عندما وصلت زوابع حرب الرمال الى إيش
عندما وصلت زوابع حرب الرمال الى إيش
لقد اصبح موضوع حرب الرمال ياخد شكل حرب كلامية بين الاخوة
الاشقاء المغاربة والجزائريين ،وقد اصبح كل منهما يعتمد اساليب يحاول من خلالها كسب تعاطف الاخرين وكأنهما يقومان بتعبئة لحرب جديدة.فالجزائر تقول ان المغرب هاجمها بعد عام من استقلالها والمغرب يقول ان الجزائر خانته بعد ان احتضن ثورثها ولكل واحد اسبابه ودوافعه ونحن هنا سنحاول ان نطرح الموضوع بموضوعية بالاستناد الى بعض الوثائق.
من آثار المرحلة الاستعمارية في شمال افريقيا ،مشكلة السيادة الوطنية على بعض المناطق بين المغرب والجزائر إذ ورث البلدان حدودا متفجرة بفعل التقسيم الاستعماري. بحيث كانت فرنسا تعتقد أن الجزائر أصبحت جزءا من إمبراطوريتها لذا راحت تقضم من الأراضي المغربية لضمها إليها أي إلى التراب الجزائري وتركت المناطق الصحراوية مجرد مراع لسكان البلدين من غير تحديد تبعيتها لأي سلطة مع أن هؤلاء السكان يدينون بالولاء لسلطان المغرب. لقد كانت قرى و مدن المملكة خاصة الحدودية منها تحتضن المقاومة الجزائرية فقامت فرنسا بالضغط على تلك المدن الحدودية بدعوى ملاحقة العناصر الثائرة والقضاء على القواعد الخلفية للمقاومة الجزائرية ,مما جعلها تدخل في حرب مع المغرب في معركة إسلي عام 1845 م والتي انتهت بهزيمة كبيرة للمغاربة. وأجبرت فرنسا المغرب على توقيع معاهدة للا مغنية في نفس السنة، وكان من أهم بنودها رسم الحدود بين الدولة المغربية والجزائر المستعمرة. فتم ترسيم الحدود اعتمادا على الأماكن التي تعبر من خلالها كما لو أنها خط مرسوم عبر الجبال والوديان حتى الصحراء جنوبا والمتوسط شمالا فكل ما هو جهة الشرق تابع لفرنسا وما هو من جهة الغرب تابع للمغرب. وبقيت المناطق الجنوبية دون تحديد للحدود بدعوى أنها أراضي خالية لا تحتاج إلى رسم وتوضيح للحدود وما إن أخذت بوادر استقلال المغرب تلوح بالأفق حتى تقدمت فرنسا بعرض إلى المغرب تقترح عليه إرجاع ما اقتطعته من ترابه وألحقته بالأراضي الجزائرية مقابل تخليه عن الثورة الجزائرية، رفض الملك محمد الخامس العرض والمقترحات الفرنسية وفضل التفاهم مع قادة الثورة الجزائرية على أساس تعهد خطي موقع من طرف السيد فرحات عباس بوصفه رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة، ومما جاء في هذا التعهد « إن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تعترف من جهتها أن مشكلة الأراضي التي أقرت فرنسا حدودها بصفة جائرة سيتوصل إلى حل في شأنها عن طريق المفاوضات بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الجزائر عندما تحصل الجزائر علىاستقلالها ».فالمغرب كان حريصا كل الحرص على ان يناقش مسألة الحدود
مع الجزائر بعد الاستقلال كما جاء في وثيقة مغربية تم العثور عليها في
الأرشيف الوطني الفرنسي وهي بروتوكول اتفاق بين حكومة جلالة ملك المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة ومما جاء فيها »الحكومة المغربية تدعم الشعب الجزائري في حربه من أجل الاستقلال وتقف إلى جانب الحكومة المؤقتة في مفاوضاتها مع فرنسا وتعارض بشدة أي محاولات لتجزئة الأراضي الجزائرية، الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تقر بأن مسألة الحدود التي قامت فرنسا بترسيمها مع المغرب سيتم حلها من خلال مفاوضات تجمع حكومة المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة » وقد وقع على هذا الاتفاق الملك الحسن الثاني وعن الحكومة الجزائرية فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة بتاريخ 6 يوليو/ تموز 1961. ولكن بعد استقلال الجزائر لم يستطع قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية الوفاء بالاتفاق الذي عقده فرحات عباس مع الملك الحسن الثاني حول حدود الصحراء الشرقية فبدأت بعض المناوشات على الحدود بين البلدين ,هكدا قامت مدرعات جزائرية بمهاجمة تينجوب وحاسي بيضة، وتلاحقت الأحداث بسلوك الجزائر سبيل التصعيد، وبمعنى آخر، إن الجيش الجزائري أصبح يقوم برحلات سياحية يستعرض فيها عضلاته داخل التراب المغربي برا وجوا، مخترقا حرمة السيادة المغربية، وسامحا لنفسه باستعراض عضلاته للإرهاب والتخويف، إد قام الجيش الجزائري هذه المرة بهجوم بكيفية سافرة على مركز «إيش» العسكري الواقع على بعد خمسين كيلومترا من شمال شرق مدينة فيكيك . وكانت تحرسه قوات مغربية لم تكن تتوفر إلا على سلاح خفيف، بينما كان المهاجِمون الجزائريون يشكلون قوات نظامية مجهزة بالأسلحة الثقيلة. والأدهى من ذلك أن الطيران العسكري الجزائري شارك بدوره في الهجوم على منطقة «تيندرارة» (في إقليم فكيك أيضا). وجميع هذه المناطق لم تكن موضوع نزاع بين الدولتين، لأنها تقع في التراب المغربي الذي ظل تحت سلطة المغرب طيلة الحماية الفرنسية وإلى حين إعلان الاستقلال، ولم تقتطعه فرنسا من المغرب أبدا. كما أن هذه المناطق تبعد بألف كيلومتر عن مركزي«حسي بيضا»و«تينجوب» فلا يمكن اعتبار الهجوم عليها مجرد حادث حدود.الشيء الذي دفع بالملك الحسن الثاني إلى إرسال برقية صارخة مؤثرة للرئيس بن بلا احتج فيها على العدوان الجزائري،جاء فيها « فخامة الرئيس، أثناء اللقاءات التي جرت مع مندوبي بلدينا حول الأحداث الأليمة التي وقعت في حاس بيضة وتنجوب ومحاولة الوفد المغرب الجزائري المشترك التوصل إلى وسيلة لوضع حد للخلاف العسكري واتساعه إلى مناطق أخرى وصلتنا معلومة رسمية من ولاية وجدة، فبحسب هذه المعلومة الجيش الجزائري تسلل إلى أراضي هذه الولاية وشن هجوما شرسا على نقطة المراقبة في إيش على بعد خمسين كيلومترا شمال شرقي فيقيق وبصفتك المسؤول الأول عن مصير الجزائر ومستقبل شعبها فمن المستحيل ألا تدرك خطورة هذه التصرفات أو نتائجها، إن توجه السياسة الجزائرية التي ترجمتها تصرفات عنيفة لا يسمح بأي حال من الأحوال إيجاد حلول للمشاكل العالقة عبر التفاوض والحوار المباشر، في الختام أبلغكم أن المغرب مستعد لمواجهة كل الظروف الطارئة بكل الوسائل الممكنة ».
ولكن تجاهل الرئيس الجزائري لبرقية الحسن الثاني دفعت هدا الاخير الى التدخل العسكري فنشبت ما يسمى بحرب الرمال بين البلدين.
Aucun commentaire