ذات…شرطي
الحلم رقم:5
ذات…شرطي
لدي حلم جديد قديم …حلمت به أيام الدراسة بالكلية… أن أصبح شرطيا يا لزهوي بالبزة الرسمية،والنجيمات تزين صدري أو كتفي سيان!وأنا أجلس داخل"سطافيت"أملأ نظري بالغيد وهن في" الجينزات" الضيقة والمحفظات الطويلة تتدلى من أكتافهن، والشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا،أوتتلفعن في الجلابيب والخُمُر فتبدين كالخيام المتنقلة.قد يختلسن النظر إلى وجهي الحليق.ولكن سرعان ما يبعدن النظر بعيدا …بعيدا..هل يجرأن…؟
فأنا الشرطي الشهير الماهر في دمغ الطلبة بأشهر الدَّمَغات التى تخول لهم المرور إلى عالم الشغل.ألست من يشتت قضّهم وقضيضهم ،ويبعثر شعاراتهم وأوهامهم ،ويطفئ شعلة الحياة فيهم؟فهناك من تصل إليه هراوتي المبروكة فتدمغه دمغة تودي بحياته أو تدخله "السويسي" أو ترفعه أعلى عليين فيصبح بين عشية وضحاها إطارا في الدولة.وانتظر بضعة أشهر فتجده في الإشارة الضوئية بسيارته الفارهة يرقب جموع الطلبة وهم يتلقون بركات الهراوات.قد يمرر يده على جنبه أو مِرْوده وأحيانا صلعته.الهراوة لاذاكرة لها.قد يتأمل وجهي قليلا قبل أن يشيحه بعيدا.ياله من ناكر جميل!ينسى فضلي ويجحد معروفي عليه.ولكن لابأس إن نسيه هو أو تناساه غيره. فهناك آخرون في الانتظار.
أجمل ما في هذه المهنة أنك لاتستقر فيهاعلى حال فتصبح أطوف من ابن بطوطة والإدريسي.أطوف لأنهم "يطوِّفونك " كلما حلا لهم ذلك.فمرة أنت في شرطة الآداب ومرة أنت في كلية الآداب. شخصيا لا أرى الفرق كبيرا.ومرة في المرور ولكم يروق لي أن أصطاد المارقين من الموظفين الفالحين في حرق "سطوب" وحرق دم المواطنين.ما يأخذوه باليمين آخذه أنا بالفن و"بالنسمة والطْبَعْ" .
– لماذا تجاهلت الضوء الأحمر؟ ألم تره؟
– لا…في الحقيقة لم أرك أنت.
– نكتة قديمة جافة فأنا ممن يعشقون "الدّهنة والتمكينة".
كم تحلو لي مشاكستهم وقراءة الخطب المنبرية عليهم، المدرسين خاصة أليسوا مويهرين في الخطب والنصائح المجانية وشد الآذان الصغيرة ؟دعني أنا أيضا أفعل ما يفعلون.أو قليلا مما يفعلون.دعني أتمتع قليلا بتوسلاته الذئبية وبدموعه التمساحية وتذكيره لي بأنه آخر الشهر وبأنها "لعواشر" وبأن قافلة من التلاميذ تنتظر درسه الخطير وبأنه المدرس الذي يحسب له ألف حساب وبأنه…وبأنه…ياله من مغرور! …"غادي يقريهم الدّمياطي"
_ وأنتِ ؟:ما بك تعانقين هكذا المقود معرقلة حركة المرور كما لو أنك " تمشين على البيض"؟
تبتسم لي ابتسامة خاصة يتشقق لها وجهها المتجهم أبدا.ورغم أني متأكد أنها حية تسعى فأنا ضعيف مع الجنس اللطيف.
أما إذا كنت من المحظوظين وكُلِّفْتُ بمطاردة الباعة المتجولين قرب باب سيدي عبد الوهاب، حيث تختلط الروائح الكريهة بصاحبات الـ"خبيز والببوش"و بأصحاب النعناع والشيبة و"تجار" البضائع المهربة وصناديق "الشّمّة" و"الغياطة" أصحاب لا فن ولا راي . فهناك الإتاوات مضمونة و"التسويقة" مربحة فلا تخلو من علب جبن أو حزمة أمشاط أو لفائف تبغ. فاللهم أدم علينا هذا التراث الإنساني الخالد.
