ما هو موقع حركة 20 فبراير داخل نسيج المجتمع المغربي؟
تعتبر حركة 20 فبراير جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع المغربي، يغلب عليها العنصر الشبابي بفئتيه، من مستويات وتوجهات مختلفة ،وقد اختلف مع القائلين ان الحركة ظهرت مع موجة الحراك العربي أو هي نتاج له ،بل كانت موجودة اصلا في تنظيمات مختلفة مجزئة في فروع متناقضة شكلا ومضمونا، وتجاذبتها منذ زمن بعيد صراعات ايديولوجية وحتى عقدية وصلت الى حد المواجهة الدموية كان الوسط الجامعي مسرحا لها أما الحراك العربي ما هو الا المناسبة والفرصة التي أتيحت كي تظهر في هذه الحلة والشكل الجديد مع اضافة بعض التوابل من فئات شبابية جديدة ليس لها اي رصيد سابق نسبة كبيرة منها في سن المراهقة لا تتجاوز اعمارها الستة عشرة سنة، وهو امر طبيعي جدا في مثل هذه المناسبات.
اذا كنموذج في الشكل قد تشبه الحركات العربية الاخرى، بأساليبها وخطة عملها لكن تختلف عنها كثيرا من حيث اسباب تواجدها والظروف التاريخية التي انتجتها، وللإشارة فقط لا نبالغ اذا قلنا ان الرصيد التاريخي للحركة الشبابية في المغرب يفوق بكثير نظيراتها في الوطن العربي ممارسة وتنظيما وهذا مرتبط طبعا بالرصيد التاريخي المغربي ككل.
في ظل هذا الوضع الجديد القديم اسيل حبر كثير وتناسلت اسئلة كثيرة من قبيل من هي هذه الحركة؟تمثل من؟
ما هي مطالبها المعلنة والخفية؟ والسؤال الكبير العريض الذي فاجئ الكثير كيف استطاعت رغم تناقضاتها السالفة الذكر
ان تتزاوج فيما بينها ؟
للإجابة على الاسئلة لابد من وضعها في سياقها الزماني والمكاني، ومحاولة دراستها من الناحية السيولوجية والنفسية وبعد ذلك يمكن فهمها في سياقها السياسي.
بالنسبة للزمان يمكن اعتبار سبب تواجدها يدخل في اطار التحول الذي يشهده العالم ككل منذ انتهاء الحرب الباردة وانعكاساته انطلاقا من الدول العظمى وصولا الى الدول الفقيرة او الاقل نموا، اما المكان فهو لا ينفصل عما يجري في الأقطار العربية بحكم عوامل الجغرافيا والانتماءات المشتركة المختلفة.
فيما يخص الجانب السيولوجي يمكن اعتبار هذه الشريحة الشابة من المجتمع هي نتاج تراكمات الماضي وتدخل فيها عدة عوامل اجتماعية كاسلوب تسيير الحكم ،النظام التعليمي ،تغير في نمط العيش، جلب عادات وتقاليد ومفاهيم جديدة ،نتج عنها بروز شرائح مختلفة ومتناقضة في ان واحد، شريحة اخذت لنفسها طابعا فنيا كمجموعة « هيب هوب » مثلا لها طقوسها الخاصة في اللباس والتعامل، فئة اخذت لنفسها طابعا رياضيا وهي الاخرى لها طقوسها الخاصة في اللباس وتسريحات الشعر واذا جاز لنا تسميتها مجموعة « البارصا والريال » وشريحة اخرى اخذت لنفسها طابع التدين وهي الاخرى لها طقوسها كذلك في اللباس والتعامل وقس على ذلك.
بطبيعة الحال حصل هذا التحول في ظرف وجيز من تاريخ المغرب مقارنة ما كان يحصل للأجيال السابقةونعزوه الى تطور تكنولوجيا الاتصال والتواصل، في غياب او تجاوز الكبار سواء الاولياء او الهيئات بمختلف توجهاتها لمسايرة هذه التحولات مما نتج عنه ما يمكن ان نطلق عليه مصطلح « صراع الاجيال التكنولوجي » لانه يختلف عن « صراع الاجيال الكلاسيكي » من حيث تفوقه في السرعة والانتشار.
