الثورات الشعبية العربية فضحت الغرب الساكت عن جرائم الأنظمة المستبدة
إن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الذي عودنا دروس الأخلاق من خلال إثارة قضايا الجرائم ضد الإنسانية هنا وهناك في كل شبر من العالم لم يسجل له موقف عندما تعلق الأمر بالساحة العربية التي تعرف جرائم ضد الإنسانية بالمعنى الدقيق والصحيح حيث ارتكب النظامان التونسي والمصري فظائع في حق شعبيهما ولم يحرك الغرب ساكنا بل بدأ بالصمت ثم مر إلى البلاغات الفاترة التي تطالب النظامين بضبط النفس. وبعد وقوع الجرائم البشعة وانهيار النظامين تغيرت لهجة الغرب ، وهي لهجة توحي بأنه مشغول بالبديل عن النظامين المنهارين ولا تعنيه الجرائم ضد الإنسانية التي كان يتعقبها في كل مكان .
لقد حظي الرئيسان التونسي والمصري بالحماية فالأول وجد الملاذ في السعودية ، والثاني لا زال في منتجع شرم الشيخ وربما لا زالت صلته بالحكم قائمة خصوصا وقد شكره المجلس العسكري في أحد البلاغات وكـأنه لم يرتكب جرما في حق شعبه . فإذا كان موقف الغرب هو السكوت في البداية ، ثم المطالبة بضبط النفس ثم السكوت عن الحاكم المخلوع، فهل هذا هو الموقف المطلوب من الغرب الذي ينصب نفسه وصيا على العالم ويدعي الحرب على الجرائم ضد الإنسانية ؟ أين هي الشعارات الغربية التي تصك الآذان وتدافع عن الأقليات وتقتطع أقاليم بلدان من أجلهم بدعوى أنهم مضطهدون كما وقع في السودان؟ وبعد سكوت الغرب المخزي عن جرائم حاكمي تونس ومصر جاءت فضيحة السكوت عن جرائم حاكم ليبيا الذي جند المرتزقة الأجانب واستقدمهم من إفريقيا وأمريكا اللاتينية عبر الجو على مرأى ومسمع الغرب وربما بموافقته أو على أقل تقدير بسكوته .
وبلغ عدد الضحايا بين صفوف الشعب الليبي الأعزل الآلاف أمام عصابات النظام المسلحة بما في ذلك سلاح الجو ولم يبد الغرب أدنى قلق بل ظل يتفرج وينتظر لمن ستميل الكفة ، ولعله مشغول بالبحث عن نظام بديل يصون مصالحه كما كان يفعل القذافي الذي كان يمنع الهجرة الإفريقية إلى أوروبا عبر بوابة إيطاليا ، ويوفر للغرب البترول الليبي بأبخس سعر ، ويسوم الإسلاميين سوء العذاب من أجل سكوت الغرب عن جرائمه واستبداده وحماقاته التي لا سابق لها في التاريخ إلا في العصور الغابرة. ولقد كشفت الثورات الشعبية العربية القناع عن وجه الغرب الذميم الذي لا تعتبر الشعوب العربية في نظره جديرة بالكرامة كغيرها من شعوب العالم ، وكل ما يعنيه منها أن يتسلط عليها طغاة يحكمونها بالحديد والنار ، ويمكنون الغرب من ثرواتها ، ويتسلطون بالقهر والظلم على كل من يعادي الغرب والصهيونية . ولقد تأكدت الشعوب العربية أن عدوها اللدود هو الغرب الذي يسلط على رقابها أنظمة فاشية طاغية وظيفتها هي خدمة هذا الغرب الحاقد على الأمة العربية والطامع في خيراتها ليصنع رفاهيته ومجده وحضارته. ولقد آن الأوان لتراجع الشعوب العربية موقفها من الغرب الحاقد كما راجعت مواقفها من الحكام الفاسدين ، وسيعرف العالم وضعا جديدا تكون فيه الشعوب العربية ذات كرامة كما كانت عبر تاريخها المجيد ، ولن تكون ثروات العرب سهلة المنال بعد اليوم .
Aucun commentaire