آه ياليبيا ؛كم ضيعك العالم.
توطئة:
يبدو استقبال المملكة المغربية لعشرات الجرحى الليبيين, والتكفل بعلاجهم, أمرا عاديا .
نعم هو كذلك ؛باعتبار الجوار , والمغاربة خير من يفهم في أصوله وأعرافه.
لكن مغاربيا يبدو الأمر ,كما لو أننا ازاء تمفصل تاريخي ,له ما بعده؛ كما لو أن كل اعاقات الماضي
تصل الى نهاياتها : قاتل القذافي المغاربة قبل الليبيين ,وأتمت الجزائر صنيعه؛بل وقاتلت الليبيين الى جواره ؛ بفيالق من الصحراويين المغاربة ,أبا عن جد.
تكفلت الجزائر بالقتل والجرح ,ويتكفل المغرب بالعلاج؛ وقد فعل مثل هذا مع الجزائريين في حرب التحرير.
سيكون من الصعب على المؤرخين,مستقبلا,فهم كل هذه » اللخبطة » ؛حتى لا أقول سياسة مغاربية.
ديوان فخر كاذب:
هو في الحقيقة قصيدة شريرة واحدة ؛تواصل تورمها على مدى أربعة عقود؛ورغم كل عيوبها:معنى ومبنى وقافية ؛تعاقبت على قراءتها ,وحتى التغني بها, أجيال من العجم قبل العرب.
كما داست على دستور الخليل, أهانت بلاغة الجرجاني؛ وطوحت بكل قيم الديموقراطية ؛قبل أن
تلتفت الى القرآن الكريم – المعجز بلفظه,المتعبد بتلاوته- لتناطحه ,عساها توهنه ؛لكن » أوهى قرنه الوعل.
لأول مرة ,في عالم الشعر, يشترك في النظم الشاعر وبنوه ؛ يقعقع الأب بالشنان ليرعب الغرب,ويطيح بكل الأنظمة في العالم ؛ ويمتشق الأبناء كل سيوف الفجور,وسواعد البغاء,وخماسيات الخيام ليغيروا على الفضيلة الكونية أنى وجدت.
حدث شلقم قال: ما كان لي من شغل سوى الأبناء ؛نستوي في حرق نفط ليبيا ؛هم على نزواتهم, وأنا أذود عنهم به.
هكذا انبنت قصيدة الجماهيرية العظمى ؛ولأول مرة ,أيضا, في عالم النظم تأتي الخاتمة
من شاعر آخر:
وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبر.
شعب ليبيا:
هذا عن الشعر ,فماذا عن الشعب؟
مرة أخرى حدث شلقم قال: قال الزعيم لأبنائه: لا تعملوا تحت امرة ليبي أبدا.
أقوال من مثل :خادم القوم سيدهم , الملك خادم للجميع وليس عبدا لأحد ,وحكم الشعب بالشعب وللشعب ؛لا يتصور أن تتردد في الخيمة الكبرى.
أبلغ ما سمعت في هذا الكتاب ,الذي انتهى ب: أحكمكم أو أقتلكم ؛قول صحافية أجنبية ,جوابا للزعيم,عن سؤاله,وهي بصدد استجوابه: هل قرأت الكتاب الأخضر؟ أجابت :نعم في الطاكسي وأنا قادمة اليك.
هكذا تحمل الشعب الليبي الصلاة ,أربعين عاما, بكتاب خفت موازينه ,الى هذا المستوى.
والشعب الذي فرض عليه أن يتعبد ,في الغدو والآصال,أنى وجد, بسفر الزعيم ؛وقهر حتى لا يرفع بيتا لله ,وحتى لا ينهل من معين البيان القرآني الساحر ,ذي الطراوة, وذي الجذور والثمار ؛المفرح والمبكي؛ لا تنتظروا منه غير الضياع والذهول , وصولا إلى التوحد مع الزعيم عقيدة وذاتا ودما.
» الغورو » إلى أن يخالف الناس في كل شيء: الكلام ,النظرة,اللباس,المشية. انتهى الأمر بهذا
ابتكر أشكالا من الشذوذ ,وعلمها لغيره ؛وقد حدث بهذا:برليسكوني, ولعل شلقم أيضا يعلم.
اشترى خصوما له بثروات طائلة وذبحهم كالخرفان.
قتل الإمام موسى الصدر ؛ إذ استنكر منه جرأته,وهو الجاهل, على كتاب الله .
حرم أطعمة وألبسة وأنكحة ؛بلا سند ولا مبرر؛ عدا ترث السلطان قراقوش الفاطمي.
أجرى أنهارا لا تسقي شيئا.
طاف كبريات العواصم بخيمته ,وحارساته وعشيقاته المسترجلات.
أقنع شعب ليبيا- إكراها- بألا جدوى للعلم ,للطب,للثقافة ,للصحافة,للفلاحة.
وانتهى به الأمر الى أن يؤسر ,لا كما يؤسر الرؤساء؛وأن يقتل لا كما يقتل الزعماء؛وأن يتناوب شبابه على اهانته ؛كما لم يحصل لأي حاكم في التاريخ.
وسجي كما لم يسج مسلم من قبل :في مسالخ البقر والغنم.
وكما كان يدبر أموره بليل ,دائما ؛ووري ثرى الصحراء بليل , وليمة للضباع والذئاب..
وحيدا يردد مع الشاعر:
أجارتنا انا غريبان ها هنا وكل غريب للغريب نسيب
شعوب المغرب العربي:
اذا كنا مازلنا,في المغرب العربي ,الى اليوم, شراذم في مواجهة عالم يزداد تعاونا واتحادا.
واذا كنا مازلنا نقبض على الديموقراطية قبض الريح.
واذا كان بعضنا لا يزال يطمح في استنبات دولة ؛بعد أن انتهى التاريخ ,وانهارت دول افريقية ,وتقهقرت الى ادغالها .
واذا كان على شعب الجزائر أن ينهض- من جديد- لاسترداد ثورته وثروته من بني جلدته؛بعد مليون شهيد.
واذا كان أخشى ما يخشاه شعب الجزائر,هذا أن يجد نفسه- حتى في العاصمة- في مواجهة مسلحي بوليساريو,ومرتزقة الأفارقة؛بعد أن ولغوا في دماء الشعب الليبي ,واستطابوه مشربا .
واذا كان على شعب ليبيا أن يخشى هو أيضا من جمهورية صحراوية أخرى ,تزرع في خاصرته
من طرف جاره المتخصص في فبركة الدول .
واذا كان على تونس ,وقد زفت الى حزب النهضة ,أن تخشى دبابات جيرانها ,المخصصة لقتال الجبهة الإسلامية ,التي زفت اليها الجزائر ذات انتخابات.
واذا كان علينا ,في المغرب, أن نعد العدة لمواجهة أسلحة الزعيم ,التي لم تستعمل في ليبيا ,ولم تبق فيها.
اذا كان على كل هؤلاء ألا يطمروا شاقور القتال ؛كما يفعل الهنود الحمر, فللأن صانع العاهات مر من هنا وهناك.
العالم وليبيا:
سبق أن سمعت يهوديا مغربيا يقول ممجدا هتلر: لقد بنى لنا ,هذا الرجل, دولة.
فعلا لولا ما وقع لليهود ,وهم في عهدة الدول الغربية, لما تنادى العالم الغربي لتأسيس اسرائيل ,واحتضانها سياسيا واقتصاديا ؛ولا يزال الى اليوم ,رغم الأزمة المالية وثقل الفاتورة؛ ورغم احراجها المستمر للمنافحين عنها ,بل وتنطعها.
ما أصاب الليبيين ,على مدى أزيد من أربعين عاما- على مرأى ومسمع كبار العالم ,وكل منظماته الرسمية وغير الرسمية, غير بعيد عن هذا.
لم يحرق الزعيم الأجساد لكنه أحرق العقول , وأفسد الأخلاق ,وكذب على العالم حتى مله الكذب.
وعلى مرأى ومسمع العالم الإسلامي و العربي ؛ الذي لم يغضب لا للقرآن, ولا للبيان القومي.
هل يكون » الغورو »- الآن و « دونه بيداء دونها بيد » , سببا في بناء ليبيا ديمقراطية؟
هل يمكن للشعب الليبي أن يتعلم ويعمل ويبني لصالحه فقط؟.
هل يمكن له أن يرفع بيوتا يذكر فيها اسم الله ؛وأن يصلي لله ما شاء؛وأن ينسى عقيدة الطاغية.؟
هل يمكن لحرائر ليبيا أن يأمن على أعراضهن من كل أبيض وأسود؟
ان العالم مدين لهذا الشعب ,ولكل الشعوب العربية الواقعة تحت نير الاستبداد.
إن ما أصاب اليهود, أصاب ويصيب الشعوب العربية أيضا؛ بل ان ما أصاب هذه الشعوب أقسى لأنه ظلم من ذوي القربى :
ما أكثر الزعماء حين تعدهم لكنهم في الصالحات قليل
Ramdane3@gmail.com
Aucun commentaire