أما إذا طوحت بي الأقدار التي ليس لأحد معها اختيار بدورية التنقيب على مهربي البنزين، فيا لفرحة سيارتي المسكينة ستخرج أخيرا من المرأب وسيتبرّع معي جميع المقربين .الخزان دائما ملآن…
المهم أينما وليت تجدني فأنا منتشر في المدينة السعيدة. وأتنعم في أحلام نومك وصحوك .فعلى الرغم من أن العهد الجديد حدّ من أيادي الأخطبوطية قليلا فأصبح الكل يطبل لحقوق الإنسان وللجنة المصالحة وظهر من يتطاول علي بالمقالات العلنية ولكن ما زال هناك بعض الجبناء الذين أصنع أمجادي من خوفهم.
أم بثينة
9 Comments
كم كنت مؤدبة مع الشرطي الظعيف الذي لايملك القرار فلم تمسي كبرياءه بل جعلت منه بطلا يتمنى كل مراهق أن بكون مكانه فلم تجعلي منه رجلا مبهدلا كما فعلت برجل التعليم…..
ابداع قل ما نجده عهدناه في ام بثينة ونحن ننتظر احلام جديدة تجسد عالم التناقضات الدي نعيشه احي فيك صلابة جاشك وعدابة كتاباتك وروح نضالك.
صحيح أنا رجل الأمن موجود في كل مكان وهذا جميل ومحمود حيث يشعر الإنسان بالأمن والآمان, إلا أن هذا التواجد نجده مكثف ودائم في المناطق حيث » الصابة » والخير وعاشوراء و…و…و… وينذر تواجد هذا الذي تتحدث عنه » أم بثينة »( أخاف من ذكر اسمه حتى لايأتيني في المنام) أمام المؤسسات التعليمية إلا في أيام الامتحانات أو الإضرابات. واش حتى الأمن » بالوجهية »
اتمنى ان تكتب الاخت الكريمة ام بثينة في ذاتها المقبلة عن :( ذات ……. استاذة اللغة العربية باعدادية عبد الخالق الطريس ) وشكرا
واخ تحدثت ام بثينة عن ذات …شرطي فرجل التعليم الضعيف المنهار المتوسل موجود فالحقد الذي تحمله له يطغى على ماتخط وسيبقى رجل التعليم هو مربط الفرس اما الشرطي والموظف الاداري السابق فهم من طينة اخرى (ليسوا مغاربة) .
تحياتي اختي الكاتبة القديرة ام بثينة على هذه القصة القصيرة الجميلة دام قلمك ودمت … من وجهة نظري ان رجل الامن من المفروض ان يكون الرقيب على المواطن لحفظ سلامته وامنه وليس لرعبه ولكن على العموم هي عبرة هادفة لكل رجل سلطة يحاول استغلال سلطته كالشخصية التي هي امامنا والتي حاولت السخرية من الموظف والمدرس والمراة العاملة وابتزاز الباعة المتجولين … واتمنى ان اكون قد وفقت في فهم الشخصية التي حاولت رسمها وتكون درسا وعبرة للجميع …. تحياتي لك .
رؤية واحدة للعالم . تكرر ذاتها الذوات/ أخبرني عن » ذات » آتك بنص، فخيوط اللعبة اصبحت مكشوفة والسيناريو معلوم سلفا. السيدة تحاول وتحاول ولعلها تتجاوز ال »ذات » ذات يوم.
أقرأ النص ثم أقرأ بعض التعليقات البعيدة عن محتواه أو المؤولة له، شكرا لك على هذه الإتحافات واستمري في نهجك ما دام صحيحا
رؤية جميلة وصريحة عن شخصيات مجتمعنا نتظر منك أحلام جديدة تجسد شخصيات أخرى أكثر انتشارا في بومنا هذا : المهربين الذين يحاولون غسل أموالهم من خلال انشاء مقاهي – حمامات…………..
والله الموفق