Home»National»هلوسات رجل تعليم يشكك في شعارات الجودة مقالات في قضايا التربية والتعلم بالجهة الشرقية (7)

هلوسات رجل تعليم يشكك في شعارات الجودة مقالات في قضايا التربية والتعلم بالجهة الشرقية (7)

0
Shares
PinterestGoogle+

من ركائز الحكامة الجيدة محاسبة المسؤولين ومساءلتهم من قبل المجتمع. و لقد لمسنا في لقاء اللجنة الولائية في 25 نوفمبر انتقادات صريحة جدا من مختلف المصالح الخارجية لمدير الأكاديمية الذي قدم حصيلة اعتبرها إيجابية. فباستثناء ممثل مجلس الجهة الأستاذ مرسلي و هو نائب سابق بنيابة تاوريرت، كل المداخلات شككت في تطابق الأرقام المعروضة مع واقع التعليم بمختلف أقاليم الجهة. لأول مرة أسمع ممثلي السلطة يتكلمون بصراحة كبيرة تعكس نبض الشارع و يتجنبون لغة الخشب واسطوانة « العام زين » ويضعون الأصبع على مكمن الخلل ويحددون المسؤوليات ويقترحون الإجراء الناجع بتركيز شديد. لقد لمست شيئا من المفهوم الجديد للسلطة وحمدت الله أنني لست الوحيد من يقول إن أمور التعليم ليست على ما يرام. و قلت في نفسي: ماذا لو تقوم وزارة الداخلية بتعيين ضابط أو عامل من هؤلاء على رأس الأكاديمية ؟ الضباط أكثر انضباطا و أقل ديماغوجية !

نعم، من حق المجتمع أن يتساءل: ما هي القيمة المضافة للأكاديمية بالجهة الشرقية؟ هل تطور التعليم أم تدهور خلال العشرية الأولى من الألفية الثالثة؟  تساؤلات ما فتئت الصحافة النزيهة والأقلام الغيورة تطرحها وتحاول تلمس سبل الإقلاع بالقطاع علها تسعف القائمين على أمر التربية. و من حق المجتمع أن يسائل المسؤولين عن التعليم، لأن الدولة ترصد له ميزانيات ضخمة، ناهيك عن الشراكات الوطنية والدولية. ماذا حقق مشروع ألف؟ هل اكتفى بجمع المعطيات والتقارير وتسليمها للجهات المعلومة؟ أم تحققت فعلا مواءمة التعلمات مع الواقع ومع سوق الشغل؟ ماذا استفدنا من الشراكة مع حكومة الأندلس؟ هل تمكن تلاميذنا من إتقان اللغات وخاصة الفرنسية بعد ما فرضت فرنسا على أبنائنا مقرراتها التعجيزية؟ لماذا ينجح تلاميذ مدرسة البعث في الباكلوريا بنسبة 100% ؟ ولماذا لا تتجاوز النسبة 40 %  في باقي الثانويات؟

في بداية العشرية، كانت الأطر التعليمية تبادر وتؤسس الجمعيات وتعقد المنتديات الوطنية و الجهوية والأيام الدراسية رغم قلة الإمكانات. كانت حركية حقيقية في المجتمع الأهلي بقيادة  أصحاب الغيرة الوطنية. لم يكن يحركهم الأورو ولا الدولار ولا الطمع في المناصب العليا، بل كانت قضية مصير الأجيال هي التي تجمعهم و تعبئهم باستمرار. وكلنا يتذكر أشغال المناظرة الوطنية بنيابة وجدة حول « مستقبل التربية والتعليم » سنة 1999 بمشاركة إدريس الكتاني و مصطفى الأمراني وعبد المجيد بنمسعود. كانت الكلمات نابعة من القلب و متحرقة على موضوع التربية والتعليم باعتباره رافعة للتنمية الحقيقية، تنمية الإنسان قبل الجدران. كانت التعبئة سهلة وكان الانخراط تلقائيا من جميع نساء و رجال التعليم. كانت الهموم مشتركة و الرؤية واضحة وكانت الكفاءات العلمية والشواهد العليا والخبرة في الميدان هي الفيصل في إسناد المناصب. و كانت الأنشطة الإشعاعية لا تفتر في المؤسسات التعليمية.  لكن الأمر تغير تماما مع هبوب ريح العولمة و تعدد الشركاء وإقصاء النزهاء. فكانت المغادرة الطوعية أهم وسيلة للتخلص من دعاة مشروع الإصلاح بمفهومه الأصيل. و في دجنبر من سنة 2005، نظمت الأكاديمية نشاطا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، فحضرت وجوه غير الوجوه السابقة، وفي مقدمتهم سيدات النادي المعلوم. كان الأستاذ محمد أبو ضمير في استقبال الضيوف. سلم على الأستاذ محمد العبادي وسأله عن أحواله و عن أحوال الأستاذ محمد الحمداوي. وبعد الكلمة الترحيبية لمدير الأكاديمية السابق، تناوب على المنصة متدخلون من كلية الحقوق شددوا على المطالبة بالمرجعية الكونية وتجاوز الخصوصية الثقافية و إرساء ثقافة الحرية والتسامح، و نددوا بإحداث شعبة الدراسات الإسلامية التي أفرزت صحوة مقلقة، و استنكروا التضييق على مادة الفلسفة ! فكانت الرسالة واضحة. لاحظت الأستاذ محمد العبادي ينسحب من القاعة، ثم نظرت إلى مقعد الأستاذ عبد المجيد بنمسعود فإذا به فارغا.

من يومها، تحرك أصدقاؤنا في الخارج، وفتحوا العديد من الدكاكين الاجتماعية والتربوية والحقوقية… كانت الجمعيات تولد وفي فمها ملعقة من ذهب كما يقال. فبدأ تأطير الشباب على قيم الحداثة وحقوق الشواذ، وظهرت فرق الهيب هوب وعبدة الشيطان ، وانتشرت الميوعة في أبواب المؤسسات التعليمية و في الحرم الجامعي. وانتهى الأمر بالإفطار في رمضان ! وترقى رواد هذه الأندية في المجتمع و تقلدوا أعلى المناصب، وبقي دعاة الأخلاق و النزاهة و الحكامة في الهامش، ينددون ويشجبون ويصرخون، « منهم من قضى نحبه، ومنهم ينتظر، وما بدلوا تبديلا ». الحصيلة إذن جد إيجابية من منظور شركائنا في الضفة الشمالية للمتوسط (بيلون بوزيتيف). وهي كارثية في نظر المجتمع المغربي بكل مكوناته بالنظر إلى تزايد البطالة وتدهور مستوى المتعلمين المعرفي والأخلاقي واستقالة الآباء وعزوف الأساتذة. تحولت ساحة الأكاديمية إلى ربوة زاهية الألوان، أما تزكية الإنسان فقد طالها النسيان.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *