النهاري ولغزيوي والدرس الاخلاقي
التصريحات الاخيرة لكل من الداعية عبد الله النهاري والصحفي المختار لغزيوي ,اثارت نقاشات حادة اختلط فيها الحابل بالنابل , وكثرت الاراء والتعاليق تجاوزت بعضها كل الحدود في محاكمة للنوايا و تقويل كل طرف ما لم يقله بل ما لم يفكر فيه اصلا , انها الطبيعة البشرية التي تجنح للتجريم ,مع ان الاصل هو البراءة .
وأسباب النزول تتلخص في ان اصواتا ارتفعت في الاونة الاخيرة مطالبة بحذف الفصل 490 من القانون الجنائي الذي يجرم العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج الشرعي , تحت ذريعة احترام الحرية الشخصية للراشدين طالما ان عنصر الاكراه غير متوفر وان التوافق والتراضي قائمان في مثل هاته العلاقات .
وقد تبنت احدى الجمعيات الحقوقية هذا المطلب الذي اصبح حديث الساعة , وكان لذلك صدى خارج ارض الوطن خاصة والمغرب دولة اسلامية كرس دستورها الجديد هذا المبدأ واعتبره من الثوابت التي ترتبط بإمارة المؤمنين .
وفي اطار المواكبة الاعلامية اختارت احدى القنوات الفضائية استضافة الصحفي المغربي ورئيس تحرير جريدة الاحداث المغربية السيد المختار لغزيوي على الهواء مباشرة لاستطلاع رأيه في الموضوع , وقد اطلق هذا الاخير عنانه في الدفاع عن الحريات الشخصية بما فيها ما اسماه » حق ممارسة الحب » وعندما سؤل من طرف المذيعة هل يقبل ان تمارس اخته هذا ( الحق) , اجاب بأنه مع ممارسة الحرية الفردية للجميع بما فيهم اخته وأمه …
وكان هذا تعبيرا عن رأيه الشخصي, فرغم اختلافنا معه لا يمكن ان نصادر حقه في ذلك لان الديمقراطية كل لا يتجزأ .
ومن مدينة وجدة المناضلة , صدح صوت جهوري للشيخ عبد الله النهاري , الذي اعتدنا على خطبه وطريقة القائه المتميزة ,عبر اشرطة الفيديو التي تبث على الشبكة العنكبوتية , والتي تخرج في غالبيتها عن المألوف من دروس الوعظ و الارشاد وخطب الجمعة .
وكما ان الشاعر ابن بيئته فان رجل الدين هو كذلك ابن بيئته يؤثر و يتأثر بما يجري من احداث وما يشغل الرأي العام اجابيا او سلبيا , ومن هذا الباب جاء تدخل السيد النهاري لينتقد الاصوات التي تدعوا » للإباحية » و التي ليست من ادبيات الاسلام وأخلاقه التي تعتبر الغيرة احدى تجلياتها وبالتالي فان ذكره للمقولة المأثورة : » اقتلوا من لا غيرة له » » ,ليست دعوة لقتل الصحفي , ولا يمكن منطقيا ان يحمل كلامه على ذلك , إلا اذا اخطئنا الزمان والمكان , لأننا نعيش في دولة يسودها القانون وان اصدار فتاوى القتل والتحريض على ذلك محرم دينا وعقلا ومجرم قانونا .
ومن حق كل شخص ان يفسر الامور حسب فهمه ونيته إلا انه ليس من حقه ان يحاكم نوايا الاخرين وما تخفيه صدورهم , لان علم ذلك عند علام الغيوب.
فعين العقل وتوخي الحكمة والتبصر , تدفعنا لتبني الوسطية , والدفع بالتي هي احسن , وعدم ترجيح كفة على أخرى , فالافكار قابلة للمراجعة , و الظلم اشد وقعا على نفسية المرئ من وقع الحسام المهند . ومن الظلم ان نؤول الكلام حسب اهوائنا ولا نخشى في ذلك لومة لائم .
ولا نتمنى ان يؤدي اختلاف في الرأي , وفعل ورد فعل , الى افتعال ضجة ستكون لها انعكاسات سلبية على جميع المستويات , فالحفاظ على الاخلاق هو حفاظ على هويتنا وقيمنا المستمدة من الدين الاسلامي الحنيف .
Aucun commentaire