المهاجرون الأفارقة بين المطرقة و السندان
المهاجرون الأفارقة بين المطرقة والسندان
الجزء الأول
ü الحق في حرية التنقل حق أساسي من حقوق الإنسان
ü الإنسان كائن مهاجر بطبعه؛ وتاريخ الإنسانية هو تاريخ الهجرات.
يعيش بيننا عدد من الإخوة الأفارقة من جنوب الصحراء الذين اضطرتهم مجموعة من العوامل إلى الهجرة محاولين عبور البحر إلى أوروبا. هؤلاء الإخوة يعانون من مجموعة من الإكراهات تضطرهم إلى العيش خارج الفضاء العمومي أي في سرية تامة و بالتالي التخلي عن جزء كبير من إنسانيتهم.
1- الهجرة فعل اختياري أم قصري:
تعتبر الهجرة فعلا اختياريا عندما يمتلك الشخص / المهاجر حق الاختيار بين مغادرة الوطن أو البقاء – و البقاء يعني في هذه الحالة توفر كل أسباب العيش الكريم-. و تعتبر فعلا قيصريا أو اضطراريا عندما يكون الشخص/ المهاجر مرغما على المغادرة من أجل: انعدام الأمان، البحث عن الرزق، الدراسة الخ… و حسب مجموعة من الباحثين في مجال الهجرة؛ كل الهجرات تعتبر قصرية أو اضطرارية باعتبار أن الإنسان يهاجر بهدف البحث عن حق من حقوق الإنسان: الحق في العمل، الحق في حياة كريمة، الحق في امتلاك المعرفة، الحق في الصحة الخ… لكن من وجهة نظر القانون فكل نوع من هذه الهجرات تخضع لقانون معين: نظام اللجوء مثلا بالنسبة للأشخاص المرحلين قصرا، القانون المنظم لحقوق العمال المهاجرين بالنسبة لهذه الفئة الخ…[1]
2- الجذور التاريخية للهجرة عبر الصحراء:
عبر التاريخ عرفت الصحراء في طرفيها الشمالي و الجنوبي عدة أنواع من الهجرة نذكر منها: التجارة العابرة للصحراء و التي كان لها الفضل في نشر الدين الإسلامي جنوب الصحراء، الغزوات و الفتوحات، الحج، الهجرة من أجل الدراسة … و الصحراء كانت دائما فضاءا كبيرا للتنقل و التواصل و المكونات الإثنية المتنوعة لساكنة الواحات تشهد على ذلك. لم تتغير هذه الحركية إلا بمجيء الاستعمار الذي وضع الحدود و حد من حركية الساكنة عبر جانبي الصحراء. خلال سنوات السبعينات و قع التوطين ألقصري و الإرادي للقبائل الرحل كما وقعت مجموعة من الحروب الإثنبة في منطقة الساحل؛ كما عرفت نفس المنطقة جفافا طويل الأمد، هذه العوامل أدت إلى نشوء نوعين من الهجرة:
o هجرة أفراد من القبائل الرحل –سابقا- و التجار الذين افتقروا للعمل جنوب الجزائر و ليبيا في حقول النفط.
o هجرة ساكنة المناطق التي شملتها الحروب و الجفاف بحثا عن اللجوء في مناطق أكثر أمانا[2].
و قد ساهم الحضر الذي فرضه مجلس الأمن على ليبيا بين سنتي 1992 و 2000 في نمو الهجرة من جنوب الصحراء في اتجاه شمالها؛ حيث اضطر الرئيس الليبي معمر القذافي – أمام الصمت العربي- إلى توجيه سياسته الخارجية نحو إفريقيا، و شرع في تشجيع المهاجرين الأفارقة في التوجه للعمل بليبيا في إطار ما أسماه بالتضامن الإفريقي.
في أوائل التسعينيات وقع تحول في السياسات الأوربية للهجرة؛ و ذلك بتوحيد هذه السياسات و خلق فضاء شنـﮔن و تعميم التأشيرة. و قد تطورت هذه السياسة عبر مجموعة من المحطات سنأتي على ذكرها في فقرة لاحقة.
3- المغرب والهجرة السرية:
ظاهرة الهجرة السرية ليست جديدة على المغرب؛ فمنذ عشرينات القرن الماضي نما نوع من هجرة اليد العاملة سريا من و إلى المغرب:
o فهجرة اليد العاملة سريا إلى فرنسا كانت مشجعة من طرف أرباب العمل لتغطية النقص في اليد العاملة بالمعامل الفرنسية، و لم يكن من الممكن استيراد هذه اليد العاملة قانونيا نظرا لوجود نص قانوني يمنع هجرة اليد العاملة خارج المغرب وهو ظهير 27 شتمبر 1921 الذي كانت تهدف مقتضياته إلى ضمان حاجيات المقاولات الفرنسية المتواجدة بالمغرب لليد العاملة. وفي سنة 1950 بلغ عدد العمال المغاربة الذين هاجروا سريا إلى فرنسا 12000 عامل من بين العدد الإجمالي للعمال المغاربة هناك والذي بلغ 16000 عامل أي 75% كانوا في وضعية غير قانونية[3]؛ و قد كانت السلطات الفرنسية تتغاضى عن هذه الوضعية بل تشجعها لأنها كانت تخدم مصالح المقاولات الفرنسية و بالتالي الاقتصاد الفرنسي.
o أما هجرة اليد العاملة باتجاه المغرب فكانت خاصة من إسبانيا التي كانت تعاني حينها من الكثير من الأزمات بسبب الحكم الديكتاتوري للجنرال فرانكو، و أوردت جريدة العلم في عدد يوم 24 يونيو 1951 خبر غرق قارب في ساحل مدينة سلا كان يقل مجموعة من الإسبان كانوا يحاولون الدخول إلى المغرب بطريقة سرية[4].
