الحرب الأهلية الفلسطينية ..؟؟!
في الصورة الفلسطينية اليوم هناك نوع من التحايل على الشعب ،لا يدخر المسئولون الفلسطينيون جهدا في تلفيق بعض الأوهام التي تتبدد مع صعوبة الواقع ، يحاولون بكل ألفاظ السياسة البراقة ، وبكل اساليب المراوغة السياسية أن يوهموا بأنهم بمنئى عن الحرب الأهلية ، ولن يصل بهم الحد إلى ارتكاب هذه الحماقة في تعبيرهم ، بالطبع إذا ما كنا جزئا من الواقع اليومي ستكون لنا نظرة مخالفة له ، وسنسلم بحرب أهلية طاغية على المشهد السياسي ، ولا تنفع تبريرات هؤلاء المسئولين الملفقة سلفا في شيء .
ونحن عندما نقول أن الساحة الفلسطينية اليوم تشهد حربا أهلية، فلسنا مطالبين أو بالا حرى ليس المطلوب هو أن تتجاوز أعمال العنف الخطوط ما بعد الحمراء ، إن كانت هناك خطوط بالأصل لكي ننعت هذا المشهد بالحرب الأهلية يكفينا علما بهذا الاختطاف الجاري في كلا الفصيلين المتنازعين ، والقتل المستشري بينهما .. واعتقد أن هذه سمات رئيسية لنعت أي مشهد ما في أي بلد بالحرب الأهلية .
ولطالما طمئنا أنفسنا أن الوضع الفلسطيني لا يتعدى أن يكون اختلاف كتلتين أحداهما تمثل الرئاسة ، وأخرى تمثل رئاسة الوزراء ، على برنامج سياسي ولكن نكون واهمين تماما إن حصرنا أو تغافلنا على هاجس السلطة الذي أصبح يشغل بال كل فصيل، ولا يهنئ بال احدهم حتى يصل إلى السلطة بأي طريقة من الطرق ، ولعل طريقة الاحتكام إلى البندقية كان أخر ما جاد به فكر الساسة هناك . . للأسف تزامن هذا الوضع العسكري الحذر ، مع تفاقم الحصار على الشعب الفلسطيني ، والذي يتوافق أيضا مع أهداف الاحتلال الذي ينهج سياسة الفصل العنصري مستغلا أوضاع كهذه ، تغيب فيها وسائل الإعلام وتنتقل لنقل المسرحية الداخلية ، ويكون بذلك حصاد الفلسطينيين وفيرا جدا .. بعدما ضربوا بقضيتهم الأساسية بعرض الحائط. ولست متفائلا بنظرة الشعوب العربية التي كانت ترى من قبل أن الفلسطيني هو رمز الكفاح، والنضال وتعتز أن الفلسطينيين ينتمون إلى هذا الصرح العربي ، بل هناك منهم من كان يكذب كل أشكال الخيانة التي خاضها بعض الفلسطينيين ن لكن مع هذه الأحداث الجارية أصبح كل شيء متغير والنظرة بدأت تختلف بعد إجماع ساد لعقود .
وإذا كان الشعب الفلسطيني في فترة من الفترات قد عانى من مظهر مشابه إبان زمن فرق الموت التي صفت المئات من أبناء الشعب الفلسطيني ، قد تجاوزها هذا الشعب بقوة إيمانه بقضيته المصيرية ، فأنا اليوم في الحقيقة لا افهم رغبة هؤلاء في إعادة كتابة السيناريو ، وتمثيل القصة من جديد ، هل لأنهم يفتقدون إلى التجربة وينقصهم حس اخذ العبر ؟ كيف ذلك وهم الذين يفترض بهم أن يكونوا قدوة لشعب علمته سنوات الاحتلال الكثير .. بلا شك أن استمرارية هذا القتال العنيف يحقق أهداف الاحتلال التي عجز عليها لعقود ، وضخ الأموال وصرف على العملاء دون جدوى إلى أن أتت هذه الفرصة التي لم يقدم فيها أي مجهود يذكر، و شكل له المناخ المناسب لممارسة سياسته المعروفة ، حتى أن الأرقام التي سمعنا بها تفيد أن قتلى الفصيلين ( فتح – حماس ) فيما بينهم يتعدى الشهداء الذين سقطوا على يد الاحتلال في نفس الوقت !!
أين الحل إذن ؟ هل يكمن في إجراء انتخابات مبكرة كما دعا إليها أبو مازن ؟ أم تشكيل حكومة وحدة وطنية ؟ ظاهريا ومنطقيا حتى فان حلا من هذين الحلين هو القابل للتفعيل ولا مناص من حل من بين اثنين …
إذا افترضنا أن دعوة أبو مازن لإجراء انتخابات مبكرة تحمل نوعا من المنطق ، وسط انسداد الأفاق والمخارج من هذه الأزمة فان الانتخابات يعتبرها الطرف الأخر انقلابا على الشرعية والدستور ، ولا تتمتع بإجماع وطني ، وحتى الدعم الدولي لهذه الفكرة يبقى ضعيفا ، ولنعتبر أن حماس قد فازت في هذه الانتخابات من جديد ، هل سيضرب حصار جديد عليها ؟ كما تم التعامل مع الحكومة التي شكلتها ، وقد اتهمت حماس بأنها كانت وراء تعطيل الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني ، وتسببت في مجاعته وانسداد معابر عدة .. وكان قبل وصول حماس كان كل شيء بخير وفلسطين حرة !! أبدا فالفلسطينيون يعانون بحماس أو بدونها ولا أريد أن يفهم كلامي على أني أدافع على حماس، ولكن هذا هو منطق الواقع ، وما يوجد على الساحة صحيح أن حماس متشددة في بعض المواقف التي يعزى إليها قطع الدعم الدولي عليها ولكن هذه تبقى مبررات أيضا لخلق مشهد كالذي نراه اليوم .
وفي اعتقادي أن أقرب الحلول إلى البلورة ، وإمكانية التطبيق هو الحل الثاني السابق ذكره المتجلي في تشكيل حكومة وحدة وطنية ترعى مصالح الشعب الفلسطيني التي هي في الأخير حكومة مملوكة له وليست مالكة له .
Aucun commentaire