التربية والتكوين : نعم للتنسيق ولكن……..!
تؤشر الكتابات على الرغم من نذرتها في مجال التنسيق على أهميته وضرورته كنهج في كل المجالات لما ينجم عنه من تواصل وتفاعل مستمرين على المستويين الأفقي والعمودي بين مكونات الفئة المهنية وبينها وبين مختلف الفاعلين الذين يتقاطعون معها ويشاركونها جزءا من عملها، ويجد التنسيق مكانته المتميزة في مجال التربية والتكوين نظرا لتعدد الفاعلين والمتدخلين وتنوع الاختصاصات التي تروم هدفا واحدا هو الرفع من المر دودية الداخلية والخارجية لمنظومتنا التربوية ، وفي هذا السياق اهتمت هيئة التفتيش التربوي بمجال التنسيق وعلقت عليه آمالا كبيرة في معالجة قضاياها المهنية المرتبطة بآليات المراقبة والتأطير والتكوين من جهة ومن جهة أخرى كنافذة للتفاعل الايجابي مع كل الفعاليات من داخل المنظومة ومن خارجها لما فيه مصلحة مؤسساتنا التربوية والتعليمية وذلك من أجل الاستجابة لمتطلبات الإصلاح ومسايرة التحولات التربوية على مستوى التدبير والتخطيط والتوجيه كما على المستوى البيداغوجي.
وقبل التطرق لمجال التنسيق المرتبط بهيئة التفتيش ، أود أن أشير في البداية إلى أن الفعالية المتوخاة من كل تنسيق تتحكم فيها جملة من العوامل على رأسها نمط التنسيق المتبنى والأهداف المسطرة له ، وفي هذا الباب لا بد من التمييز بين تنسيق ينطلق من ميدان المراس ومن المهنيين بناء على ما يعترضهم من صعوبات واكراهات وعلى ما يتوصلون إليه من حلول ، ويستمد هذا النوع من التنسيق قوته من الروابط المتينة بين أفراده ومن مرونته ومن خلفية التعاون والتآزر بين المهنيين ، وتنسيق نظامي ممركز يمجد ذكاء الفرد الذي يجمع كل السلطات والمسؤوليات ويعمل على توزيعها وفرضها على جماعة التنسيق ومن ثم التحكم في النتائج مسبقا.، إلا أن هذا لا يمنع الجمع بين النمطين في ذات الوقت باعتماد تنسيق يراعي البعدين الأفقي والعمودي وفي هذه الحالة نذكر أنه ليس من العبث أ،ن بتم التركيز على البعدين الأفقي والعمودي في الوثيقة الاطار لتنظيم التفتيش وللمذكرات المنبثقة عنها ) 113 – 118 ( عند تعرضها لتعداد اختصاصات المجالس الإقليمية والجهوية والمركزية للتنسيق.
و في هذا الإطار لا بد من استحضار مخاض ولادة الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش كوثيقة واعدة شاركت في انجازها إلى جانب الوزارة فعاليات نقابية وجمعوية ، هذه الوثيقة التي ينبغي أن تشكل بوصلة لعمل لجان التنسيق، وحري بهذه اللجان أن تستوحي برامجها وتبني مشاريع عملها انطلاقا من المبادئ والتوجهات التي تضمنتها هذه الوثيقة ، ومن نافلة القول الإشارة إلى ضرورة إحداث القطيعة مع أنماط وأشكال التنسيق التقليدية القائمة على الاشتغال ألمناسباتي والظرفي والتي عادة ما يختزل العمل فيها إلى توجهات أحادية مطبوعة بالتوجه الممركز فيغيب عمل الجماعة ويغيب معه ذكاؤها ليبرز ذكاء الفرد الرئيسّ المنسقّ إن إحداث القطيعة مع أنماط التنسيق التقليدي لا ينبغي أن يفهم من ورائها نفي دور المركز بقدر ما يراد التقليص من دوره لفائدة الجهات والأقاليم ، وبذلك فان التأسيس لمرحلة جديدة من التنسيق ينبغي أن تتأسس على مرجعية موحدة قوامها الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش والنصوص القانونية الناظمة للهيئة والمحددة لاختصاصاتها.وان يتم العمل المشترك على بلورة فلسفة الوثيقة الإطار في مجالات كثيرة منها التكامل والشمولية بين فئات التفتيش في الوظائف والأدوار ومنها الاستقلالية الوظيفية وشروط ممارسة المهام في إطار علاقات عمل إدارية وتربوية واضحة وشفافة والى غيرها من الرهانات المطروحة على مجالس التنسيق .مركزيا وجهويا ووطنيا.وما اكثرها.
ومن المعلوم أن هذا التوجه الجديد قد كانت معالمه قد بدأت تتأسس وبدأ التفكير جديا في وضع برنامج لكل منسقية تخصصية ، كما بدأ التفكير جديا في هيكلة المنسقيات مركزيا وجهويا وإقليميا ،لكن سرعان ما توقفت عجلة التنسيق في السير في هذا التوجه ، باستثناء بعض اجتماعات المجلس المركزي للتنسيق والذي لا تصل انتاجاته ولا توصياته ولا مشاريع عمله للمفتشين ولا يستبعد أن يصبح هذا المجلس الذي هو من جنس الهيئة غريبا عنها بعيدا عن همومها و مشاكلها وتطلعاتها وهذا ما لا نتمناه أبدا حفاظا على لحمة هذه الهيئة التي ينبغي أن توظف مجال التنسيق من اجل ذكاء جماعي ورؤية موحدة قادرة على تجاوز الرؤية الفردية الممركزة. ،
Aucun commentaire