عبادة الحج لم يعد المسلمون يستطيعون إليها سبيلا بسبب كثرة المرتزقين بها
من المعلوم أن دين الإسلام يقوم على أركان خمسة بعضها يسير سهل لا يرتبط بشرط من الشروط كركني الشهادتين والصلاة عند بلوغ سن التكليف ، وبعضها مشروط لصعوبته كما هو حال ركن الصوم الذي قد يسقط على البعض في بعض الحالات فيؤجل أداؤه إلى حين أو يعوض بفدية ، وبعضها تشترط فيه الاستطاعة المادية دون الاستطاعة البدنية كركن الزكاة ، وبعضها تشترط فيه الاستطاعة بنوعيها المادية والبدنية كركن الحج. وقد راعى الله عز وجل قدرة خلقه وظروفهم حين افترض عليهم هذه الأركان لهذا جاءت متدرجة من اليسر إلى العسر.
ومن المعلوم أن أكثر الأركان عسرا هو ركن الحج لهذا قال الله عز وجل : (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) ولم يصرح بشرط الاستطاعة في باقي الأركان كما صرح به في ركن الحج. وبالرغم من وجود شرط الاستطاعة المادية والبدنية فقد أمر الله عز وجل بهذا الركن في قوله تعالى : (( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق )) والفج العميق كل مكان بعيد في هذا العالم ، ومجيء الراجل منه والراكب على الضامر إلى مكة المكرمة يفرض علينا الوقوف عند شرط الاستطاعة في الآية السابقة ،فالراجل القادم من الفج العميق لا يشمله هذا الشرط وإلا لما أمر الله تعالى أن يدعى ويؤذن له بالحج وكذلك راكب الضامر وفي ذلك كناية عن طول المسافة التي تجعل الراحلة ضامرة . وبناء على هذا يكون الحج واجبا على كل راجل وكل راكب ضامر من كل فج عميق يستطيع الوصول بما يكفيه من زاد .
ولقد كان الناس في عصور ما قبل وسائل النقل الحديثة الطائرة في الأجواء والماخرة للعباب والطاوية للبر يحجون راجلين وراكبين الضامر ولم تكن كلفة حجهم تصل كلفة الحج في يومنا هذا . لقد كان من المفروض وقد كثرت وسائل النقل وتطورت أن تنخفض كلفة أداء مناسك الحج ، ولكن مع الأسف الشديد كل موسم تتضاعف الكلفة أضعافا كثيرة حتى صار ركن الحج في حكم المستحيل وكاد هذا الركن أن يسقط من دين الإسلام بسبب ارتزاق البعض به مما جعل كلفته تجعل معظم المسلمين دون الاستطاعة. ومن الغريب أن تسير الرحلات السياحية إلى أبعد أقطار الدنيا وهي رحلات سياحة جنسية ورحلات لعب ولهو بتكلفة أقل بكثير من تكلفة السفر إلى الديار المقدسة مما يؤكد أن وراء غلاء تكاليف الحج نوايا خبيثة تريد صد الناس عن هذه العبادة عن سبق إصرار وبأساليب المكر سواء تعلق الأمر بما يسمى قرعة ، أو تعلق الأمر بمضاربات شركات النقل والإيواء ، والكل يرتزق بالركن الخامس من أركان الإسلام، وهؤلاء يشملهم قول الله تعالى : (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم )) وأي ظلم أكبر من منع الناس من الحج إلى أول بيت وضع للناس كافة عن طريق العراقيل كإجراءات القرعة وغيرها ؟ وعن طريق المضاربات في أثمان الأسفار والإيواء ؟ وأي سعي في خراب بيت الله الحرام أكثر من منع خلق الله منه ، و استحالة وصول ضيوف الرحمان إلى ضيافة ربهم عز وجل ؟
إن السماسرة الذين يرتزقون بالركن الخامس يعيشون الخوف المنصوص عليه في الآية الكريمة وهو خوف على المال الحرام الذي يجمعونه بارتزاقهم بهذا الركن ، ولهم الخزي في الدنيا ولهم العذاب العظيم في الآخرة . إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الذين حرموا من أداء الركن الخامس كلما حان موعد الحج تنتابهم الآلام ويذرفون الدموع وحالهم كحال من قال فيهم الله عز وجل : (( الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون )) إن هؤلاء وهم سواد المسلمين في كل بقاع العالم وفي كل فج عميق يضرعون إلى الله عز وجل في يوم عرفة أن يزيد من أغلى عليهم تكاليف الحج وشق عليهم بالعراقيل من قرعة وغيرها من الذرائع الواهية أن يزيده خوفا على خوف وأن يزيده خزيا على خزي في حياته ، وأن يزيده عذابا فوق العذاب يوم القيامة وما الله بغافل عما يفعل الظالمون .
1 Comment
لا تخلط القرعة بتكاليف الحج يا أخي فالقرعة قائمة على فتوى شرعية إن كنت تطعن فيها فافصح عن ذلك