المفتش-فوبيا(الفصل الخامس)؛؛؛؛؛؛
المفتش – فوبيا (الفصل الخامس)
بقلم: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس، بتاريخ 20 مارس 2012؛
بكل تأكيد لم نورد مجتمع النحل عبثا، فلو تمحصنا بالمنطق ورجاحة الفكر مواقع وطرائق اشتغال كل فرد من ساكنة القفير، لن يصدر أي فرد منا أحكاما اعتباطية مرتجلة، قبل الدرس والتحليل وفهم المقاطع والمغازي ومدلولات الموضوع الراهن، الذي لا يروم التعميم أبدا، والذي يتناول حالات شاذة منفردة نخشى أن تمس لحمة الجمع فتصاب المنظومة بالمرض والوهن، نرجو أن يعود، أصحاب هذه الحالات، إلى جادة الصواب ويقصدوا المصلحة العامة وفق تصور المجموعة جمعاء. والموضوع، بكل موضوعية، وبكل وضوح، يترجم واقعا يعرفه بالتأكيد، حق المعرفة، كل إطار في التوجيه التربوي، وليس هناك ما يخفي الواقع الملموس ، لكن، ولأسباب ذاتية وموضوعية، يعيشها كل من موقعه الخاص ونظرته الخاصة لمجريات الأمور وقناعاته الذاتية حسب ثقافته ومعرفته وظروفه وتصوراته الشخصية، فإن أحكاما ذاتية تصدر ويجب انتظارها والتعايش معها إلى حين أن تتوضح الأمور وتظهر جلية على أرض الواقع، فيعود حينها المتسرعون في الأحكام على أعقابهم خاسرين ومعتبرين.
إن سلوكات وتصرفات خلية النحل، تعتبر، بالتأكيد، وبشكل متطابق، أصدق مثال، على واقعنا، من حيث العمل والنشاط، والإنتاج، والحياة، وفي مختلف الحالات التي يسرد وقائعها هذا الموضوع، كما تعتبرعبرة لأولي الألباب ولمن يريد أن يعتبر. فالمسألة إذن ظروف وقناعات وعقليات ونزوات: لو كانكل فرد إنسان منا مثل فرد النحل، وذا أنفة وكرامة، يلتزم بالصدق والواقعية والجدية والمسؤولية، ويتجرد من الأنانية وحب الذات، ويحب لغيره ما يحب لنفسه، ويتصرف سلوكا مثل فرد النحل، مقتنع بضرورة أداء واجبه والدور المنوط به، متشبع بالحياة الجماعية والأهداف الشريفة المقصودة، متجرد من الأحكام الجاهزة والنوايا السيئة، دون التفكير في من يراقبه ويضبطه، ويلصق به في ذات الآن أحط النعوت، لرمى بنفسه وراء خلية النحل وانقضت حياته، مثل ذلك الفرد منها الذي يتقاعس ويشل إنتاجه فيتوارى عن الأنظار لعطالته وعجزه عن القيام بأي عمل، لأسباب متنوعة ومتعددة: منها عدم القدرة على مسايرة الركب، وعدم القدرة على إبداع مناهج العمل، وعدم القدرة على تحسين جودة الإنتاج، والبحث عن الأماكن المزهرة المنتجة للعسل؛ حيث من شدة وهنه الفكري وأساليبه العتيقة في التحليق حول الأماكن النتنة التي يخالها، لوهنه وضعف معرفته وخبرته، وعدم مواكبته تغيرات مواقع البساتين والحقول المعشوشبة، يخالها مصادر رحيق لافتقاده أحاسيس الاستيعاب والفهم، فيغرق في نتانة المستنقعات والأوحال، يمتح منها بغباوة متناهية ويمنحها إلى أفراد القفير، وهو ليس على اطلاع تام بحاجياتهم وأغراضهم من كثرة جهله بمواقعهم داخل الخلية التي تاه عن وجهته لها، ليتخذوا منه بالحجة والدليل موقف الطرد والنبذ، إذا لم يقم بتشريد نفسه، لكثرة عيوبه العقلية والجسدية، مثل فرد النحل المصاب بالضعف والوهن.
وبعد سنوات خبرة وتجارب ميدانية، وبالعود، خطوة أو بعض الخطوات إلى الوراء، حين كان يعيش كل فوج كخلية نحل متماسكة لمدة سنتين بمركز التوجيه والتخطيط التربوي، يتلقى تكوينا متكاملا ومتعدد الاختصاصات، في مجالات مختلفة، قاسمها المشترك، مناهج العمل الفردي والتشاركي، وتقبل أفكار الآخر، والإنصات لمختلف الآراء، والاندماج في مجموعات العمل، والسهر على تطبيق السياسة التعليمية العامة، واحترام توصيات مختلف التشريعات التنظيمية المعمول بها، ودراسة وتمحيص الوضعيات، والتحليل المنطقي العميق لمختلف الحالات، والتفكير مليا في مختلف الإشكالات، وانتهاج الموضوعية، والتزام الحياد، والتمكن من خيوط المشكل، ودراسة كل حالة على حدة، وعدم التعميم إلا عند تعدد حالات الظاهرة المدروسة، والبحث عن أفضل الحلول، وعدم التسرع في اتخاذ قرارات غير مدروسة، وتجنب، خصوصا إصدار الأحكام الذاتية الجاهزة والاعتباطية.
إنها، بالتأكيد، دعامات متينة، تنبني عليها أنشطة أطر التوجيه التربوي وممارساتهم اليومية بمجالات عملهم. والفصول الحالية المتوالية التي تتخذ في مختلف مقاطعها هذا الخط، لا تمت بأي صلة لمسلسلات مدبلجة أو أفكار خيالية تنسجها مصطلحات ضبابية وجوفاء تعبر عن أحكام متسرعة وذاتية ولا تترجم شخصية ذات تجربة وتلقت كل التكوينات المشار إليها أعلاه، وواقع الحال جلي، ولا يحتاج تأويلا.
فمنذ البدء، كان وقود هذه الفصول المتوالية، مثل هذه السلوكات والتصرفات اللامسؤولة، الصادرة عن بعضهم والتي تخالف كل التكوينات التي تلقاها المستشار في التوجيه التربوي، وتخالف كل التوصيات الواردة بمختلف النصوص التنظيمية، كما تخالف كل التوافقات والإجماعات الصادرة عن اجتماعات رسمية، بحيث لا يمكن وصفها إلا بالممارسات الرعناء اللامسؤولة، التي تضرب مصلحة خلية النحل في عمقها، ويأبوا أن ينتهجوا أسلوب فرد الخلية الذي وهن وأصبح منبوذا.
فماذا ينتظر التلاميذ من شخص واهن عاجز مخل بكل مبادئ التكوين لمدة سنتين ومخل بمبادئ التشريعات الناظمة لمختلف العمليات؟
فعلى سبيل المثال، لا الحصر:
ما هي المبررات الموضوعية لبعضهم، الداعية إلى رفض تنظيم العمل وفق نظام المنطقة التربوية للتفتيش المحددة تنظيما بجميع المذكرات في مجال التفتيش التربوي ومجال التفتيش بمجال الإعلام والمساعدة على التوجيه؟
نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.
Aucun commentaire