لقد باتت الحاجة ماسة إلى إشراك كل الفعاليات في تقرير مصير المنظومة التربوية ببلادنا
إن حقيقة إشراك كل الفعاليات في صنع قرار مصير المنظومة التربوية لا تكمن فيما سمي ميثاقا وطنيا للتربية والتكوين والذي هو عبارة عن نصوص وضعها فريق من صناع قرار المنظومة لا يمكن الجزم بتمثيليته لكل الفعاليات المعنية بقطاع التربية بل هي تمثيلية نخبوية إذا شئنا دقة التعبير وصدق القول. وما دام الشأن التربوي يعني الأمة بكل شرائحها فلا بد أن تكون الأمة برمتها مشاركة ومنخرطة في تقرير مصير هذا الشأن . ولئن كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين يعكس في ديباجته طموحات واقعية وقابلة للتنزيل فإن تنزيله في الواقع جعل من هذه الطموحات محض خيال ووهم مما جعل عشرية الإصلاح التي نص عليها الميثاق نافقة وبدون بوادر أمل تلوح في الآفاق المسدودة .
ولا زال تنزيل الميثاق من خلال ما سمي المخطط الاستعجالي مجرد طموحات وهمية من خلال مؤشرات الواقع المؤسف . لقد صرفت المبالغ الوازنة على إصلاح المنظومة دون أن يلوح في الأفق مجرد بصيص أمل فما السر وراء ذلك ؟ولئن كان الميثاق في ديباجته طموحا ، وكان المخطط الاستعجالي سخيا بما رصد له من مال فإن العنصر البشري دون مستوى طموح الميثاق وسخاء المخطط الاستعجالي . لقد وجد البشر الحامل لفيروس التخريب والتدمير في سخاء المخطط الاستعجالي فرصة للنهب والسلب مع التمويه على هذا السلب والنهب بضجة إعلامية غير مسبوقة في تاريخ المنظومة . فلو تأملنا ترسانة النصوص التنظيمية المصاحبة للمخطط الاستعجالي لذهلنا ، ولو قارنا هذه الترسانة بالنتائج المحقق على أرض الواقع لصعقنا .إن صبيب المال الهائل من أجل تنزيل الميثاق وإصلاح المنظومة المستعجل جاء والترسانة البشرية الموكول إليها الشأن التربوي موبوءة بداء النهب والسلب. ولقد كان من المفروض قبل التفكير في صب صبيب المال المخصص لإصلاح المنظومة انتقاء العنصر البشري الأمين الحريص على مال الأمة . وأنا أتحدى من يحاول تبرئة ساحة العنصر البشري الذي وضع صبيب مال إصلاح المنظومة رهن إشارته أن يقف مع الأصوات المنادية بالافتحاص من طرف جهات نزيهة أمينة تخشى الله عز وجل . فلو قدر لمثل هذا الافتحاص أن يكون وما أظنه كائنا أبدا إلا أن يشاء الله الذي لا راد لمشيئته لكشف لنا عن غرائب تشيب لها نواصي الولدان .
إن مجرد إعادة إحصاء ممتلكات من لهم علاقة بصبيب مال إصلاح المنظومة قبل وبعد احتكاكهم بهذا الصبيب كاف للحكم على فساد العنصر البشري بشكل فاضح وصارخ . على الجهات المفتحصة أن تراجع أرصدة وممتلكات من غادر من الذين أوكلت لهم مهام تدبير شأن النيابات والأكاديميات خلال عشرية الإصلاح ورباعية الاستعجال سواء من الذين سرحوا السراح الجميل أو السراح القبيح أو من الذين أقعدتهم أعمارهم ومقارنتها برواتبهم وتعويضاتهم الحقيقية للوقوف على الفوارق بين الرواتب والمستحقات من جهة وبين المسروقات والمال المغلول . إن بعض ممتلكات المسؤولين عن تدبير الشأن النيابي والأكاديمي يشي حالها بالسرقة الموصوفة إذ كيف استطاعوا برواتبهم والجميع يعلم رواتب موظفي وزارة التعليم بقضها وقضيضها أن يملكوا قصورا وجنات ونعيم ومراكب تدفع بأربع ، وأرصدة وحسابات لو عدت سنين أعمار أصحابها بالقرون لفاقتها .
