Home»Correspondants»نائب بريطاني يقلي الشيوخ الأميركيين في النفط

نائب بريطاني يقلي الشيوخ الأميركيين في النفط

0
Shares
PinterestGoogle+

السير سيريل تاونسيند

هذا العنوان اللافت للغاية ظهر في صحيفة « نيويورك بوست » الأميركية في الثامن عشر من مايو الحالي، عقب الظهور غير المسبوق في مبني الكونجرس الأميركي « كابيتول هيل »، لعضو البرلمان البريطاني جورج جالاوي الذي فاز بمقعد عن منطقة « بيثنال جرين آند باو »، في الانتخابات العامة التي أجريت في الخامس من مايو الحالي في بريطانيا عن حزب « نيو رسبكت » والذي كان قد اتهم بأنه قد تلقى رشاوى من الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وفي أثناء جلسة استجوابه في الكونجرس، أدت الشهادة القوية والأسلوب المتحدي الذي واجه به جالاوي محققيه، إلى تحويله إلى رمز جديد لمؤيدي الحركة المناوئة للحرب في الولايات المتحدة الأميركية

.

وكانت هناك إشارات غريبة قد صدرت عن اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي المكلفة والتي يرأسها السيناتور »نورم كولمان » الذي يعتبر من الأنصار المخلصين لسياسات إدارة بوش الكارثية في الشرق الأوسط. ويذكر أن جورج جالاوي كان قد حصل في ديسمبر 2004 على مبلغ 150 ألف جنيه إسترليني في صورة تعويضات عن دعوى القذف المرفوعة منه ضد صحيفة « الديلي تلغراف » المحافظة التي كانت قد ادعت أن السيد جالاوي تلقى أموالا من نظام صدام حسين. على هذه الخلفية القانونية كان ينبغي على اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي أن تكون أكثر حرصا وعناية في تعاملها مع جالاوي المعروف بشراسته، ولكنها لم تفعل ذلك، بل إنها لم تقم حتى بسماع ملاحظاته قبل قيامها بنشر تلك الاتهامات الخطيرة

.

ما هو أكثر مدعاة للدهشة من ذلك أن تلك اللجنة لم تقدم أي وثائق تثبت أنه قد تلقى أموالا بالفعل من صدام حسين. وقد أتاح هذا لـ »جورج الفاتن »، وهو اللقب الذي اشتهر به جورج جالاوي بسبب أناقته البالغة، وذوقه الراقي في اختيار ألوان ملابسه، وحياته العاطفية البالغة الإثارة، الفرصة كي يطلق الطلقة الأولى على اللجنة عندما قال مخاطبا رئيسها: ليس لديك شيء ضدي أيها السيناتور… ليس لديك سوى اسمي موضوعا وسط قوائم أسماء وردت إليكم من العراق، ومعظمها تم إعداده بعد تنصيب حكومتكم العميلة هناك

.

وواصل جالاوي مرافعته قائلا: »إن ما تقومون به هو لم جميع سحب الدخان. إنكم تحاولون صرف الأنظار عن الجرائم التي ارتكبتموها وعن سرقة مليارات الدولارات من ثروة العراق… ألقوا بنظرة على فضيحة النفط مقابل الغذاء الحقيقية. ألقوا بنظرة على الأربعة عشر شهرا التي كنتم فيها المسؤولين عن بغداد. تلك الأربعة عشر شهرا الأولى التي لا يعرف فيها مصير 5.5 مليار دولار من ثروة العراق فقدت أثناء توليكم المسؤولية هناك. ألقوا بنظرة إلى « هاليبيرتون » وغيرها من الشركات الأميركية الكبرى التي لم تكتف بسرقة أموال العراق، ولكنها قامت بسرقة دافعي الضرائب الأميركيين أيضا

« .

جالاوي الذي دخل مجلس العموم للمرة الأولى كعضو في البرلمان عن حزب العمال البريطاني، معروف بقدرته الهائلة على الجدل، وبأنه خطيب مفوه لا يشق له غبار. ولقد قرر الرجل أن يستغل مواجهته المتلفزة مع اللجنة الفرعية في مجلس الشيوخ الأميركي كي يسلط الضوء على نفاق أميركا ونواحي قصورها في العراق. والحقيقة أنه قام بذلك على خير وجه، واستعد جيدا بقيامه باختيار مجموعة رائعة لمقتطفات من خطب سياسية كانت قد أذيعت في وسائل الإعلام الأميركية

.

