ندوة » السياسة التعليمية بالمغرب: واقع وآفاق »
ندوة » السياسة التعليمية بالمغرب: واقع وآفاق »
في إطار أنشطته الإشعاعية، وامتدادا لسلسلة الندوات التي نظمها سابقا وبالخصوص ندوة » المغرب وسياسة اقتصاد الريع » التي أطرها الدكتور نجيب أقصبي يوم 06/05/12 بأيت ملول، وفي سياق وطني يتميز بدخول مدرسي وجامعي أثار كثيرا من التساؤلات حول مآل الإصلاح التربوي والبيداغوجي بالمغرب في ظل الإجراءات الحكومية الأخيرة التي مست التوقيت المدرسي وعلاقة التعليم العمومي بالخصوصي وكذا قضية مجانية التعليم الجامعي، نظم الحزب الاشتراكي الموحد PSU، فرع أيت ملول، ندوة » السياسة التعليمية بالمغرب: واقع وآفاق » يوم 14/ 10/12 بدار الحي مبارك أعمر بأيت ملول.
وقد تمت مقاربة موضوع الندوة من خلال أربع محاضرات تطرقت إلى محورين رئيسين هما:
ـ الواقع التربوي وسياسة الدولة، إلى أين ؟
ـ البدائل المقترحة للخروج من الأزمة الراهنة للتربية والتكوين.
و تناوب على تقديم محاور هده الندوة الأساتذة:
ـ عبد اللطيف قييلش ، عضو المكتب الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل CDT وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد PSU؛
ـ حفيظ أكلاكلا، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل FDT بجهة سوس ماسة درعة؛
ـ محمد اليعقوبي، عضو مجلس الإتحاد الجهوي للفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ بجهة سوس ماسة درعة، رئيس الفيدرالية الإقليمية لجمعيات الآباء و أولياء التلاميذ بتزنيت؛
ـ أحمد بن علي مفتش تربوي للتعليم الابتدائي بنيابة شتوكة أيت باها، عضو في الحزب الاشتراكي الموحد، فرع أكادير.
في المداخلة الأولى تفضل الأستاذ قييلش بعرض أبرز محطات السياسة التعليمية في تسلسلها التاريخي في مغرب ما بعد الاستقلال، موضحا خلفياتها المحركة المتمثلة أساسا في رهانات الدولة المغربية لجعل التعليم أداة لضبط المجتمع وتطويعه لفائدة السلطة السياسية القائمة. كما وقف الأستاذ المحاضر عند مرتكزات البرنامج الإستعجالي ( 2009ـ 2012) ذات الطابع الليبرالي المقاولاتي والذي يحجم الإصلاح التربوي المنشود؛ ليخلص إلى أن فشل السياسة التعليمية في المغرب مرتبط نتيجة بفشل تدبير الدولة لهذا القطاع، قياسا على فشلها في أغلب القطاعات الاجتماعية التي باشرتها. وللخروج من الأزمة المزمنة لتعليمنا يقترح الأستاذ قييلش الإسراع بفتح نقاش عمومي واسع وشفاف يجيب عن الأسئلة الحاضرة والمستقبلية لهذا القطاع الحيوي .
انصبت المحاضرة الثانية للأستاذ أكلاكلا على الموقف النقابي من السياسات التعليمية المسنونة من طرف الحكومات المتعاقبة، وقد مثل الإطار النقابي لذلك بموقف النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء ف.د.ش من مجموعة من البرامج الحكومية ،وعلى الخصوص البرنامج الإستعجالي الذي أعلن رسميا عن فشله من طرف الجهات الوصية. كما استعرض الأستاذ أكلاكلا الواقع المتردي لقطاع التعليم من حيث ظروف اشتغال الموارد البشرية وجودة مرفق التربية والتكوين التي يستفيد منه التلاميد من جهة، ومخرجات ونتائج القطاع من جهة ثانية، راصدا أهم الإختلالات في مجال جودة التعلمات. ولم تفت الفرصة للأستاذ المحاضر ليعري عن أسلوب الارتجال الذي أبان عنه وزير التربية الوطنية من خلال التدابير المرتبكة للدخول المدرسي الجديد.
المداخلة الثالثة مع الأستاذ اليعقوبي عكست رأي إحدى أهم جمعيات المجتمع المدني الملتصقة بمشاكل القطاع والتي عبرت عن الهواجس المشروعة للآباء والأمهات إزاء ما يعتمل في منظومة التربية والتكوين في الوقت الراهن. فإذا كان دور جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ في المؤسسات التعليمية بربوع بلادنا أريد له أن يكون وأن يبقى دورا نفعيا وتقليديا منذ الاستقلال ، والى يومنا هدا، فإن الفيدرالية الوطنية لجمعيات أباء وأولياء التلاميذ قد دأبت منذ تأسيسها على دعوة الوزارة الوصية، وهي دعوة لم تجد بعد آذانا صاغية، بجعل جمعيات الآباء مدبرا حقيقيا وشريكا يوميا لصياغة القرارات المتخذة في المؤسسات التعليمية. وحتى تفرض هدا التصور الحداثي، ما فتئت الفيدرالية تبحث لها عن موطئ قدم في المجالس الإدارية لأكاديميات التربية والتكوين كعضو فاعل ومستقل .
وباعتباره أبا ، فإن أهم ما يطمح إليه كجميع الآباء والأمهات في بلدنا هو كسب رهان التعميم بتوفير مقعد دراسي لكل طفل مغربي في سن التمدرس، والاستفادة من جودة التعلمات والخدمات الاجتماعية . وفي هذه النقطة الأخيرة أماط الأستاذ اليعقوبي اللثام عن تهرب الدولة من واجبها الاجتماعي في مجال ضمان تكافؤ الفرص في الولوج لمرفق التربية والتكوين، وخاصة بالنسبة للفئات المحدودة الدخل أو في وضعية هشاشة . هذه الأخيرة أصبحت في الوقت الحاضر تكابد النقص في الداخليات وهزالة المنح الدراسية المقدمة من طرف الدولة لفلذات أكبادها. وقد أكد على أن كل الإجراءات المتخدة في إطار البرنامج الإستعجالي، تبقى من وجهة نظر الفيدرالية ، ذات طابع استراتيجي ولكن بمقاربة تقنية صرفة، وبالتالي محدودة النتائج بالمقارنة مع الاستثمار ر التربوي الضخم المرصود لها ( 44مليار درهم).
اختتمت مداخلات الندوة بالمحاضرة التي تفضل بها الأستاذ أحمد بن علي، والتي ذكرت بإيجاز بأبرز اللحظات التي وسمت السياسة التعليمية التي خطها الحاكمون في المغرب، وهي ذات السياسة التي بدأت مسكونة بالهاجس الوطني إبان ستينيات القرن الماضي ( المغربة، التعميم، التوحيد والتعريب ) لتنتهي إلى تخلي الدولة عن مسؤوليتها عن هذا القطاع الاجتماعي والتنموي لفائدة القطاع الخاص ( تنفيذ توصيات البنك الدولي لسنة 1995)، ووسط كل ذلك شدد الأستاذ المحاضر على نضال النقابات العمالية للوقوف في وجه هذا التخلي والدفاع عن التعليم الشعبي الديمقراطي، والذي لا يستقيم بدون مجانية خدمة التعليم وتكافؤ الفرص في استفادة جميع المواطنين من هذا الحق الدستوري .
وعن الأزمة الراهنة التي تتخبط فيها منظومة التربية والتكوين، أوضح الأستاذ بن علي المؤشرات الدالة على هذه الأزمة، ليتساءل باستغراب عن المفارقة المتجلية في تعدد المؤسسات المؤطرة للقطاع (وزارة التربية الوطنية، المجلس الأعلى للتعليم… ) وغياب دورها الحقيقي في التشخيص الملموس للواقع الملموس والتفكير في الحلول الجذرية لوضع حد للاختلالات العميقة للمنظومة. كما تطرق المحاضر لأهم الأوراش التعليمية التي من المفروض أن يطالها الإصلاح التربوي ببلادنا، والتي يأتي على رأسها إقرار التربية على الاختيار وعلى القيم( التربية على حقوق الإنسان كأولوية) في المنهاج الدراسي كمدخلين لا غنى عنهما لجعل المدرسة في قبل التغيير المجتمعي وكسب رهان التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
Aucun commentaire