وأقترح على لجان الافتحاص إن قدر لها أن توجد وما أظنها ستوجد أبدا متشائما ويائسا أن تكتفي بمجرد دخول بعض بيوت هؤلاء لترى أموال وزارة التربية التي لم تنفق على التربية و إنما أنفقت على المصالح الشخصية . وأكثر من ذلك يكفي مجرد زيارة بيت موظف بسيط له علاقة بمن يدبرون الشأن التربوي محليا وجهويا ليرى عجبا ، وقد تنطق المسروقات بلسان حالها ومنها ما يحمل علامات مقتنيات الوزارة الوصية على قطاع التربية . لقد نهب الناهبون ولا زالوا ينهبون ،ولا زال الطامعون يحلمون بالالتحاق بعصابات الناهبين ولا حساب ولا عقاب .
إن الناهبين مال الأمة من الذين استأمنوا على قطاع التربية من المتقاعدين والمسرحين يدخلون بيوتهم وتقع أعينهم على المسروقات ولا تتحرك ضمائرهم لأنهم تولوا المسؤولية بلا ضمائر، وسيضطرون إلى تأنيب الضمائر التي سيسترجعونها بعد فوات الأوان عندما ينقلون إلى قاعات الإنعاش ويقولون ربنا لولا أخرتنا إلى أجل قريب لنرد المسروقات فيقال لهم كلا بل ستطوقونها بعد رحيلكم المخزي عن هذه الحياة. وسيكون عذابهم بالمسروقات على قدر تمتعهم بها في حياتهم وويل لمن كثرة متعه ومسروقاته . وأخيرا أقول لقد باتت الحاجة ماسة إلى إشراك كل الفعاليات في تقرير مصير المنظومة التربوية من خلال تخليقها عن طريق البث في سيرة عنصرها البشري قبل أن توكل إليه المسؤوليات. ليس من المعقول أن يوضع مصير المنظومة في كف عفريت من خلال تمكين العنصر البشري الموبوء بداء النهب والسلب من المنظومة ومالها .
ليس من المعقول أن توفر الأحزاب السياسية الغطاء للعنصر البشري المحترف للنهب والسلب طبيعة وجبلة للنيل من المنظومة وصبيب مالها. ليس من المعقول أن يغير الطامعون في النهب جلودهم الحزبية ، وأحزابهم على علم بذلك ومع ذلك توفر لهم الغطاء من أجل الوصول إلى المسروقات من مال الأمة الحرام . ليس من المعقول أن تنهب الأحزاب من المال المرصود لقطاع التربية بواسطة من توفر لهم الغطاء للوصول إلى مناصب تدبير شـأن المنظومة محليا وجهويا ومركزيا وتجعلهم سماسرتها لنهب مال الأمة .
لقد حان الأوان لاستشارة كل فعاليات قطاع التربية قبل تكليف من يترشح لتحمل مسؤولية تدبير الشأن التربوي عن طريق الاقتراع الشفاف والديمقراطي والنزيه . فلا يكفي أن يتقدم للترشيح الراغبون في تدبير الشأن التربوية بل لا بد من تزكيتهم والشهادة على حسن سيرتهم بإجماع الفعاليات المعنية بقطاع التربية من أجل قطع الطريق على أطماع الطامعين في مال المنظومة ليس غير . فكم من طامع يشي لعابه السائل بشكل فاضح بطمعه ومع ذلك لا يستحيي ولا يخجل من الترشح المتكرر لمنصب تدبير الشأن التربوية والتزلف للناهبين من المسؤولين من أجل اللحاق بهم وبعمله المشين ، وكل همه أن يصل إلى ما وصل إليه المختلسون ، ولا يخجل من ادعاء النزاهة والجدية ، ولا يخجل من اتهام غيره بالتقصير وعليه يصدق قول القائل: » المبالغة في ادعاء الحرص على الأمانة دليل واضح على الخيانة » . إن أفضل وسيلة لتخليص المنظومة التربوية من الانهيار الشامل هو استئصال شأفة الطامعين والناهبين على حد سواء من خلال شفافية الانتقاء الديمقراطي الشفاف الذي يعتمد إلى جانب الكفاءات النزاهة وحسن السيرة وحسن الخلق . وإنه لمن العار أن يتولى مسؤولية قطاع التربية من علق بهم الشنار وساءت أخلاقهم ، ولا تعطى المسؤولية في ديننا الحنيف لمن لا خلاق له . ولا تعطى المسؤولية في ديننا لمن يرغب فيها ويطلبها ويستجديها ويريق ماء الوجه من أجل الحصول عليها…………. «
3 Comments
السلام عليكم
بما انك تعرف ان هؤلاءالمسؤولين كانوا ينهبون اموال وزارة التربية الوطنية فلماذا لم ترفع دعوى قضائية عليهم ؟؟؟؟
أشكرك أخي لإثارتك هذا الموضوع الذي حرك في مشاعر الغبن الدفينة كورم خبيث ظل يمزق كياني لمدة 25 سنة منذ أن اخترت مهنة التدريس عن حب وطواعية لأني أهواها حتى النخاع ، ربع قرن بنفس المدينة بنفس المؤسسة بنفس القاعة « 23 » لنفس المادة « مادة علوم الحياة والأرض » ماذا تغير بين الأمس واليوم؟ لاشيء سوى عدد التلاميذ الذي قفز من 600 إلى 1800 تلميذ وظروف الاشتغال أصبحت شبه منعدمة ، خلال 25 سنة لم يتم تجديد ولا إصلاح ولا تزويد المؤسسة بوسائل تعليمية حقيقية ، وما يسمى بالمختبر هو مجرد خزان للمتلاشيات التي وردت في صفقات مشبوهة Super8 في عالم الرقميات مع أفلام تجلب سخرية تلامذتنا لنا وصور شفافة لمقررات لم تعد تدرس …
وقد نتحمل سخرية التلاميذ لأنهم كيفما كان الحال يعبرون عن تخلف المؤسسات التعليمية عن الركب الحضاري ولكن السخرية والاستبلاد هو ما نلقاه من مسؤولينا حيث يطلب منا تحديد الحاجيات في نهاية السنة لنفاجأ في بداية السنة الموالية بمقتنيات لا محل لها من الاعراب ، تشبه ما كانت تحمله لنا الجدة عند عودتها من زيارة أحد الأولياء شيء من الحمص والقاوقاو والزبيب والحلويات المزكرشة بأتربة الأسواق…, إنهم يطبقون في حقنا المثال الشعبي القائل في المرأة » شورها وماديرش بريها » مع كل احتراماتي للمرأة ، وحين نستفسر حول الأمر يقال أنه مشكل ميزانية ، عن أي ميزانية يتكلمون ؟ المؤسسة خصصت لها ميزانية لإصلاح في التسعينات تقدر ب 180 مليون سنتم وفي سنة 2009 رصدت لها ميزانية ترميم تقدر ب 120 مليون سنتم كل هذا يا إخواني ومختبر العلوم لا يتوفر على مجهر واد ولا مكبرات زوجية ولا أنابيب اختبار … ماذا سيستفيذ التلميذ من صباغة جدران وتزفيت لأسقف سرعان ما تكشف الأمطار عن هشاشتها لترصد لها ميزانية أخرى وتبقى دار لقمان على حالها ، وترحل ألأفواج تلو الأفوج من التلاميذ لم تلمس يدها يوما مجهرا ولم تنجز تجربة بل ضلت بكراسيها ملتصقة
إنها كتاتيب وأي كتاتيب ؟ …
لا إصلاح بدون إشراك رجال التعليم » هما لي راهم فباب الفرنة »
L’article de M. Chergui n’est pas un point de vue personnel, c(est celui de’une grande majorité silencieuse; il ne dit que la vérité, une vérité blessante! Alors au lieu de le critiquer il faut le remercier et le féliciter pour son courage et son sens de la responsabilité.