قال جالاوي أيضا: لقد قابلت صدام حسين نفس عدد المرات التي قابله إياها رامسفيلد. الفرق بيني وبينه، أن رامسفيلد قابله كي يبيعه مدافع ولكي يعطيه خرائط تساعده على التصويب الدقيق لتلك المدافع. أما أنا فقد قابلته في إطار محاولتي لوضع حد للعقوبات والمعاناة والحرب

.

وإمعانا في التأكيد على سلامة موقفه، خاطب جالاوي أعضاء اللجنة الفرعية المكونة من 7 أعضاء جمهوريين و6 ديمقراطيين، والذين كانوا قد أصبحوا الآن مرتبكين قليلا في موقفهم أمامه قائلا: لقد تبين أن كل ما قلته عن العراق كان صحيحا، وأن كل ما قلتموه كان خطأ. وكانت النتيجة أن 100 ألف إنسان فقدوا حياتهم، منهم 1.600 جندي أميركي أرسلتهم حكومتكم إلى العراق بناء على حفنة من الأكاذيب

.

وقال جالاوي إنه كان يؤمن بأنه: لو كان العالم قد استمع لكوفي عنان، الرجل الذي طالبتم بإقالته من منصبه… ولو كان العالم قد استمع إلى الرئيس شيراك الذي تريدون أن تشوهوه وتصفوه بالخائن الفاسد… لو كان العالم قد استمع لي وللحركة المناوئة للحرب في بريطانيا، لما كنا قد وصلنا إلى الوضع الكارثي الذي نجد أنفسنا فيه اليوم

.

قالت آمي كوين، منسقة حركة السلام بمعهد الدراسات السياسية الأميركي في معرض تعليقها على أداء جالاوي: لقد كان أمرا باعثا على التفاؤل أن نرى شخصا يتحدث بالحقيقة في قاعات « كابيتول هيل ». وكتب أحد المشاركين في منتديات الانترنت تحت اسم « برايان »: هذه الجلسة تعتبر في رأيي من أهم التطورات التي حدثت بشأن التورط الأميركي في العراق خلال فترة طويلة من الزمن. بيد أنني هنا وللأسف أشك في استعداد الشعب الأميركي للاهتمام بما حدث، أو القيام برد فعل يتسم بأي درجة من درجات الانفعال ضد ذلك الجو الشبيه بالأجواء التي كانت سائدة أيام لجنة السيناتور مكارثي في خمسينيات القرن الماضي، والتي حاول السيناتور كولمان وزملاؤه إشاعتها أثناء هذه الجلسات

.

لمدة عشر سنوات كنت كثيرا ما ألتقي بالسيد جالاوي في مجلس العموم، وكنت أوافقه على الكثير من دواعي قلقه بشأن الشرق الأوسط. بيد أنه يتعين عليَّ أيضا أن أضيف أنه على الرغم من أن الرجل يتمتع بالعديد من المواهب السياسية، إلا أن حس « التقدير السياسي » ليس من ضمن هذه المواهب. ففي عام 1994 احتل السيد جالاوي صدارة الأنباء عندما ظهر في بغداد على شاشة التلفزيون العراقي، وألقى بخطاب طويل أمام الرئيس صدام حسين وكبار مساعديه قال فيه: »سيدي، إنني أحيي شجاعتك، وقوتك، ومثابرتك، وأريدك أن تعرف يا سيدي أننا معك حتى النصر… حتى القدس

« .

في أكتوبر 2003، طُرد جورج جالاوي من حزب العمال، بعد أن قام باتهام توني بلير وبوش بأنهما « تصرفا كالذئاب » عندما قاما بغزو العراق. وسيكون من الحصافة، أن ننتظر قليلا حتى نرى المحصلة النهائية للقضية المرفوعة ضد السيد جالاوي، قبل أن نصل إلى استنتاجاتنا النهائية في هذا الخصوص

.

*

نقلا عن جريدة « الاتحاد » الإماراتية

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *