الراهن الجمعوي بين الانفتاح والانبطاح (1/3)
شهد الحقل الجمعوي بالمغرب في العقدين الأخيرين تطوراً من حيث الكم وكذا التسهيلات الإدارية بالإضافة إلى التنوع في إلى حد ما في مجال التخصص والتدخل. وإذا كان ولابد من كلام في العمل الجمعوي بالمغرب فإنه لا مناص من ربطه بالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي للبلد.
إن التغيرات التي عرفها المشهد السياسي المغربي مع مطلع القرن 21م وإعطاء هامش من الديموراطية والحرية شجع الكثير للولوج للعمل الجمعوي منطلقين من فكرة التمتع بالممكن واستثمار الفرص السانحة كفيل بتغيير الشروط الاجتماعية والسياسية، ولكن الكثير من الفاعلين الجمعويين دخلوا العمل الجمعوي بدون قراءة علمية للواقع وحاجات المجتمع إلى هذه المؤسسات المدنية، حيث ملء الفراغ واغتنام ما يمكن غنمه والتباهي بالاشتغال والتطوع وخدمة المجتمع تبقى العناوين الأكيدة لعمل مؤسسات المجتمع المدني، وعند الطرف الآخر أي الدولة المنظمة والساهرة والمتتعة لمؤسسات المجتمع المدني تعتبر الجمعيات ترويجا للحرية والديموقراطية لذلك تتباهى بعدد الجمعيات مع العلم أن نصفها مجرد أرقام، بل جمعيات كثيرة توقفت عن الاشتغال ولازالت في دائرة الإحصاء، وأيضا الاحتواء، لأن الدولة المعاصرة تتحكم في المجتمع المدني بالجذب لا بالقوة، لتسهيل تنفيذ مشاريعها ومخططاتها دون خسائر ولإشراك الآخر في تحمل المسؤولية وعواقبها أيضا.
إن الراهن الجمعوي بالمغرب يعرف أزمة قيم أخلاقية مع المبادئ التي تأسس عليها وكذا مع المجتمع الذي نشأ لأجله والأمثلة على هذه الأزمة كثيرة، وأخطر ما لحق العمل الجمعوي في السنين الأخيرة التدخل الأجنبي بالمال وسياسة المشاريع التي لها خلفيات بعيدة وعميقة قد تدركها الجمعيات أو لا تدركها، ولكن للأسف الانقياد للمال أصبح من الأولويات على حساب السيادة والمبادئ، حتى إن وزارة الخارجية المغربية أصدرت مذكرة للسفارات الأجنبية تحذرها من التمادي في التعامل مع العمل الجمعوي بدون استشارة الدولة المغربية.
لاشك أن الوضع الحزبي المتردي واللاشعبي في المغرب وضع المؤسسات الجمعوية في مسؤولية جسيمة ، فإذا لم تتمكن من استثمارها بالشكل الجيد فإن العواقب ستكون جد وخيمة، ولنا عودة للموضوع
Aucun commentaire