4- سياسة الإتحاد الأوروبي في مجال الهجرة:
جل العاملين في مجال الهجرة سواء وسط المجتمع المدني أو وسط البحث الأكاديمي يعتبرون هذه السياسة من الأسباب الأساسية لتضخم ظاهرة الهجرة السرية؛ بل و يعتبرون ولادة فضاء شنـﮔن و تعميم التأشيرة نقطة تحول في مسار هذه الظاهرة. قبل سنة 1985 – سنة توقيع اتفاقية شنـﮔن- كانت لكل دولة أوروبية سياستها الخاصة في مجال الهجرة؛ و كانت كل دولة تتعامل مع ظاهرة الهجرة السرية حسب مصالحها، ففي فترات النمو الاقتصادي بين خمسينيات و سبعينيات القرن الماضي les trente glorieuses كانت جل الدول الأوروبية تستفيد اقتصاديا من هذه الظاهرة لذا كانت تتغاضى عنها بل تشجعها أحيانا؛ فقد كان المهاجرون السريون يمثلون أغلبية العمال المهاجرين في فرنسا طيلة الستينيات و في بداية السبعينيات، فضمن مذكرة مؤرخة في 29 يوليوز 1968 صرح وزير الشؤون الاجتماعية السيد جون مارسيل جانيني Jean Marcel Jeanneney أن الهجرة السرية تمثل 68% من مجموع المهاجرين بفرنسا بينما لم تتزاوج 26% سنة 1948، و كان يعلل هدا الوضع بحاجة الاقتصاد الفرنسي لهذه الفئة من اليد العاملة . في سنة 1980 فتح المسؤلون الأوربيون النقاش حول حق حرية التنقل، و في سنة 1985 وقعت خمس دول أوربية هي فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا و الليكسمبورغ اتفاقية شنـﮔن ؛ إلا أن البروتوكولات التنفيذية لهذه الاتفاقية لم توقع إلا سنة 1990 و دخلت حيز التنفيذ سنة 1995؛ وقد التحقت بهذه الاتفاقية دول أوربية أخرى: 1990 إيطاليا، 1991 إسبانيا و البرتغال، 1992 اليونان، 1995 النمسا و في سنة 1996 الدانمرك، فنلندة و السويد. و تتضمن هذه الاتفاقية الإجراءات التالية:
· حذف الحدود الداخلية بين هذه الدول و تقوية المراقبة عند الحدود الخارجية.
· توحيد إجراءات و شروط الولوج عبر الحدود الخارجية لهذه الدول.
· إنشاء تأشيرة موحدة.
· وضع نظام للتنسيق بين مختلف الإدارات المعنية بمراقبة الحدود.
· إنشاء نظام المعلومات المعروف ب Système d’Information Schengen (SIS)الذي يوفر المعلومات للسلطات القنصلية و للنقط الحدودية حول الأشخاص و الأشياء و المركبات المشتبه فيها، ونظرا لالتحاق دول جديدة بالاتفاقية كأعضاء أو كشركاء فقد تم إنشاء نظام جديد سمي SIS 2 و فد وفرت لهذا النظام كل الوسائل الجديدة في مجال التكنولوجيا المعلوميات.
وقد جاءت مجموعة من المؤتمرات و الإنفاقات لتعمق الجانب الأمني و تنقل مجموعة من الصلاحيات التي كانت من اختصاص الدول إلى المجموعة الأوروبية نذكر هنا أهم هذه المحطات:
//C:/DOCUME~1/pc/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif » alt= » »* »> اتفاقية امستردام – 1 ماي 1999:
نقلت بمقتضى هذه الاتفاقية مجموعة من الصلاحيات التي كانت من اختصاص الدول إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وقد التزمت الدول الأعضاء بتوحيد القوانين و الأنظمة في مجالات حق اللجوء، شروط استقبال طالبي اللجوء، شروط الدخول و الإقامة في الدول الأوروبية و شروط الترحيل و الاقتياد للحدود الخارجية.
//C:/DOCUME~1/pc/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif » alt= » »* »> قمة تامبيري – أكتوبر 1999 :
الدول الأعضاء وضعوا المساطر لتطبيق اتفاقية أمستردام.
//C:/DOCUME~1/pc/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif » alt= » »* »> قمة اشبيلية 2003 :
في هذه القمة برز لأول مرة البعد الخارجي للسياسة الأوروبية في الهجرة و حق اللجوء، وقد ظهرت فكرة نقل تدبير مشاكل الهجرة و حق اللجوء إلى خارج الحدود الأوروبية Externalisation du Système d’asile et des problèmes migratoires؛ و أهم آليات هذه العملية هي ربط تقديم المساعدات لدول الجنوب بمدى تعاونها في محاربة الهجرة السرية اتجاه أوروبا فبرزت المقولة المشهورة – إذا حكمتم إغلاق حدودكم ، سنمنحكم المساعدات من أجل تنميتكم-
[1] – الدكتور محمد خشاني : الهجرة السرية في المغرب
[2]– الدكتور هان دي هاس : Hein De Hees بحث تحت عنوان الهجرة عبر الصحراء في اتجاه المغرب و الإتحاد الأوروبي …
[3] – الدكتور محمد خشاني؛ نفس المرجع.
[4] – نفس المرجع.
1 Comment
اريد مغادرة الى اوروبا من اجل لقمت عيش بسبسبس