باختصارشديد هذه هي تركبة شباب 20 فبراير تختلف في التوجهات وتتقاطع في الهدف وما تفاهمها وتزاوجها الا لإعطاء زخم لحركتها حتى تشعر الكبار انها موجودة وتريد تحقيق ذاتها داخل هذا المجتمع بصفتها شريحة شابة ، لها نفس الطموح ،والاهم هو السبب نفسه حسب رائيها الذي جعلها تتكتل مع بعضها واعني به احساسها بالإقصاء والتهميش.
وبناء عليه نصل الى الشق السياسي لنقول ان هذه الحركة في حقيقة الامر رفعت شعارين او مطلبين رئيسين:
اولهما نفسي واعني به الاشعار بالتدمر والاحساس بالغبن تجاه الاحزاب السياسية والهيئات التابعة لها التي لم تقم بدورها سواء في تأطير الشباب اللامنتمي وتقديم الوعي السياسي اللازم او تهميشه ان كان منتميا وحصر دوره فقط في بعض المهام الثانوية داخل الاحزاب التي ينتمون اليها (الدعاية للحزب مثلا).
ثانيهما ميداني واعني به اسلوب عمل الحكومات المتعاقبة والمنبثقة اصلا من هذه الاحزاب سواء كانت من الاغلبية او المعارضة ويتجلى هذا في المطالب المختلفة كمحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين، الحق في الشغل، وغيرها من المطالب الاجتماعية التي تدخل في مهام الحكومة،وما رفضها للدستور المقترح ما هو الا ردة فعل نفسية ولو قدر لهذه الشريحة دعوتها للمساهمة لقبلت باقل بكثير مما هو مقترح الان، لانها في الاصل لاتملك مشروعا موحدا بل كما قلنا مطالبها اجتماعية ونفسية اعتاد المغرب عليها، لكن ما نخشاه عليها هو ترويدها لخدمة مصالح قوى داخلية وخارجية والمغامرة بها رغم ما تدعيه من استقلالية.
في ظل هذا الوضع وانطلاقا من هذا التشخيص المتواضع هل لازال ممكن ادماج هؤلاء الشباب واعادة الثقة الى نفوسهم ليساهموا جميعا في بناء وطنهم؟ ام اقصائهم؟
في رايي المتواضع انا مع الحل الاول يمكن فتح حوار معهم والاستماع الى ارائهم لكن بشروط على الحركة ايضا الالتزام بها وهي في صالحها وصالح الوطن ككل:
1- ابداء رايها على اساس انها تمثل شريحة وليس الشعب المغربي وهذه النقطة في رايي هي التي
ستفقد مصداقيتها والمؤشرات واضحة.
2- الالتزام بالمقدسات التابثة للشعب المغربي .
3- ان تلتزم بخطاب واحد ومطالب واضحة يكون هدفها هو بناء الوطن والدفاع عن مصالحه العليا مراعية الظروف والخصوصيات للمجتمع المغربي.
4- التخلي لصفة الاقصاء والانتقام، تحت اي شعار.
اما الحكومة فعليها ان تفتح قنوات الحوار ليس من باب الضعف بل من باب القوة والاستماع لاراء الشباب واشراكهم في
. اتخاذ القرارات التي من شانها دفع عجلة التنمية الى الامام
اما الاحزاب والهيئات والجمعيات والمنظمات يجب عليها اعادة النظر في هيكلتها واسلوب عملها بما يتناسب المرحلة الراهنة ونهج معيار الكفاءة في تسيير شؤونها ووضع مقاييس ديموقراطية من قمتها الى قاعدتها، دون اغفال التأطير والمواكبة الميدانية وبطبيعة الحال دون ان ننسى دور كل الفاعلين الاخرين والذي يقع عاتقهم مسؤولية التربية والتكوين.
في الاخير اقول ان المغرب بعبقرية شعبه وملكه الشاب لا محالة سيتوصل الى بناء مشروع مجتمعي متكامل
يرقى الى درجة الدول التي سبقتنا وبنكهة مغربية خالصة كل ما ينقصه الارادة وبعث الثقة في نفوس الجميع.
ملاحضة: ان هذه المساهمة المتواضعة ما هي الا وجهة نظرخاصة
والله ولي التوفيق
Aucun commentaire