Home»Correspondants»مغاربة يصفون تفاصيل التعذيب \

مغاربة يصفون تفاصيل التعذيب \

0
Shares
PinterestGoogle+

يجبرون على شرب بولهم.. ويقتلون بسبب سيجارة
مغاربة يصفون تفاصيل التعذيب "الوحشي" في مخيمات "البوليساريو"
    
أشغال شاقة مع التعذيب
    
صراع مع القمل
    
"المغرب مثل إسرائيل"
    

    
أحد الأسرى المغاربة المحررين     
 

دبي – العربية. نت

يصف الأسير المغربي حميد ضرسي بعض أنواع العذاب الذي تعرض له في مخيم تندوف على يد عناصر جبهة "البوليساريو"، فيقول: وضعوني في قفص لا تتعدى مساحته خمسة سنتمترات كان ضيقا بشكل لا يطاق حتى أن بابه لكي يغلق لابد أن يصدم وجهي ارتفاعه كان كذلك لا يتجاوز نصف متر ولا يفتح طيلة اليوم بكامله سوي لمدة خمس دقائق لتناول الطعام الذي هو عبارة عن حفنة من العدس المخلوط بالحصي والتراب وضعوا القفص وسط المخيم لإذلالنا وبقيت هكذا طيلة خمسين يوما عقابا علي ما أسموه مخالفة‏.‏

ويذكر ضرسي أن القفص كان مثبتا وسط مخيم الرابوين بتندوف تحت أشعة شمس حارقة تتجاوز درجة حرارتها خمسين درجة في طقس صحراوي قائظ‏,‏ وكان على هذا المحتجز، بحسب كلامه، أن يقضي ما يزيد علي خمسين يوما محترقا بلظى هذا العذاب الذي تحالفت فيه الحرارة المرتفعة مع ضيق القفص.

ويقول ضروسي لمجلة "الأهرام العربي" المصرية أن محنته ابتدأت كباقي الجنود المغاربة إثر اشتباكات مسلحة مع عناصر البوليساريو في الصحراء الغربية بعد سنة ‏1975‏ وأغلب عمليات الاختطاف والاحتجاز التي يتعرض لها الجنود المغاربة كانت ما بين‏1976‏ و‏1984‏ أي قبل أن يقوم المغرب ببناء الجدار الأمني الذي حصن به مجال وجوده الفعلي في الصحراء وبالنسبة لحميد ضرسي الذي كان جنديا ضمن الفرقة متعددة المهام فقد أسر إثر معركة بئر أنزران الذائعة الصيت التي وقعت في شهر أغسطس‏/ آ ب 1978‏ ولم يعد إلي المغرب إلا بعد أربع وعشرين سنة أي في ستبمبر‏/ أيلول2003‏.

 ويقول ضروسي إن "وجبات التعذيب" تبدأ من اللحظة الأولى للأسر مرورا بالاستنطاق الذي يدوم لفترة طويلة ثم الأشغال الشاقة وظروف الاحتجاز ومكانه ومختلف أشكال التنكيل التي تمتد إلى تفاصيل صغيرة من الحياة اليومية كالطعام والنوم لتشكل في مجموعها تركيبة لمأساة إنسانية تكونت عتبتها علي خلفية نزاع سياسي لكن عمقها تحقق في الجوانب الأكثر هشاشة من وجود هؤلاء الضحايا أي في عمق إنسانيتهم‏.‏

ويردف ضروسي "أتم الواحد والعشرين من عمري حينما كنت بمعية مجموعة من رفاقي نقوم بمهمة عادية في ذلك اليوم المشئوم الذي صادف يوم ‏28‏ يوليو‏/ تموز1979‏ انطلقنا من أسا مدينة في الصحراء الغربية فاعترضتنا مجموعة من البوليساريو فاشتبكنا معهم في معركة حامية استمرت من السابعة صباحا إلي الواحدة من ظهر نفس اليوم كان عددنا قليلا جدا مقابل الأعداد الكبيرة لمجموعة البوليساريو المدعومة بالأسلحة الثقيلة والدبابات‏,‏ انهال الرصاص علينا من كل الجهات فاخترق صدر رفيقي شعشوع ليرديه قتيلا‏,‏ مازلت إلى اليوم أذكر نظراته المؤثرة‏".

وأصيب ضروسي في عدة مناطق من جسمه، "لكن الإصابة الأخطر كانت تلك التي ضربت معصمي لأنها جعلتني غير قادر على حمل السلاح كنت في عداد الموتي دفنت وثائقي في الرمال حتى لا يعثر عليها البوليساريو بعدها بقليل تحلقت حولي مجموعة منهم فاقترح بعضهم أن يطلقوا علي الرصاصة الأخيرة لأنني أشبه بميت لكن قائدهم منعهم من ذلك وأمرهم بحملي في سيارتهم بمعية اثنين من رفاقي أخذونا إلي الأراضي الجزائرية بعد أن احتجزوا ثلاثة عشر جنديا منا وهناك مازلت أذكر أحد رفاقي الذي كان مصابا في كل أنحاء جسمه إلي درجة أن أمعاءه كانت متدلية من بطنه وكان وهو يحتضر يحاول إرجاعها إلي مكانها بيديه بقي هكذا أمام النظرات الباردة لحراس البوليساريو بدون إسعاف إلى أن مات‏".

أما الأسير العائد محمد محفوظي، فيقول إن العذاب هو الترفيه اليومي الوحيد المتاح أمامهم في المعتقل، "عادة ما يحرم الجرحى من الإسعافات الضرورية ليتركوا في مواجهة آلامهم التي تلتهم حياتهم إلى حد الموت وكل من لفظ أنفاسه منهم ـ وهو الأكثر حظا ـ يدفن تحت الرمال ويسمي مفقودا‏".

ويصف محمود محفوظي لـ"الأهرام العربي" اليوم الأول من الأسر في مخيمات تندوف قائلا‏:‏ كان عناصر البوليساريو يتناولون طعامهم في حين تناولنا نحن الماء الساخن بفعل ارتفاع الحرارة الممزوج بالكزوال‏,‏ كنا نموت عطشا لأننا في الصحراء في شهر يوليو/ تموز وكلما شربنا من هذا السائل إلا وازداد عطشنا وساءت صحتنا وخارت قوانا‏,‏ وهو نفس ما تؤكده شهادة العريف محمد السايس الحسين الذي تم أسره سنة‏1979:‏ كنت مصابا بجروح خطيرة علي مستويات عدة ورغم ذلك فقد نقلت في ظروف سيئة داخل شاحنة مليئة بالأسري المغاربة المكدسين كأكياس البطاطس دامت هذه الرحلة المأساوية أربعة أيام من بئر أنزران إلى شمال موريتانيا إلي الجنوب الشرقي لتندوف فمركز تندوف وخلالها لم نذق طعاما ما عدا الوجبات الغزيرة من التعذيب التي تفنن الحراس في إتقانها".‏

أما المحطة التالية في بداية الأسر فهي الاستنطاق وتتكفل بها عناصر من المخابرات الجزائرية كما يقول حميد ضرسي‏:‏ "نقلوني رفقة الأسرى الآخرين إلى مركز الرابوني وسلموني إلى المخابرات الجزائرية التي تكفلت باستنطاقنا‏,‏ دام ذلك بالنسبة لي أزيد من عشرة أيام ليل نهار‏,‏ وكانت أسئلتهم تنصب علي معرفة نوع الأسلحة التي يتوفر عليها الجنود المغاربة وعن تحركاتهم وعن الموقف من الحركة الانفصالية وطبعا كانت كل أشكال التعذيب التي يمكن تصورها مستعملة أثناء التحقيق‏".

 ويؤكد الأسرى العائدون أن أولئك المحققين يعملون على إقناع المحتجزين بأنهم لا يستحقون هذا الوضع المؤسف وأن مكانهم الحقيقي والطبيعي يوجد في صفوف البوليساريو وأن كفاءتهم العسكرية تضمن لهم مناصب عليا وليس عليهم سوى إعلان التحاقهم بالانفصاليين, ومن لا يريد الانصياع لمخططاتهم ولا يقبل الانضمام إلي صفوفهم يعرضونه للتعذيب حيث يرغمونه على الوقوف علي ركبتيه فوق حجرين اثنين تحت الشمس لمدة طويلة وبالقرب منه حارس يحمل السلاح والسوط‏,‏ "وحينما نسمع كلمة مسويهوي الحارس بسوطه المتين علي أي مكان من الجسم لينتزع معه جزءا من الجلد مخلفا جرحا غائرا ودماء تسيل وآلاما فظيعة".
عودة للأعلى

أشغال شاقة مع التعذيب

وذكر أولئك الأسرى أن أشغالا شاقة كانت تفرض عليهم من بداية الأسر إلى آخر يوم منه أي لسنوات طويلة تجاوزت العقدين "وهي أشغال يمتزج العمل القاسي فيها بالتعذيب الممنهج" كما يقول محمد محفوظي الذي يصف اليوم الثاني من أسره، "‏في اليوم الثاني أخرجوا الأسري المغاربة الذين لم تكن إجاباتهم خطيرة للقيام بالأشغال الشاقة دون أن يكونوا قد ناموا تلك الليلة أو أن تضمد جراحهم أو حتى أن يذوقوا أية لقمة أخرجوهم بجوعهم وعطشهم ووهنهم تحت حراسة مشددة مصحوبة كالعادة بالسياط أعطيت الأوامر للأسرى المغاربة لكي يحفروا الخنادق وفي الوقت الذي كانت فيه الفؤوس تخترق الأرض‏,‏ كانت أشعة الشمس الحارقة هي الأخرى تخترق أجسادهم المنهكة خاصة أن الفصل كان صيفا والحرارة ترتفع إلي ما فوق الأربعين‏".

ويتابع محفوض:"‏الأرض كانت جد صلبة وآليات الحفر الفؤوس وفي وضعية غير قابلة للاستعمال‏,‏ مما يضاعف من محنة الأسير الذي كان مجبرا علي العمل بدون توقف وإن توقف فمصيره الضرب بالسياط أو بأي شيء آخر كالمطارق والقضبان الحديدية كان ذلك جحيما حقيقيا زد عليه أننا في تلك الحرارة المرتفعة كنا حفاة وأينما وضعنا أرجلنا إلا وسلخت من حدة الحر".

وتتنوع الأشغال الشاقة، بحسب كلام محفوظ، من الحفر إلى البناء وأشياء أخرى‏,‏ "وكان العمل فيها متواصلا ليل نهار يبتدئ من الرابعة صباحا ولا يتوقف إلا في حدود الواحدة من صباح اليوم التالي أما التغذية فكانت بدورها تشكل فصلا مستقلا من يوميات العذاب في مخيمات تندوف فقد كان عشرة من الأسرى المغاربة يتحلقون حول صحن صغير جدا من العدس أو الفاصوليا أو الأرز الذي يكون ممزوجا بكمية مهمة من الحصي والتراب أما الماء فلم يكن المحتجزون يشربون منه سوي المياه التي تستعمل في البناء".

ويشير محفوظ إلى أنه في بداية الاحتجاز كان الأسرى يقيمون لفترة مهمة في الحفر "في ظروف لا تليق حتى بالحيوانات معرضين للهيب الشمس الحار ولأمواج البرد القارس التي تجتاج الصحراء‏.. وفي عام 1979 هطلت الأمطار وكنا حينها مازلنا نسكن الحفر التي غمرتها المياه حتى أصبحنا أشبه بالغرقى بقينا على هذه الحال إلى درجة أن المياه غطت أعناقنا ومع ذلك لم تأخذهم بنا رحمة ولا شفقة وتركونا نواجه مصيرنا‏".
عودة للأعلى

صراع مع القمل

ويؤكد الأسرى العائدون أن النوم كان يشكل محنة كبرى للمحتجزين، "لم يكن لحظة راحة وإنما فصلا آخر من التعذيب يضاف إلى الفصول الأخرى فالأشغال الشاقة تمتد إلي ساعات متأخرة من الليل وعندما يهمون بالنوم يتم إيقاظهم بشكل مفزع على رأس كل ساعتين لإحصائهم وغالبا ما تدوم هذه العملية علي الأقل نصف ساعة حيث لا يتبقي أمامهم سوى بضع دقائق للنوم‏".

وامتد صراع الأسرى، بحسب تعبيرهم، ليصل إلى حشرة القمل التي عششت في أجسامهم بالملايين "فمن شدة الأوساخ وغياب النظافة أصبح المكان الذي نوجد فيه مليئا بالقمل إلى درجة أنه يتحرك في أجسامنا وثيابنا بكامل الحرية بل نراه يتنقل فوق الرمل قوافل حاشدة حتى أننا إذا خلعنا قميصا ووضعناه أرضا لا نكاد نعود إليه حتى نجده قد غير مكانه لأن القمل قد جره إلي مكان آخر أما العقارب فقد أصبحت لسعاتها روتينا يوميا‏".

وشدد أولئك الأسرى على أنهم لم يكونوا يتمتعوا سوى بقليل من النظافة عند زيارة وفد أجنبي لهم‏,‏ كبعض الرؤساء الأفارقة الموالين للبوليساريو بفعل الضغط الجزائري أو زيارة بعض الصحفيين لهذه المخيمات، "في هذه الحالة يكون نصيب كل عشرة من الأسرى موسا واحدا لحلاقة رؤوسهم وذقونهم وقطعة واحدة صغيرة من الصابون لخمسين أسيرا وإلى حدود سنة‏1996‏ كان الأسرى الذين يعرفون القراءة والكتابة يمنعون من الالتقاء بوفود الصحافة أو الصليب الأحمر‏".
عودة للأعلى

"المغرب مثل إسرائيل"

ومن أهم الزيارات التي يذكرها المحتجزون المغاربة في مخيمات تندوف تلك التي قام بها سنة‏1981‏ وجه فلسطيني معروف‏,‏ والذي وقف أمامهم محاطا بقيادة البوليساريو وألقى فيهم خطبة حثهم فيها علي الالتحاق بصفوف الحركة الانفصالية معتبرا المغرب دولة استعمارية شبيهة بإسرائيل مؤكدا أن الشعبين الصحراوي والفلسطيني في خندق واحد وأن قضيتهما واحدة‏,‏ ولم يكن هذا الوجه سوى جورج حبش‏.‏

ومن الذكريات "المؤلمة" التي يرويها الأسرى المغاربة عن رفاقهم الذين ماتوا في المعتقل، " أنهم قاموا بمخالفات بسيطة فنالوا أسوأ عقاب‏,‏ فقد قتل العشرات منهم رميا بالرصاص لأنهم حصلوا علنا من سيجارة بطريقة ما‏,‏ واضطر بعضهم لشرب بوله لأنه فكر في الهرب من هذا الجحيم‏,‏ ووضع البعض الآخر في أقفاص ضيقة جدا‏,‏ ويحرم آخرون من الطعام والنوم لأسباب تافهة يصف محمد محفوظي ردة فعل عناصر البوليساريو عندما كشفوا نيته في الهرب‏".

ويقول أحدهم: "من دون أن أدري طوقوا عنقي بحبل حاولت أن أزيحه عني لكنهم تمسكوا به جميعا وأخذوا في جري لما يقارب مائة متر بهذه الطريقة تمكنوا مني فأصبت بغيبوبة ولم أتذكر شيئا مما فعلوه بي وحين استرجعت وعيي وجدت نفسي في مكان منعزل وسط الرمال كانوا يعتقدون أنني فارقت الحياة إلى الأبد‏".
عودة للأعلى
العربية نت

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *