عندما قرأت آخر تصريح  » وليس الأخير » للسيد وزير العدل من بيته , يقسم فيه أنه لن يتوانى في محاربة الفساد مهما كانت الأطراف المتورطة فيه, ومهما كان حجم القضية التي تعنيه….لم أتمالك نفسي ,بل لن أستطيع أن أعبر لكم عما شعرت به….لأنني وبكل صدق أتمنى دوما رجلا سياسيا يشبه السيد الرميد …رجل لا يخاف في قول كلمة الحق لومة لائم . فليس من السهل أن يحضر حفلا سينمائيا, وينسحب عندما قدم إشهار مخل بالحياء. وليس من السهل أن يتابع شخصيا ملف اعتقال رجل قضاء بطنجة , رغم محاولة البعض التدخل في الجوانب القانونية لزرع فتيل الأزمة….لكن صوتهم بقي خافتا , ولم يثن السيد الوزير في المضي نحو الإصلاح الجدري وقلع الفساد من جذوره…..وليس من السهل أن يعلن السيد وزير العدل بتواجد ملفات ضخمة للفساد ,وأنه ماض في متابعتها بعد التأكد من محتوياتها.وليس من السهل أن يقترح إطلاق سراح بعض المعتقلين من ذوي الرأي …لن أخوض كثيرا في ما صدر منه منذ توليه .

  فكم تأسفت وأنا اقرأ هذه التصريحات الجريئة الشجاعة الصادقة الناطقة… لعدم منح الشعب المغربي علامة كاملة لحزب العدالة والتنمية,كما يحدث في الدول التي يحب شعبها مصلحة بلاده,بدل إقحام متطفلين وطامعين ومساومين ,من هنا وهناك ,ومحاولة كسر يد السيد رئيس الحكومة بحسابات ضيقة ,ومنحهم وزارات قد يزيدون همومها هما وغما وويلا….

   وأنا أتتبع بعض القرارات من السيد وزير العدل وغيره من الوزراء الذين  بدءوا فعلا مباشرة إصلاحات بقرارات حاسمة ,تمنيت لو أن السيد وزير التربية الوطنية يحذو حذوهم ,ويحارب الفساد الكبير الذي شاب ويشوب هذا المجال الحيوي,مجال لا يقبل التأخير ,ولا يقبل التأجيل,لا يقبل التأويل,ولا يقبل التجريب.إنه مجال إعداد أجيال المستقبل, مجال إعداد تنشئة ستتقلد عجلة التنمية,إن هي كونت تكوينا صحيحا ووجهت وجهة صائبة.

  إن تعلمينا يتضمن مسئولين تقلدوا المناصب بالهوى والمحسوبية دون استحقاق يذكر. بل تصرفوا في ميزانية بملايين الدراهم ,ولا زالوا يتصرفون دوت حساب يذكر ولا نتائج تحققت .إن دواليب الوزارة مليئة بعناصر ثبتت خيبتها وقلة تجربتها وسوء تصرفاتها وعدم نجاعة قراراتها…مما يتوجب على السيد الوزير استئصالها وتبديلها بمن هو أجدر وأقدر على تحيين وتجديد المنظومة بمشروع واقعي, ينطلق من حوار ومناظرات بناءة , يشارك فيها كل الغيورين على التربية والتكوين ,لتحقيق ما يلي:

   1- انطلاقة جديدة للتعليم اعتمادا على مؤهلات محلية وطنية بعيدا عن مستوردات تجارية ومقاربات لم تقدم إلا الخيبة والفشل الذريع.

  2- إرجاع الثقة الى رجل التعليم بتحقيق التكافؤ في الفرص في ولوج المناصب,والعدالة في الحركة الانتقالية عن طريق الشفافية الكاملة,وإنصاف رجال التعليم الذين تأخرت ترقيتهم نتيجة مذكرات فصلت للبعض دون البعض الآخر.

 3- تخفيف البرنامج الدراسي وفق حقيقة المستويات ,لبناء القواعد الأساسية للتعلمات , بدل الخوض في المتاهات.

4- إعمال الحساب والمحاسبة للتدبير المؤسساتي على جميع المستويات بدءا بالوزارة الى باقي المؤسسات.

 5- إعمال نظام التعاقد لتحقيق نتائج بمؤشرات حقيقية واقعية ,انطلاقا من الإمكانيات المتاحة ,مرورا بالوسائل المتوفرة والعمليات الواجب القيام بها.

 6- محاربة الفساد بكل أنواعه بإعمال الشفافية في القرارات , والصدق في التعاملات,وحسن التصرف في القرارات.

 7- القضاء كلية على الموظفين الأشباح ,سيما مركزيا حيث تعشش جماعات تتلقى أجورا دون القيام بعمل ما. من زوجة فلان وفلان,وابنة فلان وفلتان.

 8- تكثيف لجان التتبع من فرق نزيهة صادقة محبة للصلاح,لا فرق شكلية صورية….

 إنها بضع من القرارات يمكن القيام بها لتحريك عجلة التنمية للتربية والتعليم, بكل مكوناتها ,وفق خطة مدروسة وعمليات محروسة. فعلا ترك السابقون معضلات شتى وفسادا عارما….لكن الأمل والعمل يبقى الوسيلة الكفيلة لتصويب العيوب وإصلاح الخلل…إن صلحت النيات وصدقت القرارات.كفانا تجارب مستوردة ,وكفانا تبذير للأموال العمومية دون تحقيق نتائج ملموسة,وكفانا محسوبية في منح مناصب التدبير المركزي والجهوي وأحيانا حتى الإقليمي…لا بد من تحريك عجلة الحساب وولا بد من توظيف عمليات العقاب,لا بد من مجازات المجد بالتحفيز والإيجاب….ولا بد من فعل الكثير لتحقيق القليل