالقيم الإنسانبة الإيجابية. فنجد أشحاصاً معينين يتنقلون بين الهيئات الحزيبة مرات ومرات، لا فرق عندهم بين اليسار واليمين ولا فرق بين الحزب الشعبي والحزب الإداري ولا فرق بين الإسلامي والعلماني مثلا … كل الانقلابات الحزبية ممكنة في الحزبية المغربية. المهم عندهم وعند من يدعمونهم هو تبوء مركز الصدارة والريادة. وأما المناضلون القدامى فهم حطب التدفئة وهم مطاياهم للوصول. ويصبحون بسرعة هم المناضلون ولا أحد يناضل غبرهم.
    – رأينا مثلا مفاولا يترشح باسم الأحرار أولا ثم بإسم جبهة القوى الديموقراطية ثم بإسم الحركة الشعبية، وآخر باسم حزب الاستفلال ثم باسم الحركة الديموقراطية الاجتماعية ثم بإسم الحزب العمالي، وآحر باسم الاتحاد الاشتراكي ثم بإسم حزب التقدم والاشتراكية ثم باسم حزب العهد. والأمثلة كثيرة إلى حد اعتبار ذلك هو القاعدة وغيره استثناء.
    – أسوق لكم مثلا رأيته في مكناس مؤخرا وهو لا يشكل حالة منعزلة: جاء الأخ الأشعري من الاتحاد الاشتراكي ليطعن في تشكيل مكتب إقليمي منذ بضعة أشهر وتم انعقاد تجمع لإعادة انتخاب مكتب جديد بحضور ممثل عن السلطة المحلية. ولما تم إعادة انتخاب نفس الوجوه طعن مرة ثانية في التشكيلة … قكانت النتيجة عكسية تماما حيث انسحب المئات من المنتمين سابقاً إلى الاتحاد الاشتراكي وانضم جزء لا بأس به منهم إلى حزب العدالة والتنمية مؤقتا ليبحثوا لهم مستقبلا عن موقع آخر.
    أختصر الفكرة بالقول أن الظاهرة الحزبية في المغرب تتنتاقض مع القيم الاجتماعية الإيجابية. ولا أظن أنها ستؤدي إلى نمو أو تقدم أو تطور فكري في المنظور القريب. وربما أخطأت بالنسبة للمنظور البعيد. ولكن ذلك لا ينعكس على تطور مجتمعنا إذا قورن بما حققته بعض المجتمعات.
    وإلى اللقاء.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *